تعرف تحاليل ما قبل الزواج نوعا من الإهمال من طرف بعض المقبلين عليه ممن يستخفون بأهميتها, حيث يكتفون بملء الاستمارة عند طبيب من المعارف دون إجراء تحاليل ليزيد غياب هيئات المراقبة التي تقوم بدراسة النتائج والتقارير الطبية على مستوى مصالح البلديات من التجاوزات التي لا تصب في صالح ممارسها. نص قانون الأسرة في تعديله الأخير بالقسم المتعلق بالزواج أن على طالبي هذا الأخير أن يقدما وثيقة طبية لا يزيد تاريخها عن ثلاثة أشهر تثبت خلوهما من أي مرض أو أي عامل قد يشكل خطرا يتعارض مع الزواج, كما يتعين على الموثق أو ضابط الحالة المدنية أن يتأكد قبل تحرير عقد الزواج من خضوع الطرفين للفحوصات الطبية وبعلمهما بما قد تكشف عنه من أمراض قد تشكل خطرا يتعارض مع الزواج ويؤشر بذلك في عقد الزواج, إلا أن هذه المادة القانونية يبدو أنها صارت حبرا على ورق, خاصة لما نسمع عن شهادات ملئت من طرف أطباء دون فحص في ظل غياب آليات المراقبة. يعد الفحص الطبي للزوجين أحد الخطوات التي يجب الخضوع لها قبل إجراء العقد المدني, ورغم أهمية هذا الفحص الذي أوجبه قانون الأسرة بهدف تفادي كل الأمراض المتنقلة جنسيا أو حتى بعض الأمراض الوراثية التي يمكن أن تنتقل من الآباء إلى الأبناء, إلا أن العديد من المقبلين من الزواج يستثقلونه ويستخفون به وأحيانا يظنون أنه إجراء لا أهمية له, ولولا أنه مفروض قانونا لاستخراج عقد الزواج لما قاموا به أصلا. اقتربنا من بعض المقبلين على الزواج لنقف عند آرائهم بخصوص هذا الفحص ومدى التزامهم وإدراكهم بأهميته, فترواحت إجاباتهم بين مؤيد للأمر وناقد له, في حين أكد البعض أنهم يحصلون على استمارات فحص ما قبل الزواج دون الخضوع له, حيث يظن الكثيرون أنهم سليمون ولا يعانون من أي مرض من شأنه أن يمنعهم من الزواج, حيث تقول نسيمة إحدى المقبلات على الزواج: «أنا متأكدة أنني سليمة من أي مرض, كما أني لا أعتقد أن زوجي يعاني من أي مرض, لذا استثقل كثيرا هذه التحاليل «, أما أخريات فلم ينكرن أنهن خشين أن يكن مصابات بأمراض قد تعرقل زواجهن ما جعلهن يخفن كثيرا بقروب موعد تحليل ما قبل الزواج, وفي هذا الصدد تقول سهام أنها تأثرت كثيرا بالموقف الذي تعرضت له إحدى صديقاتها التي أثبتت تحليل ما قبل زواجها أن مرضها الجلدي يمكن أن يعدي زوجها ما جعله يقرر توقيف إجراءات الزواج والبحث عن غيرها, في حين تؤكد هي أنها ما كانت لتتخذ نفس القرار لو كان هو المصاب, هذا وأشار بعض من كان لهم حديث في الموضوع أنهم يعرفون الكثير ممن توقف مشروع زواجهم بسبب تحاليل ما قبل الزواج, في حين يؤكد آخرون أنهم تزوجوا دون الخضوع لتلك الفحوصات ويكفي أن تملأ الشهادة الطبية من قبل طبيب يعرفونه أو حتى تستكمل على مستوى مصالح عقود الزواج قبل إيداع الملف كونها هي من تمنح استمارة الفحص التي يجب ملؤها, وهو ما أكدته كريمة بدورها والتي تقول أنها لم تخضع وزوجها لأي تحليل طبي قبل الزواج, بل ذهبا إلى طبيب يعرف زوجها ملأ لهما تلك الشهادة الطبية التي تثبت سلامة كل واحد من أي مانع من الزواج, وعن هذه التصرفات ترجعها حميدة إحدى من حرصن على الالتزام بفحص ما قبل الزواج إلى غياب الثقافة الصحية في أوساط الشباب. هذا ويقول الدكتور الشريف, طبيب عام أن الهدف من وراء تلك الفحوصات هو التقليل من انتشار الأمراض المستعصية أهمها السيدا وبعض الأمراض الأخرى المتنقلة عن طريق الجنس أو التي يمكن أن تنتقل إلى الجنين من أمه أثناء فترة الحمل أو الولادة أو حتى بعض الأمراض الجلدية وغيرها من الأمراض الخطيرة التي يمكن أن تخفى خطورتها على أحد الزوجين, وقد تؤثر على العلاقة بينهما نظرا لكونها معدية من جهة وتهدد صحتهم وصحة ذريتهم لعدة أجيال من جهة أخرى بما في ذلك بعض أمراض الكلى والكبد مما يتطلب الوقاية والعلاج بالنسبة للطرف المصاب. تحاليل ما قبل الزواج لا تعني تعطيله أو توقيفه وبشأن تلك المخاوف السائدة عند البعض يقول: «تحليل ما قبل الزواج لا يعني بالضرورة الوقوف في وجه الزواج, إذ يبقى قرار الارتباط من عدمه في حال ثبوت أي مرض رهن قرار كلا الطرفين, إذ أن هذا الكشف نوع من الصراحة التي يجب أن تكون متوفرة قبل الزواج على اعتبار أن الأمر يتعلق بصحة وحياة الشريك». ويشير محدثنا في نفس السياق أن هذه التحاليل من شأنها أن تكتشف المرض مبكرا وبالتالي تزيد فرصة شفائه, أما عن الشهادات الطبية المقدمة دون تحاليل, فهو يعتبرها نوع من التزوير الذي يجب أن يعاقب عليه القانون في حين ينصح المقبلين على الزواج بضرورة الالتزام بالفحص السريري لكونه يصب في مصلحة كل طرف. غياب هيئة مراقبة سهل التجاوزات هي نقطة مهمة أرجع إليها محدثنا عدم التزام المقبلين على الزواج بالفحص, حيث يقول في هذا الجانب أن ما دعم هذا الإهمال هو عدم وجود مصالح أو هيئات على مستوى البلديات تكون مختصة تقوم بدراسة طلبات عقد القران بما فيها نتائج التحاليل الطبية مما سيعمل على القضاء على كل تلك التجاوزات.