أكدت الدكتورة «ميمون» أخصائية في أمراض النساء والتوليد أن سرطان عنق الرحم من الأمراض المعقدة والمنتشرة في الجزائر، حيث يودي بحياة أربع نساء يوميا، مع تسجيل 1600 إلى 1700 حالة جديدة كل سنة. إن سرطان عنق الرحم يختلف عن باقي أنواع السرطانات كسرطان الثدي، وعن هذا تقول الأخصائية في أمراض النساء والتوليد أنه يمكن للطبيب ملاحظة أعراضه عن طريق بعض طرق التشخيص مما يسهل عملية الكشف عنه وتحديد العلاج المناسب. وعن الأسباب التي من شأنها أن تشكل عاملا فعالا في الإصابة بسرطان عنق الرحم، تبين أخصائية أمراض النساء أن هذا المرض اكتشف منذ حوالي 15 إلى 20 سنة، أين تبين أن فيروس الورم الحليمي البشري أو HPV هو العامل الرئيسي الذي يكمن وراء هذا النوع من السرطانات، وعن هذا الفيروس تضيف أن له أشكالا وأنواعا تصيب الجهاز التناسلي وعددها حوالي 40 نوعا، وهو فيروس قديم موجود في محيط الإنسان كان يمس الكثير من الأشخاص، ولكن لم يكن معتقدا أنه المسبب للسرطان، حيث بينت الدراسات أن هناك أنواعا من هذا الفيروس لا تسبب السرطان، وإنما لها أعراض تشبه السرطان بيولوجيا مثل ظهور بعض البثور بالجلد المعروفة لدى عامة الناس ب»التلال»، في حين أن النوع الخامس والثامن منه فهو يعطي أيضا بثورا في المناطق المعرضة للشمس، ما قد يؤدي إلى الإصابة بسرطان الجلد، كما يوجد احتمال إصابة الجهاز التناسلي للذكر أو الأنثى بهذه البثور الجلدية التي تنتقل عادة عن طريق الجنس وتشكل بذلك خطر الإصابة بسرطان الرحم عند المرأة، تضيف محدثتنا عما سبق: «منذ أن اكتشف ذلك تغيرت النظرة لهذا الفيروس وصار البحث جار حول تطوراته ومحاولة توفير معلومات كافية حوله»، وعن الخطر الذي يحدق بالمرأة الحامل في حال كانت حاملا لهذا الفيروس، تؤكد أخصائية أمراض النساء أنه يجب أن تشفى منه بسرعة قبل الولادة. نساء تربطن بين عدد مرات الإنجاب والإصابة بسرطان عنق الرحم السلام خلال حديثها مع بعض النسوة حول معرفتهن لهذا النوع من السرطان، سجلنا أن الكثير منهن يرجعن احتمال الإصابة بسرطان عنق الرحم لزيادة عدد مرات الإنجاب، وهو نفس ما أكدته الدكتورة ميمون على اعتبار أن كثرة الإنجاب وعدم التباعد في الولادات أحيانا تكون وراء الإصابة، وتفسيرها لهذا أن عنق الرحم أثناء الولادة ينحل ويتمزق، وهذا التمزق يؤدي إلى التهابات بعنق الرحم وبالتالي تسمح للفيروس المذكور سابقا من الدخول إلى ذات المكان. وعادة ما تحمل المرأة التي تكون على علاقة جنسية هذا الفيروس، لأن أكبر المصابات بسرطان عنق الرحم من النساء المتزوجات، ولكن هذا لا يمنع وجود حالات تنتقل فيها العدوى من امرأة إلى أخرى عن طريق الأجهزة الطبية أو القفازات في حال لم تكن معقمة، كما أن التلامس العادي يمكن أن يؤدي إلى انتقال الفيروس على حد قول المتحدثة. الكشف عن سرطان عنق الرحم من «المسح» إلى «البيوبسي» يتم الكشف عن الإصابة بسرطان عنق الرحم عموما عن طريق «المسح»، كون التشخيص غير ممكن بالعين المجردة ويقوم به عادة الطبيب المختص أو أخصائية التوليد عن طريق آلة مزودة بالمجهر والتي تبين الخلايا التي عادة ما تقوم بتغيير نوعها وفقا لمراحل بسبب تدخل فيروس HPV، هذا وتنصح محدثتنا كل امرأة متزوجة بالقيام بالمسح الذي يمكن أن يكون موجبا أو سالبا من الوهلة الأولى، ولكن ما يجب إدراكه جيدا حسب ما أشارت إليه أن النتائج لا يمكن أن تكون قطعية، إذ يمكن أن تكون خاطئة، لأن تقنية المسح لها نسبة خطأ مقدرة ب25 بالمئة، هنا يتم اللجوء إلى مسح ثان يعرف ب»المسح بالعدسة» من أجل التأكد، وفي حال كانت النتيجة موجبة فهنا يتم استعمال التشخيص المعروف «كوربوسكوبي» والذي يمكن من الكشف عن المنطقة التي تتمركز بها الخلايا المصابة بدقة داخل عنق الرحم ومن ثم يتم إجراء «البيوبسي» من خلال أخذ قطعة توجه للمخبر لتحديد درجة المرض إن كان من الدرجة العليا أم السفلى،تضيف عن كلا الحالتين: «إن كان المرض في درجته السفلى يمكن الشفاء منه، أما إذا كان في العليا فقلما تشفى منه المرأة».