إنه ليس عبارة عن تراكم للأحداث فقط كما قد يتصور البعض بل مجاله أوسع وأرحب وأكثر متعة، التاريخ واسع من وجهة نظري حينما نستخلص منه العبر التي تُمكننا من فهم الحاضر واستشراف المستقبل. كنت أتحصل في هذه المادة على الأعلى العلامات لما كنت طالبا، السر لا يكمن في الحفظ بل في شغفي للاكتشاف والبحث عن كل ما هو جديد، نعم قد تستغرب كيف يبحث عن الجديد في التاريخ ولكن أجيبك ببساطة، عندما استنبط منه ما يعينني على فهم الحاضر، بدل التراكم أؤمن بالسيرورة، السياق، المنطلقات والمصير فعندما نفهم الحاضر فإننا نؤمَّن حاجتنا منه ونستشرف الآتي هكذا هي نظرتي ببساطة للحدث، اليوم الكثير في عالمنا من لا يقرأ التاريخ لذلك يكرر أخطاء الماضي أفلا نتعظ. علينا أن نستنبط دائما منه ما يهمنا وما يلهمنا، ليس علينا بالضرورة حسب رأي أن نكتفي بالافتخار والاعتزاز بل نبحث عن ما هو جديد في التاريخ، لا يجب أن نعطي للأجيال دروسا جاهزة في الندوات والملتقيات أو في المدارس أو نٌلقينهم دروساً في التاريخ، علينا أن نوقد فيهم شعلة الشغف ونحرك فيهم حاسة البحث والفضول التي هي موجودة ومغروسة أصلا في داخلهم. أحببت التاريخ كي لا أكون سجينا للماضي بل أتحرى كي أتحرر من أسئلة الحاضر والمستقبل، تحصلت وبلا فخر أو مزايدة على علامات جيدة في مادة التاريخ لأني فعلا أحب قراءة القصص وصحيح أحب التعرف على الأمجاد ولكن أهم من كل هذا أنه كان أحد السبل كي أعرف من أكون، إنه سؤال الوجود، التاريخ بالنسبة لي: ليس الفتى من قال كان أبي إن الفتى من قال ها أنا ذا ليس فقط بما قدمه الأجداد سنتقدم ولكن سيزيدنا حبا واعتزاز لهذا الوطن وفي نفس الوقت نسأل أنفسنا في كل مرة في كل محطة يمر بها تاريخ الجزائر الحبيبة عن الذي قدمناه نحن كجيل الحاضر لهذا الوطن الغالي الذي ضحى في سبيله الأجداد بالغالي والنفيس لنحض نحن جيل الاستقلال وننعم بنسيم الحرية، فاتورة الدم في الجزائر لم تكن هينة وثورة الفاتح من نوفمبر كانت درساً للتاريخ الإنساني سجلت الجزائر فيها أجمل البطولات وأعطت أبهى الصور في سبيل الإنعتاق والتحرر من العبودية، تلك الأجيال حررت نفسها بالسلاح وسنحرر أنفسنا نحن أيضا بالسلاح، قد يكون السلاح بالأمس القريب بندقية أما اليوم فهو في رأيي كيف نصنع نحن تلك البندقية؟ وتلك القنبلة التي لم تعد اليوم يدوية. علينا أن نستخلص الدروس والعبر من المدرسة النوفمبرية أجمل وأروع الصور الصادقة لمعنى التضحية في سبيل الوطن إننا نعتز بذلك ونُقر بالتضحيات الجسام، ذلك الاعتزاز يطرح فينا السؤال الأبدي ماذا قدمنا نحن لهذا الوطن أو ما الذي سنضيفه لسجله الذهبي ونستسمح هاهنا أرواح الشهداء عن كلمة "نضيف" لذلك التاريخ المرصع بالدماء والتضحيات: المزيد من التضحيات، ثورة في مجال الفكر والأدب، ثورة علمية…؟ الإجابة حسب رأيي المتواضع تكمن في كلمة: النضال المستمر. هم ماتوا لأجل الوطن كي نعيش وعلينا أن نعيش لأجل الوطن حتى النصر.