يرتكب الكثيرون أخطاء تكلفهم فقدان أعز ما يملكون في الحياة، ثم يأتي الندم الذي يشعر به الشخص دائما بعد فوات الأوان، وقد يدفع هذا الخطأ العديد من الأشخاص إلى الوقوع في جرائم ومن ثم قضاء سنوات من العمر خلف قضبان السجن وهو أمر صعب على الرجل فكيف لامرأة أن تتحمل ذلك العيش. تختلف دوافع ارتكاب الجريمة من شخص إلى آخر حسب الظروف الاجتماعية التي دفعته إلى الوقوع في هذا الخطأ، فبعض الأشخاص يندمون على خطأهم، ولكن بعد فوات الأوان، والبعض الآخر يعتبر ارتكابه الجريمة كان لابد منه لحماية نفسه من أشخاص لا يرحمون، هي معاناة الكثير من السجينات التي لمسناها بمجرد دخولنا إلى المؤسسة العقابية بالحراش، وعند مرافقتنا لحارسة السجن وجدنا بعض السجينات في الساحة يتناقشن فيما بينهن، والبعض الآخر يفضلن الجلوس منعزلات يتأملن الأسوار العالية لهذا السجن، هن سيدات ارتكبن أخطاء كلفتهن الكثير وجعلتهن يعشن في جو من الخوف ويشعرن دائما بالقلق بعيدا عن عائلاتهن، أردنا الاقتراب من بعض السجينات اللواتي وجدناهن في ساحة السجن، لكن بعضهن رفضن البوح بما يخفينه داخل قلوبهن من معاناة، وأخريات قررن التكلم معنا لعلهن يخففن من هموم حملنها لسنوات حتى أثقلت كاهلهن، ف«كريمة”، صاحبة ال24 عاما هي أول من التقينا بها في ساحة السجن جالسة بمفردها، والغريب أننا وجدناها تتكلم مع الشجرة فظننا أنها أصيبت باضطراب نفسي، ولكنها بمجرد أن رأتنا طلبت منا أن نجلس بجانبها لتحكي لنا قصتها الحزينة التي جعلتها تضيع سنوات كثيرة من حياتها خلف القضبان، حيث تقول: “أنا دائما أتكلم مع الشجرة عن أسراري، لأني لم أجد أي شخص لأفرغ عنده ما في جعبتي، لقد كلفني الدفاع عن شرفي المكوث في السجن 20 عاما، فبداية حكايتي هي عندما حاول شاب أن يعتدي علي بالقوة فقمت بطعنه بسكين أدى إلى وفاته، ولكن لم يرد أحد أن يصدقني لعدم وجود دليل يثبت صحة كلامي، والذي أوجع قلبي أكثر هو أن أبي وأخي لم يصدقاني وهو ما جعلهما يمتنعان عن زيارتي، وأنا أحزن كثيرا في أيام الزيارة، خاصة عندما تقابل بعض السجينات عائلاتهن، وللأسف أمي متوفية وإلا لكانت ستحن علي وتأتي لزيارتي، وما زاد من غضبي أن الناس لم يلوموا الشاب الذي اعتدى علي، ولم يثبتوا شيئا عليه، ولكنهم عاقبوني بمفردي، فالمحيطون بي سيبقون يتذكرون ما فعلته طول العمر، لأننا نعيش في مجتمع ينسى الأخطاء التي يرتكبها الرجل ولا ينسى ما تفعله المرأة”. تركنا كريمة وهي تتأمل الشجرة، وتوجهنا للحديث مع صبرينة صاحبة ال23 سنة، فهي الأخرى وجدناها في الساحة وقد قررت أن تعبر لنا عن الحزن الشديد الذي تكتمه بداخلها لسنوات، حيث تقول: “تبدأ حكايتي عندما دفعتني الظروف المعيشية السيئة لعائلتي إلى العمل كخادمة لدى إحدى العائلات الغنية مع أني متحصلة على شهادة البكالوريا، ولكن ظروفي المادية السيئة منعتني من إكمال دراستي الجامعية، وجعلتني أقبل العمل كخادمة، لأني لم أجد غيرها، وبعدها تعرفت على شاب بدأ يرسخ أفكاره الشيطانية في عقلي، فانقلبت الصورة وبدأ يحرضني على سرقة المجوهرات بحجة توفير متطلبات زواجنا فوثقت في كلامه، وجلبت له النقود والمجوهرات من منزل هذه