ومن طرق الوقاية التي أشارت إليها المتحدثة ركزت على نظافة المحيط بالدرجة الأولى إضافة إلى التطعيم ضد فيروس HPV من نوع 16 و18 واللذان يتسببان في 70 بالمئة من سرطان عنق الرحم; كما يوجد تطعيم آخر ضد السرطان حسب ما أفادت به أخصائية أمراض النساء هذا ويجدر الذكر أن هذا التطعيم تم إدخاله في العديد من الدول مثل المغرب وتونس، أما في الجزائر فهناك طلبات لإدخال هذا اللقاح ولكن هذا التطعيم لا يعني أن الفرد محصن تماما من الإصابة، ليبقى التشخيص العامل المحدد للإصابة من عدمها. فيروس HPV وسرطان عنق الرحم موضوع يوم برلماني قدمت دوجة حمودة بروفيسور مداخلة بعنوان «إنتانات البابيوما فيروس والفائدة من التطعيم» وذلك في إطار اليوم البرلماني الذي انعقد بداية الشهر الجاري بمقر المجلس الشعبي الوطني والذي حمل عنوان «نحو جدول وطني أمثل للتطعيم»، وذلك بمشاركة لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتكوين المهني وبالتعاون مع الجمعية الجزائرية لطب الأطفال، اين أكدت المتحدثة أن الإلتهابات الناجمة عن فيروس البابيوما HPV هو الأكثر انتشارا في العالم، أين تشير التقديرات إلى 700 مليون مصاب سنويا بهذا الفيروس، وهو يصيب ما بين 70 إلى 80 بالمائة من المراهقين من كلا الجنسين وأن 70 بالمئة من هذه الإصابات لا يتم الكشف عنها، لتؤكد بخصوص هذه الإصابات أنها تتراجع بصورة عفوية، ولكن 10 بالمئة منها ما تصبح أمراضا مزمنة وأهمها السرطان في حال غياب الفحص أو التشخيص الفاشل. كما يوجد أكثر من 100 نوع من العدوى عن طريق هذا الفيروس الذي يصيب أكبر عدد من الأعضاء في أكثر من 40 جينات، إذ يسبب فيروس HPV من نوع 18 مثلا سرطان عنق الرحم، سرطان الفرج، المهبل القضيب وكذا البلعوم والبلعوم الأنفي، وعن طرق انتقالها تؤكد دوجة حمودة أن عدوى هذا الفيروس تنتقل بصورة رئيسة عن طريق الجنس، ولكن يمكن أن ينتقل أيضا من الأم إلى الأطفال عند الولادة أو عن طريق اللمس. الجزائر تهتم بالدراسات حول الفيروس وتطوراته أما في الجزائر فسرطان عنق الرحم حسب ما جاء في بيان مداخلة دوجة حمودة فهو ثاني أنواع السرطانات الذي تصاب به المرأة، إذ يشكل 10.5 بالمئة من السرطانات الأنثوية، وتصنف الجزائر من الدول ذات المستوى المتوسط من عدوى سرطان عنق الرحم، ويكون التشخيص عند الكثير من النساء في المرحلة المتأخرة ما جعل الباحثين يقومون بدراسات حول الفيروس، وفي عرضها لأهم الدراسات أشارت البروفيسور أن أولى الدراسات حول هذا الفيروس كانت منذ سنوات التسعينيات ومنها الدراسة المنشورة في سنة 2005 والتي تظهر خطورة هذا الفيروس في بلادنا، كما حددت بعض الأنواع ذات الصلة بسرطان عنق الرحم إضافة الى الدراسة المنجزة في 2006 حول شكل الفيروس انطلاقا من مقاييس حددها الأطباء الجزائريون والتي أظهرت تأثير التهابات الفيروس من سنة 1996 الى 2004 علاوة على دراسة أخرى حول أسباب الالتهاب من الفيروس والتي شملت عينة قدرها 1200 امرأة بين 15 و65 سنة، وقد نشرت هذه الدراسة في 2011. وعموما أظهرت هذه النتائج حسب ذات المتحدثة أن 78 بالمئة من سرطان الرحم سببها الرئيسي فيروس HPV من نوع 16 والذي يتسبب في 62.3 بالمئة من حالات السرطان وHPV من نوع 18 والذي تسببت في 15.6 حالة سرطان الرحم. التطعيم ضد الفيروس لايزال منتظرا هناك تطور كبير من حيث اكتشاف التلقيحات ضد فيروس HPV، حيث هناك نوعان من اللقاحات المتوفرة في الوقت الراهن وهما اللقاح الثنائي التكافؤ ولقاح آخر رباعي التكافؤ وهذه الأنواع من اللقاحات تمنع العدوى ضد النوعين 16 و18 من فيروس HPV، كما أن هناك العديد من الدراسات في أوربا وكندا تظهر فعاليتها في القضاء على النوع 31 و45 من نفس الفيروس والتي يمكن أن تكون سببا في سرطان عنق الرحم.هذا وتسعى الجزائر من خلال البرنامج المسطر من طرف وزارة الصحة لتوفير تلك اللقاحات كما هو الحال في دول أخرى.