يعاني الكثير من الأشخاص من فقر الدم الذي يسبب لهم ضعفا في الجسم، فتتشكل لديهم صعوبة في ممارسة حياتهم الاجتماعية بسبب الأعراض التي تنتج عنه، خاصة إذا كان النقص كبيرا. يعتبر فقر الدم أو الأنيميا من بين الأمراض الأكثر شيوعا في المجتمع، وهو عبارة عن نقص في كريات الدم الحمراء التي تحتوي على مادة الهيموغلوبين الذي يعتبر الناقل المهم للأوكسجين إلى كافة أنحاء الجسم، ويؤدي النقص في تكوين هذه الكريات أو الزيادة في تكسيرها إلى الإصابة بالأنيميا، ويتم تصنيع هذه الكريات في نخاع العظام الشوكي، وتعيش لمدة أربعة أشهر، ويحتاج الجسم إلى الحديد وفيتامين ب 12 وحمض الفوليك، والنقص في هذه المواد يؤدي إلى الإصابة بالأنيميا. ولمعرفة المزيد عن المرض، قمنا برصد معاناة بعض المرضى، تقول سليمة: »ابني يعاني من ترقق في العظام نتيجة إصابته بالأنيميا وهذا ما منعه من إتمام دراسته، لأن أصدقاءه ينظرون إليه بنظرات غريبة لدرجة أنه أصبح يخجل من مرضه«. أما سليمة فهي طالبة في الجامعة فتقول: »أنا مصابة بالأنيميا الحادة وهي تسبب لي ضعفا كبيرا في الجسم وفي بعض الأحيان أشعر بالإغماء وهذا ما جعلني أتوقف عن الدراسة، لأني أقع في مواقف حرجة بسبب مرضي«. وهناك أشخاص يتطلب مرض فقر الدم لديهم عمليات نقل دم بين فترة وأخرى، وهذا ما يحدث مع مليكة والتي تقول: «أنا مصابة بأنيميا حادة واضطر إلى البحث عن أشخاص يتبرعون لي بدمهم، لأن زمرة دمي نادرة وهذا يهدد حياتي«. رأي الأخصائيين في مرض فقر الدم يقول الدكتور جمال عابد طبيب عام: «يصاب المريض بالأنيميا إما لنقص عدد كريات الدم الحمراء أو نقص محتواها من الهيموغلوبين بالإضافة إلى نقص في المواد الأساسية لبناء كرات الدم الحمراء كحمض الفوليك وفيتامين ب12 وكذلك إذا كان هناك خلل في النخاع الشوكي المنتج الأساسي لهذه الكريات، فهذا يتسبب في انخفاض في نسبة الكريات الحمراء، وهناك نوعان من الأنيميا، الأولى هي الناتجة من نقص الحديد، وتكون المرأة أكثر عرضة لها من الرجل وتسمى أنيميا نقص الحديد، والثانية ناتجة من نقص فيتامين ب12 وتسمى أنيميا الوبيلية وسبب حدوثها وجود خلل في الجسم نتيجة نقص مادة العامل الباطني الموجود في جدار المعدة وهي تساعد على امتصاص الفيتامين، وهناك نوع آخر من فقر الدم الحاد ويسمى بالتلاسيميا وهو مرض وراثي مزمن ينتقل بالجينات ويسبب فقر دم مزمن تتكسر فيه الكريات الحمراء قبل أوانها وتموت غالبا في الطحال، وهناك نوعان منه، الأول يعتمد على نقل الد،م ونوع آخر لا يعتمد على نقله، وتبدأ أعراض التلاسيميا عند الطفل المصاب ابتداء من عمر ثلاثة إلى ستة أشهر وتتميز بالشحوب والإصفرار وتقل شهيته للطعام ويشعر بالتوتر وقلة النوم بالإضافة إلى القيء والإسهال والتعرض المتكرر للالتهابات وتضخم واضح في الطحال والبطن وصعوبة في الرضاعة، ويمكن تشخيص التلاسيميا عن طريق الفحص المخبري الخاص والمعروف بالترحيل الكهربائي. وعن العلاج، فيجب نقل الدم بشكل شهري للحفاظ على هيموغلوبين الدم بمستويات طبيعية بالإضافة إلى تناول فيتامين الفوليك أسيد عند الشعور بالتعب أو الإرهاق، لأنه يساعد على إنتاج كريات الدم الحمراء، كما أنه يجب عدم الزواج من شخص يحمل هو أيضا جين سمة التلاسيميا وذلك تفاديا لإنجاب أطفال مرضى بالتلاسيميا ومتابعة دقيقة للمرأة التي تحمل سمة التلاسيميا طوال فترة الحمل. ومن جهة أخرى يقول الدكتور إن الإهمال في العلاج يعرض المصاب إلى فقر دم شديد ومزمن وتشوهات مستقبلية في عظام الرأس وكافة عظام الجسم وترقق في العظام وتأخر في النمو الجسدي والعقلي عند الأطفال وتأخر البلوغ عند المراهقين، ويسبب أيضا