العائلة وأخذها، وبعدها لم أعثر عليه، لأنه هرب بالمسروقات وكشفت العائلة أمري واتهمتني بالسرقة وتحملت المسؤولية بمفردي مع أني لم أحصل على أي شيء من المسروقات، وحكم علي بالسجن لمدة ثماني سنوات، لأني لم أتمكن من إرجاع المسروقات، وأنا أشعر بالذنب، لأن أمي ارتفع ضغطها وماتت عندما علمت أني سأسجن، فأنا ابنتها الوحيدة بين ستة ذكور وامتنعت عائلتي عن زيارتي، لأنهم يلومونني على موت أمي فساءت حالتي النفسية وأصبت بانهيار عصبي، لأنني السبب في وفاة أمي”. سجينات يمارسن بعض الأعمال والنشاطات لملء الفراغ حاولنا الغوص في حياة السجينات داخل أسوار السجن، وكيف يقضين يومياتهن وراء القضبان، واصلنا تنقلنا مع الحارسة ووجدنا بعض السجينات يقمن بتنظيف الأرضيات وأخريات يغسلن الملابس وبعضهن يحضرن وجبات الطعام، فسألناهن عن سبب قيامهن بهذه الأشغال، فكان ردهن يصب في اتجاه واحد وهو لملء أوقات الفراغ والخروج من الملل، حيث تقول “سميرة” التي وجدناها تنظف الأرض: “سجنت هنا بتهمة السرقة وحكم علي بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وتطوعت للقيام بأعمال النظافة بمحض إرادتي، لأنني أريد أن أملأ وقتي بهذا العمل بالإضافة إلى أني أفضل العمل على أن أجلس مع بعض السجينات، لأنهن يحاولن استفزازي في بعض الأحيان بهدف أن تنشأ شجارات بيننا داخل السجن”. أما السيدة “سليمة” هي الأخرى من المتطوعات للقيام بأعمال تفيد السجن، ولكن هذه المرة في الطبخ، حيث تقول: “هذه أول مرة أدخل فيها إلى السجن وأنا متهمة بالسرقة وأعترف أني ارتكبت خطأ، ولكن ظروفي القاسية دفعتني إلى ذلك، فأنا كنت مسؤولة على رعاية أربعة أطفال بمفردي بعد موت زوجي فاضطررت إلى العمل في بيت أحد أصحاب الشركات، وعندما علمت أن ابني مريض بالسرطان طلبت منه أن يقرضني بعض المال لعلاجه، ولكنه رفض، وفي أحد الأيام سرقت مجوهرات زوجته وقمت ببيعها، لأن ابني كان معرضا للخطر إذا لم أجري له عملية جراحية في مستشفى خاص ولكنهم اكتشفوا أمري واتهموني بالسرقة وحكم علي بالسجن لمدة ثماني سنوات، لأني لم أقدر أن أرجع ثمن المسروقات، وأنا لم أندم على هذا، لأن ظروفي السيئة اضطرتني لذلك لتوفير المال، فقد ضحيت بحريتي لإنقاذ حياة ابني، وأنا أحاول أن أضيع وقتي في الطبخ، لأني أجيد تحضير العديد من الأطباق لأنسى أني خلف القضبان ولأشعر وكأنني في مطبخ بيتي”. ”خالتي سليمة” هي إحدى النساء اللواتي التقيناهن بقاعة الخياطة، تعلم الشابات من خبرتها في هذا المجال، فقررنا الاقتراب منها لمعرفة سبب وجودها في السجن وهي في هذا السن، حيث تقول: “دخلت السجن وكان سني خمسون سنة واليوم أبلغ من العمر ستون سنة ومازالت أمامي 10 سنوات أخرى لأقضي لأستنفد حكمي، وحكايتي المأساوية تبدأ عندما ذهبت إلى بيت إحدى قريباتي بعد ما طلبت مني أن أساعدها لكي تذهب إلى الطبيب بالرغم أنني كنت على خلاف معها، وعند ذهابي إلى بيتها فوجئت عندما وجدت الباب مفتوحا فدخلت وصدمت عندما وجدتها ملقاة على الأرض والسكين مغروزة في بطنها، ولكني أردت مساعدتها ونزعت السكين، عندها دخل الجيران واعتقدوا أني القاتلة وبدأوا بالصراخ، بعد ذلك ألقت الشرطة