مرة أخرى، تضيع الأحزاب السياسية وخاصة الكبيرة منها، فرصة من ذهب لإعادة الثقة في صفوف المواطنين بصفة عامة والمناضلين بصفة خاصة، وتقضي على بصيص الأمل الذي لاح في الأفق لوهلة. الأسماء المتداولة على أساس أنهم مرشحي الأحزاب السياسية، خاصة بالنسبة لحزب جبهة التحرير الوطني، تؤكد قطعا أن التشكيلات السياسية في الجزائر هي الخطر الأكبر على اللعبة الديمقراطية، وهي أكبر مشوش عليها وأغلب مسؤوليها لا يستحقون أن يقودوا المشهد ولا حتى أن يمنحوا فرصة بتصحيح الوضع، لأنهم يعيشون في مجرة أخرى منفصلين تماما عن المجتمع، بل ويشكلون خطرا محدقا على تماسكه. „الأفلان" مثلا يدرك جيدا أنه القوة السياسية الأولى في الجزائر، بفضل التصويت التلقائي لشريحة واسعة من المنتخبين، ويدرك أيضا أنه لا يحتاج لا إلى شخصيات معروفة أو إلى أصحاب المال كي يقود حملته بما أن أغلب المصوتين في الجزائر من فئة الشيوخ، والشيوخ ما إن يدخلوا مكتب التصويت حتى يتجهوا مباشرة وعفويا نحو قسيمة „الجبهة"، وعليه، لم يبق من تفسير لاستفحال ظاهرة الشكارة داخله سوى وجود لوبيات مافيوية صنعت لنفسها مسارات تجارية تعيد تفعيلها عند كل موعد انتخابي، ثم تختفي بعدها وراء شعارات „التشبيب" و"تسليم المشعل". المشهد متعفن جدا إلى درجة قد يجعلنا نطالب بإلغاء كل هذه المهازل والبيوت القصديرية المسماة زورا أحزابا والاكتفاء بالإدارة لتسيير شؤون البلد، لأن هذه المسرحية التي يعتقد أصحابها أنهم يؤدونها ببراعة، أصبحت مزعجة وأيضا مهدرة للمال العام. ولا يمكن أن نلوم بعد كل هذا المواطن البسيط على استقالته من الحياة السياسية وهجره مكاتب التصويت، بحجة انعدام وعيه. سياسيونا هم فاقدو الوعي الوحيدون في هذا البلد.