تشهد مختلف أحياء منطقة مغنية اختلالات إيكولوجية خطيرة بسبب الوضعية الكارثية والأضرار التي لحقت بالبيئة في السنوات الأخيرة، بعد تحوّل العديد من المناطق إلى مربعات لرمي النفايات السائلة السامة التي باتت تطرحها المصانع والمستشفيات بالإضافة إلى الروائح الكريهة التي لازالت تنبعث من واد واردفو والمفرغة التي لم تجد لها حلا نهائيا لحد الساعة رغم تعليمة الوالي الأخيرة، أضف إلى ذلك تحوّل الشوارع والحدائق العمومية إلى فضاءات للتبول في ظل انعدام المراحيض العمومية، وقد خلّفت هذه المظاهر وضعية سلبية. جولة استطلاعية ببعض أحياء وقرى مدينة مغنية كافية لكشف حقيقة الرمي العشوائي للنفايات بأنواعها التي أصبحت تشكل خطرا على الصحة العمومية والبيئة، فمن أقصى شرق المنطقة إلى أبعد نقطة في ضواحيها الغربية، ترتسم مئات النقاط السوداء التي تشوه منظر واجهة الجزائر والتي عجزت مؤسسات النظافة على الحد من هذه الظاهرة بسبب استفحال الرمي العشوائي للنفايات من قبل بعض المواطنين والتجار غير المسؤولين والذين حوّلوا الشوارع والأسواق إلى مزابل عمومية على حد تعبير أحد المواطنين.مشاهد يومية تشمئز منها الأنفس، خاصة بالأزقة والشوارع التي لا تمر منها المواكب الرسمية، نفايات في كل مكان، ردوم البناء مرماة على حواف الطرقات، حاويات منعدمة وإن وجدت تكون مكسرة أو متسخة جدا لا يستطيع المرء حتى الاقتراب منها، خوفا من أن تنتقل إليه عدوى، ضف إلى ذلك تحول الحدائق والشوارع إلى أماكن للتبول في غياب مراحيض عمومية، وكذا خلط النفايات الخطيرة بالنفايات المنزلية، حيث أحصت مصالح البلدية خلال الحملات التي تخص جمع النفايات الصلبة الحضرية عبر جميع أحياء والقرى جمع أكثر من 1750 طن من النفايات السنة الماضية، الأمر الذي يستلزم من الجمعيات والمجتمع المدني دق ناقوس الخطر واحتواء كارثة بيئية.ويقول أحد المواطنين القاطن ببلدية مغنية، أن رائحة الدخان تسابق السكان إلى منازلهم، وبات إشعال النار في الحاوية عادة يومية للتخلص من الكميات الهائلة من الأطعمة المستهلكة والمواد البلاستيكية المتراكمة على جانبي الطريق، مضيفاً “نحن أمام خيارين أحلاهما مر، فإما بقاء النفايات مكدسة في الحاويات ومتناثرة هنا وهناك والسماح للجرذان والفئران بغزو بيوتنا، أو حرقها، ولذلك ضرر لا يقل خطورة صحية عن الأول، حيث بالكاد تستطيع التقاط أنفاسك بسبب الدخان الذي ينتشر في المكان”. ويرى مواطن آخر، أن البلدية مطالبة بالانتباه لمعاناة الناس من انتشار الذباب والحشرات والأبخرة والغازات السامة المنبعثة وما تتركه من آثار مدمرة على الجهاز التنفسي، متسائلاً باستياء وهو يشير بسبابته نحو الحاويات التي تبعد أمتاراً فقط عن منزله: “كيف للبلدية أن تضع هذه الحاويات وسط مناطق سكنية تقدمت بأكثر من شكوى ودون جدوى، إنه أمر غير مقبول ولا يطاق”. ...والأكياس البلاستيكية السوداء تعود إلى الأسواق ولعلّ المتجول عبر أسواق مدينة مغنية يلاحظ عودة الأكياس البلاستيكية السوداء التي أصبحت تتداول من جديد بعد أن استغني عنها فيما سبق بسبب خطورتها على صحة الإنسان وآثارها السلبية على الطبيعة والبيئة، إلى جانب تشكيلها خطرا على صحة الأفراد، الأمر الذي استلزم من الوزارة المعنية إصدار مرسوم تنفيذي رقم 04 / 210 الصادر في جويلية من عام 2004، يهدف للقضاء الكلي على استعمال الأكياس السوداء أكثر من ذلك، اتجهت السلطات العمومية لمعاقبة منتجي هذه الأكياس، فقد تم غلق ما يقارب عشر وحدات إنتاج للأكياس غير محترمة للبيئة ومع ذلك، وبعد أكثر من خمس سنوات من إصدار المرسوم والشروع في العمل به، تستمر هذه الأكياس في التواجد في الأسواق، وتكاد تكون الوحيدة المعمول بها، سيما في تغليف المواد الغذائية، والتي تحتوي على مواد كيميائية سامة، من شأنها التغلغل داخل المواد الغذائية، وكذا الأيادي الحاملة لها، ما يؤدي إلى إصابة العديد من الأشخاص بتسممات. وذكر العديد من المختصين أن هناك إشكالا ثقافيا يعرقل القضاء على الأكياس البلاستيكية السوداء اللون، يتمثل في أن بعض الجزائريين يفضلون حجب مشترياتهم عن الفضوليين، ولذلك يميلون إلى استعمال الأكياس البلاستيكية السوداء، وفي هذا الإطار يجمع المسؤولون على أن التصدي لهذه المشكلة يعتبر تحدياً صعباً، بعد أن أصبحت أكياس وعبوات البلاستيك تدخل في جميع تفاصيل الحياة اليومية، ولذلك لا بد من خطوات متدرجة تبدأ بتقليل استخدام هذه الأكياس، وإحلال الكيس الورقي مكانها وكذلك تعميم استخدام العبوات الزجاجية بدل العبوات البلاستيكية، وصولاً إلى إنهاء هذه الظاهرة الخطيرة على حياة الناس وسلامة البيئة، لكن مثل هذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا من خلال عمل دؤوب يستمر لسنوات طويلة.