إننا نؤمن بالغيبيات نعم..! لكن أن تتحول حياتنا إلى كابوس بفعل ربط كل ما يقع لنا بالغيب فتلك غاية الخطورة التي يعرفها العقل العربي والجزائري وتعرفها بيوتنا وأسرنا. فالمرأة التي لا تستطيع أن تحافظ على زوجها بسلوكياتها المناقضة للمرأة الزوجة أو الأم أو حتى المرأة العادية التي تحمي مملكتها الأسرية فإنّ أي إخفاق في حياتها ستبرره بال"العمل" أو السحر أو ماشابه ذلك! والتلميذ أو الطالب الفاشل الذي لا يعطي أهمية لدروسه ولمحاضراته وتحضيره سيربط فشله بضعف الأساتذة وغموض البرنامج؟! والرئيس الذي يحكم شعبه بالحديد والنار لعشرات السنوات سيبرّر فشله بأنه عرف شعبه مؤخرا! والمعلم والأستاذ الذي لا يحقق تلاميذه نتائج إيجابية سيبرّر هذا الفشل بمستوى المنظومة التربوية المتدني وضعف مستوى التلاميذ، ولون "كوستيم" الوزير، وعدم ملائمة الكراسي والطاولات. والدولة التي لا تحافظ على أمن سكانها من أيّ اعتداء على مواطنيها الذي يخرب عقولهم وينهك صحتهم من مخدرات وآفات اجتماعية! دولة فاشلة بكل المقاييس ستبرّر إخفاقاتها الأمنية بتطور سلوك المجرمين وأساليب الجريمة! والتاجر الفاشل الذي لا يصل إلى أي ربح سيبرّر إفلاسه "بالعين" و"سلطة الضرائب" و"قمع الجمارك " التي أصابت تجارته. والحزب الذي لا يحقق أية نتائج، سيبرّر خيبة الأمل الذي أصابته في الانتخابات بالتزوير التي قامت به جهات كذلك تبقى "غيبية" وهو الحزب الذي لا يُقنع برنامجه أو أشخاصه حتى أفراده المؤسسين له، بل إنه يتجرأ بالقول على أن الشعب لم يفهمه، وأنّ الذين انتخبوا في هذا الاستحقاق مجرد "غاشي"! وهكذا صارت تُعشّش في مخيلاتنا وأفكارنا مبرّرات وهمية للكثير من خيباتنا الحياتية وفشلنا لنعلقها على مشاجب الغيب! أو أنّ سبب انتكاستنا كأمة أو كأفراد هي الآخرون لنبرّر لأنفسنا أننا دائما على حق! وهنا أقول: إنّ إخفاق بلدياتنا مستقبلا يبدأ اليوم من عدم الاختيار الأفضل لمسؤولينا على مستوى المحليات! فالمسؤولية لخيبات الأمل القادمة هي اليوم مسؤولية المواطن الذي يجب عليه أن يختار دون مراعاة للحزبية أو العروشية الضيّقة، أو تلك النظرة التي تحقق المصالح الآنية في ظل صراع البدائل المتاحة. وغدا يجب على هذا المواطن أن لا يلوم "الغيب"، و أنا هنا حين لا أملك أدوات الكتابة في إيصال فكرتني للقارئ، فلأنّي أخاف أن تصيبني عين قارئ! ولكَ أيها القارئ الكريم أن تُسقط فكرتي هذه على أيّ إخفاق يعرفه أيّ منا لتجد أننا أحيانا نلوم "الغيب" على تصرفاتنا واختياراتنا سواء على المستوى الشخصي أو على المستوى العام.