أحيانا تعلو بنا المشاعر والعواطف ونقوم بتصنيف أي عمل صحفي ناقد لظواهر مختلفة في المجتمع في إطار عدم الاحترافية، حتى لو لم يكن كذلك ! وأحيانا تكون لدينا نحن معشر الصحفيين ما يسمى بثقافة الاستسهال التي تخمد المواهب والإبداعات وتجعلنا نختار المواضيع السهلة والبسيطة التي لا تضعنا في المسؤولية أو تجعلنا مضطرين لبذل جهود كبيرة، أقول هذا الكلام بمناسبة الاحتجاجات التي أثارها تحقيق قناة النهار حول طالبات جامعتنا الجزائرية والذي أدانه بعض الزملاء واعتبروه غير مهني وبعيد عن الأخلاق. أنا شخصيا لم تكن لدي معلومات عن ما يحدث بالإقامات الجامعية سوى بعض الشكاوى التي تشبه الحكايات التي يرويها الناس بحزن لبعضهم البعض، قبل أن أشاهد التحقيق الذي كان قاسيا نوعا ما، رغم أنه تضمن حقائق لا يمكن تجاهلها أو نكرناها، لا سيما وأنه ركز على اعترافات طالبات منحرفات، وسلط الضوء على مخالفات ناتجة عن غياب الضمير و روح المسؤولية، مع عدم تعميم الظاهرة بطبيعة الحال. وإذا افترضنا أن هناك من يرى أن التحقيق شوه صورة الجامعة الجزائرية وتسبب في منع طالبات من مزاولة دراستهن، فإن المؤكد أيضا أنه قد يجعل الجهات المسؤولة تتحرك وتتخذ الإجراءات اللازمة لإنهاء المسخرة، ومنهم من ينتهي به الأمر إلى حزم أمتعته، لأن التحقيقات والمواضيع والمقالات الصحفية وحدها من تعيد التوازن المفقود لمؤسسات الدولة. لكن دعوني أطرح هذه الأسئلة: كيف لتلك الظواهر التي تشبه "أصابع الديناميت" التي تنسف الجامعة وتقضي على مستقبل أجيال من الطلبة؟ لماذا لا نعترف دائما بالأخطاء التي عششت مثل العناكب تحت حجج ومبررات واهية؟ لماذا لا نصارح أنفسنا ونحاول معالجة الأمراض المتربصة بنا؟ هل يريد الزملاء مثلا أن تبقى تلك المهزلة على ما هي عليه؟ وإذا اقتنعنا أن كل مشاكلنا وقضايانا يتم التعتيم عنها، فهل سنصل إلى الحلول المناسبة؟