القبض علي، وبعد التحقيقات وجدوا بصماتي على السكين بالإضافة إلى أنهم وجدوا أني على خلافات معها بسبب الميراث، وهذا ما جعلهم يثبتون التهمة علي وحكم علي بالسجن لمدة 20 سنة مع أنني مظلومة، ولكن القانون لا يحمي المغفلين، ذهبت لأفعل الخير فوجدت نفسي واقعة في جريمة قتل، ولم أستطع إثبات براءتي”، أما عن تأقلمها في محيط السجن تقول “في بداية دخولي إلى السجن كانت حالتي النفسية سيئة جدا، ولكن بعد ذلك تأقلمت مع الأجواء السائدة داخله، لأني قضيت فيه الكثير من السنوات، وما يزعجني هو أني كنت أريد قضاء حياتي خصوصا في هذا السن مع أحفادي وأولادي الذين استغربوا عندما علموا بما حدث معي ولم يتصوروا أنهم لن يعيشوا مع أمهم”. خلال جولتنا الاستطلاعية داخل السجن التقينا ب«الحاجة فاطمة” التي فقدت نضارة بشرتها وظهرت التجاعيد على وجهها جالسة على كرسي للمعوقين فاقتربنا منها لمعرفة قصتها، حيث تقول: “هذه هي المرة الأولى التي أدخل فيها السجن، وتبدأ مأساتي عندما اكتشفت خيانة زوجي لي مع عشيقته في منزلي، فلم أتمالك نفسي وقتلتهما بسلاحه الخاص الذي كان في البيت، لأنه يعمل شرطيا، وبعدها حكم علي بالسجن المؤبد، ولكنني لم أتحمل صدمة بقائي في السجن مدى الحياة فوقعت على الأرض وأصبت بشلل حركي، وما أعاني منه هو كوني محرومة من البقاء مع أولادي، وأنا أخاف من أن أموت داخل السجن ولا أجد بجانبي أحدا من عائلتي”. أما “خالتي سليمة”، فكانت تتشاجر مع إحدى السجينات عندما وجدناها تفتش في أغراضها الخاصة، وأردنا معرفة سبب وجودها خلف القضبان بالرغم من كبر سنها فقبلت التحدث معنا عن معاناتها، حيث تقول: “تعبت في العمل لأصرف على أولادي وزوجي، إشتريت لهم بيتا يسترهم، ولأني لم أكن أملك أوراق، لكتابة البيت باسمي، طلب مني زوجي أن أكتبه باسمه، ولأنني كنت أثق به لم أتوقع أنه سيخدعني في يوم من الأيام، فقبلت بعرضه، ولكن بعد مرور شهر طلقني وطردني من البيت أنا وأولادي، وعلمت بعدها أنه تزوج بامرأة صغيرة وأصبحت أنا وأولادي مشردين في الشارع، ولحسن حظي عرضت علي صديقتي البقاء في بيتها حتى أستأجر بيتا، ولكني أردت أن أنتقم منه فقمت بطعنه بسكين عندما كان خارجا من بيته، وتخلصت من العذاب الذي كنت أخفيه بداخلي وارتحت، والآن عائلتي ترعى أولادي وهم يزورونني كل أسبوع، لأنهم أصبحوا يكرهون والدهم خصوصا بعد ما فعله بهم وحكم علي بالسجن لمدة 20 سنة”. غيرنا الجناح الذي كنا فيه، وأخبرتنا الحارسة أن هناك في جناح آخر سجينات تقلدن مناصب مرموقة في المجتمع، فأردنا معرفة السبب وراء وجودهن خلف القضبان فوجدنا “كريمة”ا لتي كانت في يوم من الأيام مضيفة طيران، ولكنها فقدت جميع ما كانت تنعم به في لحظة غضب، عندما اكتشفت خيانة زوجها لها، أردنا معرفة المزيد عنها فاقتربنا منها وسألناها سبب عقوبتها، حيث تقول: “استغل زوجي طبيعة عملي الذي يتطلب مني قضاء ساعات طويلة فيه، وفي أحد الأيام عدت إلى المنزل في وقت مبكر، لأنني أردت مفاجأته، ولكني أصبت بصدمة عندما وجدته هو وعشيقته داخل منزلي، وفي لحظة غضب أحضرت سكينا وطعنته بدون قصد، وأنا الآن محكوم علي بالسجن لمدة 20 سنة، وفقدت كل شيء بسببه حتى