كنا تسعة صحفيين هم "جيلالي حرفوش"، "طلال ضيف"، "شريط صادق"، "لزهاري نقبيل"، "قاسمي أحمد"، "يطو المحجوب"، "جياب ع." والمكلفة بخلية الإعلام للولاية، في طريقنا إلى بلدية الإدريسية لتغطية زيارة وزير التكوين المهني، وأثناء سير الحافلة التي تقلنا سمعنا صوت انفجار ثم شاهدنا شظايا الإطار الأمامي للحافلة تتطاير من كل ناحية، وبدأت الحافلة تتمايل يمينا وشمالا بشكل غير طبيعي نتيجة اختلال عجلة القيادة، وكادت أن تنقلب، ولولا لطف الله وفطنة السائق الذي تحكم في عجلة القيادة، لتحولنا إلى جثث، بعد لحظات مرعبة تمكن السائق من ركن الحافلة على حافة الطريق، ونزل الجميع منها سالمين، لكنهم كانوا مرتبكين بفعل الصدمة، وبدت لنا أعمارنا ما تزال طويلة… وما هي إلا دقائق قليلة حتى مرت سيارات موكب الوالي مسرعة ولا أحد توقف!؟ قام الزميلان "طلال ضيف" و"أحمد قاسمي" رفقة السائق بتغيير الإطار المعطوب، وصلنا إلى الإدريسية والقلق يسود أجواء زيارة الوزير، لأننا لم نلتقط بعد أنفاسنا من مشهد مرعب عشناه، مشهد يجد الإنسان فيه نفسه محاصرا بكل أنواع المخاطر، فإذا نجا من الحادث فإنه قد لا ينجو من الرعب أو من السكتة القلبية. قرر الزملاء رفض تغطية الزيارة إعلاميا، ليس اعتراضا على وقوع الحادث، وهو مشيئة الله، ولكن على التجاهل واللامبالاة اللذان أديا إلى انهيار معنويات الزملاء، وكان كل واحد منهم يردد "قدر الله وما شاء فعل"، لكنهم كانوا يتمنون أن يسمعوا كلمة واحدة من أي مسؤول سواء كان معينا أو منتخبا يستفسر عن أحوالهم، وقد تخفف عنهم هول الصدمة النفسية، وتجعلهم يشعرون أنهم فعلا ينتمون إلى صاحبة الجلالة ويحتمون بمظلة السلطة الرابعة. طبعا موقف الزملاء أعتبره تصرف حضاري، لأنه كان تعبيرا صادقا عن التعامل السلبي مع الأسرة الإعلامية، وكانت الرسالة هي ضرورة العمل بمبدأ الاحترام. شرحنا الوضع لبعض المسئولين بعدما قمنا بمعاتبتهم، وأسمعونا جملة من التبريرات لا يهم أن أذكرها، لأن المهم هو أن الحادث جعلني أدرك أشياء كثيرة، أهمها الضمير الإنساني الغائب عند بعض الناس، والروح الوطنية التي لا تتوفر عند الكثيرين، وأغرب ما سمعته هو كلام أحد البرلمانيين الذي قال "كنت أنتظر أمرا من الوالي بالسماح لي بالتوقف لأنني أركب في سيارة الولاية". وفي الأخير أشكر فريق تلفزيون محطة ورقلة الذي توقف ليستفسر عن أحوالنا، ثم رجال الدرك الوطني بالإدريسية الذين رغم أنهم وصولوا متأخرين لكن "ماعليهش".