خمسة عشر سنة لم تكن كافية للرئيس بوتفليقة لوضع أسس دولة عصرية وقوية لا تعتمد على المحروقات كمداخيل وحيدة للبلاد، دولة يكون القانون هو الحكم بين كل أفرادها، ودستورها هو المرجع الأول للفصل بين السلطات، ووضع النقاط على الحروف لهؤلاء وهؤلاء، خمسة عشر سنة لم تكفي الرجل الذي طاب جنانو في آخر خطاب ألقاه وهو واقف على رجليه، فهل يفعل الرجل في العهدة الرابعة ما عجز عن فعله وهو جالس على كرسي متحرك؟ إن أسوأ ما في الأمر كله أن يتكلم دعاة العهدة الرابعة باسم الشعب الجزائري وكيف أن هذا الشعب الذي لم تستطع السلطة توفير البطاطا له قبل التشريعيات الماضية وتوفير الحليب له قبل هذه الرئاسيات، يستعطف الرئيس للترشح للعهدة رابعة، وشخصيا لم أر جماهير الشعب تخرج في مسيرات مؤيدة لترشح فخامته، بل أن ما رأيناه من تصريحات مبايعة، كان ينبع من مسؤولي بعض الأحزاب وبعض ممن يسمون بممثلي المجتمع المدني الذين ناشدوا فخامته الترشح تماما كما كان يفعلها أنصار مبارك والقذافي وعلي عبد الله صالح . المدافعون عن عهدة رئاسية رابعة لا يرون في غير الرئيس مرشحا واحدا ووحيدا للجزائر، ولكنهم من حيث لا يدرون يسيئون للرجل، فإذا كان فعلا هو الضامن الوحيد لاستقرار الجزائر كما يقولون فإن أسوأ ما فعله طيلة خمسة عشر سنة من الحكم أنه جعل من الجزائر مجرد خرابة ليس فيها رجل واحد قادر على الحكم في بلاد فيها أربعون مليون مواطن، وإلا سيكون فخامته ساعتها فعلا هو الواحد الأوحد القادر على تسيير دفة الحكم في جزائر العزة والكرامة . إن كنا ندرك أن أوركسترا السيمفونية الرابعة سيقوم بعزف إيقاعات الحملة الانتخابية في كل ولايات الوطن، فإنه من الصعب التكهن بكيفية أداء فخامته لليمين الدستورية واقفا أمام المئات من المدعوين وواضعا يده على كتاب الله مدافعا عن الدستور وعن الحريات والحقوق الأساسية للإنسان وتحقيق المثل العليا للعدالة والحرية والسلم في العالم، ولكنني كمواطن سأشهد أمام الله أنني لم أفوض سعيداني ولا سلال ولا غيره للتكلم باسمي.