تعتبر اختبارات ما قبل الزواج الطبية آخر إجراء يقوم به المقبلون على الزواج في الجزائر بعد إعلان الخطبة الرسمية، واستكمال كافة التحضيرات والاستعدادات الخاصة بالزواج، بدءا من جهاز العروس وتأثيث بيت الزوجية ثم كراء قاعة الحفلات وطلب الحلويات، وقراءة الفاتحة وغيرها، ليكون هذا الفحص الطبي، آخر خطوة قبيل إجراء العقد المدني· وعلى الرغم من أهميته القصوى في الكشف عن بعض الأمراض المعدية، أو الأمراض الوراثية التي تنتقل إلى الأبناء بعد الزواج والإنجاب، وبصفة خاصة الأمراض المنتقلة عن طريق العلاقات الجنسية أو الإنجاب مثل حالات الإيدز، والتهاب الكبد الفيروسي الحاد، وغيرها من الأمراض الخطيرة التي من شأنها تهديد سلامة وصحة الزوجين وأبنائهما فيما بعد، إلا أن كثيرا من المقبلين على الزواج ينظرون إلى هذه الفحوص الطبية بنوع من التذمر والتأفف، إما خوفا من اكتشاف الإصابة بأي من هذه الأمراض، وهو ما قد يدفع أحد الطرفين إلى التردد في استكمال الزواج، وإما لجهلهم أصلا بطبيعة هذه الأمراض نظرا لغياب الثقافة الصحية لدى شريحة واسعة من الجزائريين تجعلهم يدركون أن لكل مرض علاج مهما كان نوعه، ولا ضرر من اكتشاف ذلك، بل على العكس يمكن أن يعجل الأمر بعملية العلاج والشفاء، كما أنه إجراء يؤكد لكل طرف درجة تمسك الطرف الآخر به، خاصة وأن الواقع أثبت تسبب نتائج هذه الفحوصات في إيقاف عدد من الزيجات، بعد اكتشاف إصابة أحد الخطيبين بمرض ما· على صعيد آخر، يلجأ بعض المخطوبين إلى أطباء يعرفونهم من العائلة ومن الأصدقاء الذين يقومون بملء الاستمارات الخاصة بالفحوص من طرف البلدية دون إجراء التحاليل، حيث يعتبرونها إجراءً إداريا فحسب لاستكمال الملف وإيداعه بمصلحة عقود الزواج لتحديد يوم عقد القران، وهو تصرف أكثر خطورة، نظراً لأنه يؤخر عملية اكتشاف الإصابة بمرض ما لدى الزوجين، وقد يتسبب بعد ذلك في نقل الأمراض نفسها إليهما معا، أو إلى أطفالهما بعد ذلك، وعلى هذا الأساس شدد الدكتور دبزي نبيل رئيس مصلحة مكافحة التهاب الكبد الفيروسي، بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، في تصريح ل(أخبار اليوم) على ضرورة إيجاد قانون لإجبارية إجراء التحاليل الطبية قبل الزواج، مستغربا من جهة أخرى، كيف يمكن للبلدية أن تتولى توزيع الاستمارات الخاصة بهذه الفحوص، كونها لا تمثل جهة طبية، وليس فيها أخصائيون يقومون بالنظر في هذه الاستمارات، واصفا الأمر بالفوضى، ومطالبا بإيجاد حل قانوني ونهائي لهذا الوضع مع إلزامية إجراء هذه التحاليل على مستوى المخابر المتخصصة التي تضمن احترام السر الطبي للفحوص، وأن يكون ذلك قبل إجراء العقد المدني بفترة كافية، فمثلا بالنسبة لالتهاب الكبد الفيروسي فإن اللقاحات الثلاثة لا تعطي مفعولها إلا في غضون ستة أشهر، مع دعوته كذلك إلى إجبارية إجراء هذه التحاليل أيضا بالنسبة للمرأة الحامل· وتجدر الإشارة إلى أن فحوص ما قبل الزواج، تشمل فحوصاً لتجنب الأمراض الوراثية، وفحوصاً لمعرفة إن كان أي من الطرفين يحمل أمراضا قابلة للنقل من طرف إلى آخر عن طريق الاتصال الجنسي، وهي الفحوص المتعلقة بعمل وظائف الكبد والتهاب الكبد الوبائي ب وج والإيدز، والالتهابات الجنسية بالإضافة إلى أمراض الكلى المزمنة، فإن كان أحدهما مصاب بالتهاب الكبد الفيروس ب فينصح بشدة للطرف الآخر أن يأخذ لقاح التهاب الكبد للفيروس ب، ومعرفة طرق الوقاية والعلاج إن كان أحد الطرفين مصابا بالفيروس ج· وفي كل الحالات، فإنه يبقى لكل طرف حرية استكمال الارتباط من عدمه، لكن قبل ذلك فمن الضروري أن تكون المصارحة أساسا لبناء كل علاقة، والأهم من هذا وذاك، أن يعرف الإنسان إن كان مصابا بمرض ما، في مرحلة مبكرة، تمكنه من اللجوء إلى العلاج والشفاء قبل الوصول إلى مراحل متقدمة لا يجدي معها العلاج نفعا·