قبل أن أكتب حرفا يجب أن أترحم على من علمني كل الحروف، وتعجز الحروف والعبارات مهما حملت من معاني وبلاغة عن وصف أخ ليس ككل الإخوة، رحم الله أخي العزيز "عامر"، كان رائعا في كل شيء، مثالا للأدب والتواضع وسمو الأخلاق، لم يسع إلى شهرة ولا إلى مال أو مصلحة شخصية، لم ينسب لنفسه نجاحا، رغم ما ناله من نجاحات، كان يسعى جاهدا مع كوكبة من الأدباء لبعث الحركة الثقافية التي كانت معطلة، وكسروا جمود قطاع الثقافة، وم يعزفون لحنا واحدا ليخففوا من حدة معاناة المثقفين، وكانوا يقولون بأنه ليس لهم مكان آخر يبدعون فيه غير ولايتهم، اجتمعوا معه لآخر مرة في يوم أدبي بالمتحف البلدي، تألقوا فيه وأبدعوا وكأنه يوم الوداع. على يده تعلمت فنون الكتابة الصحفية والأدبية، وكان أستاذا في الصحافة، كان يعتز بأن يقدم النصائح لكل صحفي مبتدئ، كان يعجبني أسلوب في الكتابة، وكنت أقلده كلما كتبت مقالا، كان يعتز بالحديث عن صحفيين عمل إلى جانبهم، وأذكر أنه شهد لهم بأنهم قدموا الكثير لولايتنا، رغم تعرضهم لأنواع الابتزاز والإغراء، بعضهم رحل عنا وآخرين لا يزالون على قيد الحياة، أتمنى لهم طول العمر والتمتع بموفور الصحة والعافية. كان دائما يتفرغ للتدريس والدراسة ولأسرته، لم يسمع منه أحد كلمة سوء، وكان محبا لبلده ولمواطنيه، لكن إرادة الله جعلته يودع البلد ومواطنيه، فجر السابع عشر من رمضان، بعد مرض أدخله المستشفى. سوف نظل نذكر سيرته العطرة في حياتنا مدى الحياة. وأدعو الله تعالى أن يتغمده برحمته الواسعة وأن يسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين والأبرار وأن يثبت أجر كل من قدم تعازيه لعائلته ولزملائه ومحبيه وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم. اللهم آمين. موضوع آخر: حرام ما يحدث لأمة محمد ولم يسبق لها في أي فترة أن تعرضت لمثل هذه البهدلة والإهانة، ولا أدري لماذا يحدث كل هذا ومن يتحمل المسؤولية؟ نحن العرب لسنا كغيرنا، نمتلك كل ما نحتاجه للحياة، ولا ينقصنا شيء، لكن الأزمات والمشاكل تلاحقنا في كل مكان، وكنا ندفنها في الرمل حتى صعدت جملة واحدة، ولم أتصور أن يكون مستقبل هذه الأمة في إراقة دماء أبنائها، ومن امتلك سيفا قطع رقبة أخيه. طبعا من مصلحة العدو أن يحدث لنا كل ذلك، وقد انتصر دون أن يخسر جنديا واحدا أو طائرة أو صاروخا أو حتى رصاصة، وما فشل فيه الأعداء تحقق على يد حكام عرب تحولوا إلى ما هو أخطر من الوحوش الضارية، ولم تنفع معهم لا انتخابات ولا أحزاب ولا ديمقراطية ولا دساتير. لا فرق بين الجزائر وبين باقي الدول العربية، إلا في عقلية شعبها، وما عدا ذلك فجميعها متشابهة، وأتمنى أن تحافظ البلاد على توازنها، وأن تغلق كل أبواب الفتن وتمنع المتآمرين والعملاء، وقد بدأ بعضهم يتحدث عن الانتخابات الرئاسية محاولين دس أنوفهم في شؤون البلاد، لكن الجزائريين لن ينسوا الأوضاع الصعبة التي مرت بها بلادهم، وقد دفعوا حياتهم من أجل إطفاء الفتن وحماية أرواحهم وممتلكاتهم. فاللهم أحفظ بلادنا من الفتن. اللهم آمين.