أبنائي، فعائلته استغلت غيابي ورسخت في عقول أبنائي صورة سيئة عني، لأن والدي متوفيين، وأولادي يعيشون معهم، وأنا الآن أعاني، لأنني حرمت من أغلى ما أملك وهم أولادي”. «آسيا” هي الأخرى كانت إحدى المهندسات والتي كانت تحتل مكانة مرموقة في عملها وتتمتع بسمعة جيدة بين الناس، ولكن سعيها وراء تحقيق الربح جعلها تغير مجالها وتدخل عالم العقار بتعاملها مع رئيس بلدية سابق جعلها تدخل إلى عالم النصب والاحتيال دون أن تعلم أن وعوده لأشخاص كانوا يحلمون بالحصول على عقارات كلها كانت كاذبة، وأن هذه العقود كانت مزورة، حيث تقول: “أردت أن أفتح وكالة عقارية، وبعدها عرض علي رئيس بلدية منحي عقود شقق لعائلات مقابل أن نتقاسم المبالغ التي سيقدمونها لي، وعرضت علي الكثير من العائلات هذا الأمر، ولكن بعدها خدعني وهرب إلى الخارج بالأموال وتحملت المسؤولية لوحدي في السجن عندما علمت هذه العائلات أن عقود الشقق كانت مزورة، وطلبوا مني أن أرجع لهم هذه الأموال، ولكني لم أستطع، لأنها تقدر بالمليارات، وبعدها حكم علي بالسجن لمدة 15 سنة، وضاع مستقبلي ودمرت حياتي العائلية، لأني تركت في الخارج ابنتين، الأولى تبلغ من العمر عاما وتحتاج إلى حنان الأم، وهي الآن تقيم مع أهل زوجي الذين رفضوا أن يحضروها لزيارتي في السجن، واستغلوا أني يتيمة الأبوين ولا أملك عائلة تحميني، وأنا الآن أعاني من حالة نفسية سيئة، لأني أخاف أن تمرض ابنتي ولا أكون بجانبها”. ...وأخريات يؤكدن أنهن يدفعن ثمن أخطاء الغير خلال تواجدنا بالمؤسسة العقابية بالحراش، التقينا بالعديد من السجينات اللواتي قلن أنهن بريئات وأنهن يقضين عقوبة بالسجن بسبب تورطهن في أخطاء الغير في لحظة غفلة، “سليمة” فتاة في ريعان شبابها تقول أنها استغلت من طرف رب عملها لنقل البضائع التي لم تكن تعرف ما بداخلها فوجدت نفسها خلف أربعة جدران، حيث تقول: “كنت أعمل في شركة استيراد وتصدير، وكان يطلب مني صاحب العمل نقل البضائع إلى الخارج، وأخبرني أنها ملابس، مستغلا وجود أشخاص أعرفهم في الميناء، ولكن في أحد الأيام لم يكن الشخص الذي أعرفه موجودا فتم تفتيشي وعثرت الجمارك على كمية كبيرة من المخدرات داخل الملابس فتفاجأت بالأمر، لأني لم أكن على علم بهذا الأمر، وقد أنكر صاحب العمل بأنه هو من يملك البضائع، وأنكر حتى أني أعمل معه، فتحملت تهمة تجارة المخدرات بمفردي، وأنا الأن أقضي شبابي في السجن بعد أن حكم علي ب10 سنوات، وأنا حزينة، لأن عائلتي لم تصدقني وامتنعت عن زيارتي، وقد أخبروني أني جلبت لهم الفضيحة، لأن جيراننا في الحي علموا جميعهم أني في السجن وأتاجر في المخدرات، وهم لا يعلمون أني مظلومة، فمجتمعنا لا يرحم”. أما “عائشة” صاحبة الأربعين عاما فتقول أنها تقضي فترة حكمها لمدة ثلاث سنوات بدلا من زوجها الذي تخلى عنها عندما كانت في أمس الحاجة إليه وهي تقول: “أراد زوجي فتح مشروع صغير وكان ينقصه مبلغ مالي كبير لإتمام هذا المشروع فاقترض هذا المبلغ من أحد أصدقائه، ولكنه اشترط أن يعطيه شيكا كضمان لهذا المبلغ، وأخبره أنه سيرده بعد نجاح الشركة، ولكن زوجي لم يكن يملك الشيك فأعطيته واحدا من عندي، وبعد فترة أفلست