ألقى الوزير الأول عبد المالك سلال بسحر العهدة الرابعة للرأي العام والطبقة السياسية عشية انتهاء آجل الترشيحات ، و وسط تباين في الرؤية بشأن ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة ، من الواضح جدا أن إعلان سلال حسم الأمر وأزال الغموض عن الاستحقاق القادم ، وقد وظّف الوزير الأول قالبا مهما في "ديباجة إعلان الترشح" وهي في العادة تلك المرتبطة بإلحاح الأوسط الشعبية والمجتمع المدني على ترشح الرئيس لعهدة رابعة. وبهذا التأكيد الذي يعتبر قرارا رسميا لبوتفليقة على لسان وزيره الأول فإن الساحة السياسية ستعرف حركية من نوع آخر خصوصا خلال اليومين القادمين ، حتى لو اعتبرت قلة قليلة أن تصريح سلال جاء لجس نبض الشارع قبيل الإعلان الشخصي من قبل بوتفليقة يوم الرابع والعشرين من اشهر الجاري ، فإن تصريح سلال أنهى مرحلة طويلة جدا من التساؤلات والغموض ، ووضع عربة الترشيحات على سكتها الصحيحة ، وهو بذلك يكون قد أنعش مؤيدو ودعاة العهدة الرابعة ومنحهم دفعا قويا لذلك ، حيث أعلنت اليوم تنسيقية مساندة بوتفليقة من تلمسان في ندوة صحفية تزامنت مع إعلان سلال عن تجمع ضخم يوم الفاتح مارس بمشاركة الأفلان وتاج وحزب عمارة بن يونس وأنصار بوتفليقة من كل ولايات الوطن ، وبذلك فإن أنصار العهدة الرابعة وجدوا في هذا الاعلان متنفسا سياسيا قويا لأطروحتهم ودعواتهم المتكررة ، وفي مقدمتهم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعيداني الذي ظل مصرا ومؤكدا على تشرح بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة دون أن يأخذ الكثير من المراقبين برأيه . تصريح سلال "القنبلة" برأي البعض أنه سيريح جبهة مقاطعة الانتخابات الرئاسية وفي مقدمتهم رموز التيار الإسلامي في الجزائر كحمس والنهضة بينما يرتقب أن يلتحق بالركب العديد من التيارات الأخرى ، كما قد يعلن بعض المترشحين انسحابهم في مقدمتهم الأمين العام لحزب جيل جديد ، كما أن هذا الاعلان سيعجّل ويدفع بالصامتين إلى ابداء موقفهم من الاستحقاق الرئاسي القادم ، كما أنه سيربك المترشحين الحاليين وفي مقدمتهم أنصار بن فليس الذين راهنوا بشكل كبير على عدم اقدام الرئيس على الترشح لعهدة رابعة ، حيث أن وجود بوتفليقة في رواق المترشحين من شأنه أن يعيد حسابات جلهم ، كون أنصاره ومحيطه قد حشدوا كافة الامكانيات المادية والاعلامية والسياسية ، إذ أن ترشح بوتفليقة يأتي بدعم من أرمادة حزبية لها كل الامكانيات التي تسهّل لها عملية استقطاب الناخبين والأنصار والمنظمات والجمعيات المدعمة بقوات إعلامية مكتوبة ومسموعة ومرئية ، ومنشورات وملصقات و حملة دعائية انتخابية ستكون الأقوى والأشرس ينشطها مجموعة من قادة ورؤساء الأحزاب السياسية . وعلى هذا النحو ستكون صورة ترشح بوتفليقة للعهدة الرابعة ، كما أن إعلان سلال من وهران عن ترشح الرئيس يكون قد أسقط أحلام البعض و وأد طموحات البعض الآخر في سلك طريق المرادية وفي مقدمته رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش الذي حاول أن بلعب في الوقت المستقطع لكن صفارة بوتفليقة قطعت كل آماله في ان يكون المرشح التوافقي للنظام وأجنحته، وسيفتح ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة الباب أمام القوى السياسية للفصل في موقفها ولعل أبرزها جبهة القوى الاشتراكية التي ستحدد نظرتها للاستحقاق الرئاسي المقبل على ضوء تواجد بوتفليقة في رواق المتسابقين.