كلنا "جوبر محمد"… بهذه الصرخة وبهذا النداء صدحت حناجر أصدقاء ورفقاء الشاب "محمد الجوبر"، الذي شاءت له الأقدار أن يصاب في حادث سقوط ويصاب بشلل تام، مأساة هذا الشاب الذي اجرى عملية جراحية في مستشفى مصطفى باشا ولم تكلل بالنجاح، أنه من عائلة بسيطة لم تستطع توفير مبلغ المليار سنتيم لإجراء عملية جراحية لابنها في الصين. محمد لا يريد من هذه الدنيا إلا أن يمشي على قدميه، ولهذا صدحت حناجر أصدقائه وزملائه والعشرات من المتضامنين مع حالته وما اكثرهم، موجهين نداء لوالي الولاية أثناء تدشينه للمكتبة البلدية بحي المجاهدين، بأن يجد حلا لشاب ذنبه الوحيد أنه ولد بسيطا في مدينة بها الكثير من الأغنياء والكثير جدا من البخلاء. اليوم لم يكن محمد جوبر وحده، ففي وجوه كل الحاضرين ارتسمت صورة محمد، وفي وجه كل واحد منهم ظهرت تعاسة مدينه بكامل بؤسها وبجحافل مُترفيها، ومن يسمون بأعيانها ممن يجودون على أصحاب المعالي وحملة النياشين بكل تلك الهدايا دون أن يرف له جفن، وهم الكرماء جدا مع من لا يحتاج الكرم، والأسخياء جدا مع من لا يستحق السخاء، بينما لا يحتاج محمد الجوبر أو حرشاوي سمية وامثالهم، إلا لجزء بسيط مما ينفقه الأعيان وكل تلك الخردة المرادفة لكل معاني الرخس التي أصبحت تمثلها هذه الكلمة. والي الولاية وعد بدراسة حالة محمد الجوبر وتسلم الملف من زملائه، وكل امل لدى هؤلاء، أن يتكفل والي الولاية بمحمد الجوبر ولما لا بحرشاوي سمية، بعد أن عجزت مدينة المائة ألف مواطن والأكثر من ألف مترف غني ومتخم، من جمع مبلغ مليار سنتيم، ليمشي محمد الجوبر تحت هذه السماء، وتنعم حرشاوي بصحتها، دون انتظار لكل تلك الكومة من البخلاء.