الشركة، فطلب منه صاحب المال إرجاعه فلم يتمكن من ذلك، فقام صديقه برفع دعوى قضائية واتهمت بالنصب والاحتيال، وحكم علي بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وما زاد من استغرابي أن زوجي تخلى عني في هذه المحنة وبعث لي ورقة الطلاق، وحرمني من رؤية ابنتي الصغيرة، وعلمت بعدها أنه تزوج علي بمجرد أن دخلت السجن، وأنا الآن حزينة على ابنتي الرضيعة التي ستكبر دون أن تعرف أمها”. سلمى صاحبة ال27 سنة هي الأخرى تقول أنها كانت ضحية بسبب إحدى صديقاتها: “كنت أثق في أعز صديقاتي ولم أكن أعلم يوما طبيعة عملها، وفي أحد الأيام طلبت مني الحضور إلى منزلها، ولم أكن أعلم أنها تنصب لي فخا لتلبية طلب أحد زبائنها، ووضعت لي حبوبا مخدرة وبعدها لم أشعر بأي شيء إلا عندما وجدت نفسي متهمة في قضية أخلاقية وهي الدعارة بعد مداهمة الشرطة لبيتها، فتحولت حياتي إلى مأساة بسبب صديقة لم أكن أتوقع أنها ستفعل بي هذا الأمر، وما زاد من معاناتي أني كنت أتمتع بأخلاق عالية، وجميع جيراني يشهدون بذلك، ولكن لا أحد صدقني مع أني مظلومة، حتى أقربائي امتنعوا عن زيارتي، لأنهم يظنون أني فعلت هذا الفعل المخل وأخبروني أني جلبت لهم العار”. نساء مسبوقات قضائيا تعودن على العيش وراء القضبان غيرنا وجهتنا لجناح آخر، أين أخبرتنا الحارسة أننا سنجد سجينات مسبوقات قضائيا، فقررنا الاقتراب من إحداهن، وأول من وجدناها هي “كريمة” صاحبة ال39 سنة، مسبوقة قضائيا، حيث تقول: “بدأت إدمان المخدرات مع صديقي الذي أخبرني أني سأنسى المشاكل التي كنت أعاني منها مع عائلتي، بعدها ألقت الشرطة علي القبض وبحوزتي المخدرات، فحكم علي بالسجن ثلاث سنوات، وبعد انتهاء فترة عقوبتي وجدت عملا في إحدى الشركات، ولكني قمت بسرقة أموالها بمساعدة صديقي، فحكم علي بالسجن لمدة 12 سنة، لقد تعودت على حياة السجن وقطعت عائلتي علاقتها بي، لأني جلبت لهم الفضيحة”. شابة أخرى وجدناها بنفس الجناح هي “جميلة” التي دفعتها ظروفها المادية السيئة إلى مشاركة شخصين في عملية سرقة فيلا كانت تملكها إحدى العائلات الغنية، حيث تقول: “كانت أمي مريضة، وكنت أنا أكبر إخوتي والمسؤولة الوحيدة عن البيت، وبالرغم من أني بحثت كثيرا عن عمل، إلا أنني لم أجد أي فرصة أمامي سوى قبول عرض أحد معارفي في مشاركته في السرقة، وبعدها كشف أمري وحكم علي بالسجن لمدة أربع سنوات وإعادة المسروقات، بعدها خرجت من السجن ولكن حاجتي إلى المال جعلتني أرجع إلى الإجرام وقمت بسرقة محل للمجوهرات بعد الاعتداء عليه بمساعدة أصدقائي، وكشف أيضا أمري وحكم علي بالسجن أربع سنوات أخرى مع إرجاع المسروقات، وبعد ما عانيته داخل السجن، قررت أن لا أرجع إليه مرة أخرى خصوصا أن الحياة في السجن تتطلب أن تتمتعي بشخصية قوية خصوصا أن هناك سجينات محكوم عليهن بالمؤبد في قضايا قتل يتعاملن بسوء مع السجينات الضعيفات، وهذا ما جعلني أتجرد من رقة المرأة وأتمسك بخشونة الرجل، وقررت أن أبحث عن عمل بعيدا عن الحرام، وأن أكون إنسانة صالحة عند خروجي من هنا بالرغم من أني سأتعرض إلى الكثير من المشاكل بسبب نظرات أبناء الحي الذي أقطن فيه، ولكني سأتحدى هذا الأمر يتبع .... ”.