العيادة الطبية أصبحت محطة ضرورية - في أغلب الحالات - لعرسان 2008 قبل الوصول إلى البلدية.. بعد أن أصبحت الفحوصات الطبية ركنا من أركان عقد الزواج، ولكن ماذا لو كشفت هذه الفحوصات عن أمراض خطيرة أو أسباب صحية تحول دون اقتران العروسين.. توقعات واحتمالات دفعت بالبعض لشراء الفحوصات الإيجابية من أطباء ومخبريين بأسعار مرتفعة وحتى بالعملة الصعبة! * تكتظ قاعات الانتظار للعيادات الطبية بأزواج المستقبل من أجل الظفر بموعد لإجراء التحاليل والفحوصات الطبية الخاصة بالعرسان بعد أن عزف الكثير منهم عن التوجه للمستشفيات نتيجة الطوابير اللامنتهية وتفشي المحسوبية، حيث يقول سيد احمد، 31 سنة، التقيناه بعيادة طبية خاصة بالقبة "لو يطلب مني الطبيب بالعيادة دفع 10 آلاف دج من أجل الفحص لدفعته.. المهم أن أنتهي من هذه التحاليل ولا أبقى أتخبط في كابوس الطوابير بالمستشفيات.."، في حين أوضحت لنا (نسيمة. و) مختصة مخبرية في مستشفى نفيسة حمود بحسين داي "نستقبل أسبوعيا حوالي 50 زوجا قصد إجراء التحاليل الطبية قبل الزواج ولكن نتيجة لقلة الإمكانات المخبرية فإننا نبرمج عشرين فقط لكل أسبوع في حين نؤجل الأزواج المتبقيين للأسابيع المقبلة"، وهذا التأجيل المستمر يدفع ببعض الأزواج للجوء إلى العيادات والمخابر الخاصة قصد القيام بالتحاليل الطبية وإتمام عقد الزواج بسرعة وإن كان يدفع مقابل ذلك مبلغ 600 دج للتحليل الطبي الواحد، في حين يدفع مبلغا رمزيا في المستشفى قدره 35 دج. * * وأغلب من التقيناهم بالعيادات الطبية في جولتنا الاستطلاعية هم أزواج شباب بدت ملامح الخوف واضحة على وجوهم. وعن هذا الخوف استرسلت (آنية)، 25 سنة، في الحديث مع خطيبها "هل سيتحطم مشروع زواجنا ونلغي كل شيء إن لم تكن نتيجة التحليل في صالحنا..؟" تخوف زادت حدته عند موسى وراضية إذ تجمعهما قرابة عائلية ومقبلين على الزواج، حيث كشفت لنا راضية "خطيبي موسى هو ابن عمي ومصاب بمرض وراثي في الصفائح الدموية ومن المحتمل أن أكون حاملة لنفس المرض وهذا يعني أن نحطم أحلامنا بأيدينا وننهي قصتنا العاطفية بإرادتنا" وأضافت "ولكن مهما كانت النتيجة فإنني قررت أن لا أتخلى عنه وأن نكمل زواجنا.. ولكن لا ننجب أطفالا مخافة أن يولدوا مصابين بالمرض". * * من 2000 دج إلى 5000 دج.. أطباء يتاجرون بحياة أسر المستقبل * * خيار موسى وراضية بالتضحية بنعمة الإنجاب والأولاد مقابل بقائهم مع بعض وإتمام مشروع الزواج خيار وصفه من كان في العيادة بالقرار الشجاع إلا أن فئة أخرى من الأزواج يفضلون تطبيق قاعدة الهروب إلى الأمام وعدم مواجهة الواقع، حيث يلجأ بعض الأزواج إلى دفع مبالغ تفوق مرتين ثمن إجراء التحاليل في العيادة الطبية الخاصة ولكن هي تحاليل طبية على بياض أي دون خضوع الزوجين لأي تحليل طبي أو فحص ودون أخذ عينات من دمهم، وبالمقابل يحصلان على كشف التحاليل الطبية بنتائج إيجابية تسمح لهم بالاقتران. * * نسيم جزائري متحصل على الجنسية الفرنسية وبعد أكثر من عشر سنوات عاشها في عاصمة الجن والإنس بباريس قرر أن يعود للوطن من أجل الزواج ببنت بلاده -على حد تعبيره- إلا أنه لجأ إلى شراء كشف تحليل طبي من عيادة طبية خاصة في شرق العاصمة مقابل 5000 دج رغم أن زوجته خضعت لفحص طبي حقيقي وكان كل شيء على ما يرام. وبرر سفيان صديق نسيم الحميم لجوء هذا الأخير لشراء فحوصاته الطبية خوفا من أن يكون مصابا بمرض جنسي خاصة وأنه عاشر عشرات النساء في المهجر في إطار غير شرعي. * * أما محمد، 33 سنة، فاشترى كشف التحاليل الطبية له ولزوجته ب 4000 دج أي 2000 دج للواحد "هذا ركن مبتدع في الزواج ولن أبني زواجي وأسرتي على بدعة.. أنا مضطر أن أشتري الفحوص الطبية لأنهم لن يعقدوا قراني في البلدية دون إظهار كشف الفحوص الطبية". * * * تحاليل طبية بالأورو من عيادة جزائرية لزوج في إسبانيا * * تتعدد الحجج والمبررات التي يصوغها هؤلاء الأزواج الذين يلجؤون لشراء كشف التحاليل الطبية من عند أطباء بل سماسرة وتجار لا يهمهم إلا المال خاصة إن كان من العملة الصعبة، حيث لجأ طبيب بعيادة خاصة لقبض مبلغ بالأورو مقابل كشف فحوصات طبية لزوجين سيقيمان في إسبانيا. وتعود تفاصيل هذه الحادثة إلى نهاية شهر ماي المنقضي حين قرر محمد، 37 سنة، مقيم في إسبانيا منذ 16 سنة أن يتزوج من إحدى قريباته بالجزائر ولكن دون أن يسافر إلى الجزائر أو يقيم عرسا ولا عقد زواج ببلاده بسبب مشاغله الكثيرة في إسبانيا إلا أن اشتراط والد العروس حضور الزوج وأن يعقد على ابنته بأرض الوطن قبل أخذها إلى إسبانيا ألزم محمد الحضور إلى الجزائر ليوم واحد من أجل التوقيع في البلدية على عقد الزواج وحضور حفل الزفاف بطريقة شكلية، كما كلف محمد شقيقه الأصغر بتحضير جميع الوثائق اللازمة والإجراءات القانونية، هذا الأخير قال "مشاغل أخي في إسبانيا كثيرة فهو رجل أعمال وليس بإمكانه أن يهدر وقته في البلدية أو في العيادة الطبية من اجل تلك التحاليل.. * فطلب مني أن أكمل جميع الإجراءات بسرعة البرق حتى أنني اشتريت كشف الفحوصات الطبية بالأورو من عيادة طبية بالعاصمة.. ولو كان لي متسع من الوقت لأحضرته مجانا".