تضخما عاما في البطن ومشاكل في الأسنان وضعفا في المناعة، ومن جهة أخرى يضيف الدكتور أن السبب الرئيسي للإصابة بالأنيميا هو سوء التغذية وفقدان الشهية، كما أن النساء والأطفال هم الأكثر تعرضا له، فالمرأة الحائض تفقد كمية كبيرة من الدم قد لا تستطيع تعويضها بالإضافة إلى أن المرأة الحامل أو المرضعة تخسر حمض الفوليك لمساعدة طفلها على النمو، وتخسر جزءا من الحديد الذي يخزن في جسم الطفل لتغذيته، فحليب الأم يحتوي على قدر ضئيل من الحديد، فتكون عرضة للإصابة بالأنيميا. أما بالنسبة للأطفال فهم يصابون بالأنيميا، لأنهم يمتنعون عن تناول الأطعمة الصحية بالإضافة إلى فقدانهم للشهية، كما أن هناك العديد من الأمهات عندما يتجاوز طفلها سن الستة أشهر تستمر بإعطائه الحليب فقط كغذاء وحيد له رغم أنه من المفروض أن يتناول أغذية متنوعة ولا يقتصر طعامه على الحليب فقط، بل أحيانا نرى أن الطفل يكبر ويصبح عمره عاما وطعامه يكون مقتصرا على الحليب، وهذه الحالة تسبب نقصا في الأغذية الأساسية التي يحتاجها الطفل بعد سن الستة أشهر. فنقص الحديد يؤثر على قدراته العقلية والذهنية، كما أن تناول الأسبرين بكثرة يسبب تهيجا في جدار المعدة، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث نزيف داخلي غير ملحوظ فيؤدي إلى الأنيميا، كما أنه قد ثبت أن أنيميا نقص فيتامين ب12 يعتبر مرضا وراثيا، فإذا كان الأب أو الأم أو أحد الأقارب مصابا بهذا المرض فقد يكون هناك احتمال لإصابة ابنهم به«. أعراض عامة لمرض الأنيميا يقول الدكتور عابد أن مريض الأنيميا تصاحبه أعراض كثيرة منها: «ضعف عام في الجسم والشعور بحالة إغماء عند الإصابة بفقر الدم المزمن وشحوب في الجلد والوجه، اصفرار في لون البشرة نتيجة نقص المادة الملونة التي توجد في كرات الدم الحمراء، صعوبة في التنفس، خاصة عند عمل مجهود، نقص في الطاقة والحيوية، الشعور بالخمول والتعب، ضعف النمو عند الطفل وقلة الحركة، ضعف عام في عظام الجسم الذي يسبب ترققا في العظام، وقد يحدث تنمل في الأطراف واختلال في التوازن بسبب نقص فيتامين ب12«. أغذية تعالج مرض فقر الدم تقول الدكتورة أمالحابل أخصائية تغذية: »إن عدم المواظبة على تناول الغذاء الصحي المتوازن وسوء التغذية يسبب الأنيميا، فلذلك يجب إتباع نظام صحي متكامل يتكون من أغذية مكونة من الفيتامينات والبروتينات بالإضافة إلى النشويات وتناول الحليب ومشتقاته بطريقة متوازنة وتجنب الريجيم الحاد وغير الصحي والابتعاد عن الوجبات السريعة الجاهزة، فقد ثبت أنها تسبب الأنيميا، ولذلك يجب الاهتمام بتناول الأغذية الغنية بالحديد وهي موجودة في الأوراق الخضراء للخضروات كالسبانخ والخس بالإضافة إلى الباذنجان واللحوم الحمراء والكبد والأسماك والعديد من الفواكه كالتفاح، وتناول حمض الفوليك الموجود في خميرة البيرة والمخبوزات من القمح والشعير وتناول فيتامين ب12 الموجود بكثرة في اللحوم البيضاء والحليب ومشتقاته والبيض والجبن والفطر والبقوليات، وتعتبر الفراولة من بين الفواكه الغنية بالمعادن والفيتامينات وهي مفيدة في العلاج من الأنيميا، وفي تنقية الجسم من السموم، ويجب تناولها طازجة، لأن طهيها يفقدها الفيتامينات بالإضافة إلى أن الحلبة تحتوي على مركب الدايزوجنين، فهي مقوية ومخفضة للسكر في الدم وجيدة لمشاكل القولون والتشققات الجلدية، ومفيدة في فقر الدم عند خلطها بالعسل الحر بالإضافة إلى أن البقدونس هو فاتح للشهية ومفيد في علاج الأنيميا وبعض الأعشاب كالزعتر والنعناع والبابونج، كما أن العديد من المكسرات تفيد في العلاج ويعتبر الجرجير من الخضار المفيدة لعلاج فقر الدم وتنقيته من السموم«.