قطع الوزير الأول عبد المالك سلال الشك باليقين وأعلن (أخيرا؟) عن ترشح الرئيس لعهدة رابعة. الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 ستكون إذا كسابقاتها منذ 1999، من دون طعم ولا ذوق وبدون أي "سوسبانس"، والنتيجة كالعادة مفروغ منها سلفا… حقيقة ثابتة لن تكذبها تعليمة بوتفليقة بخصوص حياد الإدارة وهو الذي اختار وزيرا أولا ورئيس لجنة تنظيم الانتخابات ليعلن ترشحه وليقود حملته! ترشح بوتفليقة قتل إذا كل فرصة لتنظيم انتخابات لن نقول أنها كانت لتكون "نزيهة" ولكن على الأقل فيها أضعف الإيمان من الجو التنافسي ولن نستغرب إذا أقدم عدة مترشحين على التراجع وإعلان الانسحاب من السباق نحو قصر المرادية فلا طائل من محاربة آلة انتخابية تقودها أحزاب متسلقة على أشلاء الديمقراطية وبإمكانيات طائلة وبأسبقية زيارات "سلال" السخية تحت تأطير إدارة قد يمكن وصفها بشتى الأوصاف ما عدا الحياد في هكذا مناسبات. وبما أن فوز بوتفليقة بعهدة رابعة أصبح في حكم المؤكد، لم يبق لنا سوى تخيل كيف ستكون الخمسة سنوات المقبلة على ضوء الفوضى التي ميزت الساحة السياسية خلال الأسابيع الأخيرة. الحرب الخفية التي قادها محيط الرئيس وجهاز المخابرات انتهت "باللكمة القاضية" مباشرة بعد الإعلان الرسمي لترشح بوتفليقة في حال سلمنا أن دائرة الأمن والاستعلام كانت تعارض العهدة الرابعة وهذا يعني أن العهدة المقبلة ستكون أول عهدة منذ استقلال الجزائر لا ترقى إلى ما يعرف "بإجماع أجنحة السلطة". بوتفليقة يكون إذا قد أزاح "المبرر" الذي طالما تغنى بها مقربوه بخصوص "تأخر الإصلاحات" وأضحى الحاكم الفعلي والوحيد للجزائر وهو ما سيضعه أمام مسؤولية تاريخية تجاه الشعب الجزائري… لا توفيق ولا عماري ولا نزار يشاركونه مقاليد الحكم فهل سيؤسس بوتفليقة لنظام ديمقراطي متفتح يضمن حد أدنى من الممارسة السياسية النزيهة؟ صراحة، إذا كانت الإصلاحات التي يسوق لها بوتفليقة تبدأ بتنصيب أمثال سعيداني وغول وبن يونس وكل حرباء سياسي متجول على رأس التنظيمات الشعبية والأحزاب السياسية، فالظاهر أن التغيير المنشود لا يزال بعيد الأمد! العهدة المقبلة ستكون أيضا عهدة بالنيابة بامتياز وذلك بداية بالحملة الانتخابية التي سيقودها جمع غفير من الكائنات السياسية الغريبة وصولا إلى ممارسة الحكم فعليا والتي طغت عليها منذ مرض الرئيس طابع "التكليف" و"التمثيل" و"الوكالة"… وضع استثنائي فعلا! إنه لمن المؤسف أن يختم شخص كالرئيس بوتفليقة فترة حكمه بهكذا "تبهديلة" وهو الذي كان بمقدوره أن يدخل التاريخ من بابه الواسع.