معركة الصريف هي معركة حدثت في 17 مارس 1901 بين قوات مبارك الصباح ومعه عبد الرحمن بن فيصل آل سعود وسعدون باشا السعدون وصالح الحسن آل مهنا وسلطان بن الحميدي الدويش ضد قوات عبد العزيز المتعب الرشيد أمير حائل وشمر في الصريف شمال شرق بريده إنتهت بإنتصار ابن رشيد. بعد معركة المليداء في 1891 وانهزام أهل القصيم من محمد العبد الله الرشيد، وإنهزام عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود في معركة حريملة، انتقل عبد الرحمن بن فيصل آل سعود إلى الكويت، وبقيت أسرة آل سعود في الكويت، وأجرى الشيخ مبارك الصباح مرتبا لعبد الرحمن بن فيصل آل سعود مقداره 30 تالر ماريا تريزا. وتعد إجارة الشيخ محمد الصباح أمير الكويت في ذلك الوقت من الأسباب التي أدت إلى نشوب الحرب بين الكويت وإمارة آل رشيد، وكان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يرغب في إستعادة إمارة نجد من آل رشيد، وكان يطلب معاونة الشيخ مبارك الصباح، حيث كان يطلعه على الرسائل التي كانت تصله من أكابر نجد ووجهاؤها وعلى الأخص آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذين كانوا يحثونه على استرجاع مجد آباءه ويخبرونه بأن أهالي نجد معه، فتعاهد الشيخ مبارك الصباح وعبد الرحمن بن فيصل آل سعود على أن يكونا يدا واحد على ابن رشيد. ومن الأسباب التي أدت إلى نشوب المعركة أيضا هي استضافة عبد العزيز بن متعب الرشيد لأعداء الشيخ مبارك الصباح مثل يوسف الإبراهيم، وكان عبد العزيز بن متعب الرشيد يتلقى التحريضات من الدولة العثمانية بعد توقيع الكويت لاتفاقية الحماية مع بريطانيا في 1899. وكانت العلاقة بين الكويت وإمارة آل رشيد في عهد محمد العبد الله الرشيد تشهد توترا، وبخاصة بعد تولي الشيخ مبارك الصباح السلطة، حيث طمع محمد العبد الله الرشيد إلى السيطرة على الكويت لتكون منفذه البحري والاستفاده من موقعها الإستراتيجي، وظهرت أهمية الكويت بالنسبة لنجد عندما أغلق الشيخ مبارك ميناء الكويت في وجه ابن رشيد مما جعل إمداده بالسلاح والعتاد والذخائر من الدولة العثمانية التي أبدى لها الطاعة والإخلاص حتى توثقت بينه وبين السلطان عبد الحميد أواصر المودة، حيث كان ابن رشيد يقدم للسلطان الخيول العربية الأصيلة، والسلطان يغدق عليه بالذهب والسلاح الذي يحتاج لوقت طويل حتى يصل نجد، وعندما استلم عبد العزيز بن متعب الرشيد الحكم، أخذ يتطلع إلى توسيع نفوذه لتشمل الكويت وكسر عزلة حائل الجغرافية وبسط سيطرته على ميناء الكويت. كانت هناك غارات تحدث ما بين عبد العزيز بن رشيد وسعدون باشا شيخ المنتفق حليف الشيخ مبارك، وكانت غارات سعدون باشا على شمر قد حققت نجاحا كبيرا ولكن بعد معركة تل اللحم تراجع سعدون باشا داخل الأراضي التركية، أما ابن رشيد فقد قرر إرسال قبائل شمر للإغارة على بادية الكويت، وقرر الشيخ مبارك الصباح إعداد جيش ليقطع الطريق على ابن رشيد، فقام بتقسيم الجيش إلى قسمين، القسم الأول برئاسته وسار إلى الزبير في تاريخ 29 أكتوبر 1900، والقسم الثاني الذي ضم العديد من الخيالة فقد قاده أخيه حمود الصباح وابنه سالم المبارك الصباح لمهاجمة سلطان الدويش حليف ابن رشيد، وساروا على طريق جريشان يبحثون عن ابن رشيد في السماوة، وقد التقى الجيش الثاني بابن رشيد، لكن حمود وسالم عندما شاهدا نيران جيش ابن رشيد ليلا قررا أن لا قدرة لهم على كسره فغيرا مسيرهم إلى قبائل شمر التي هي ثلث قوات ابن رشيد المحاربة وركن قوي من أركانه وكانوا على آبار الرخيمة، وهناك فتك الجيش الكويتي بشمر وأخذ الكثير من أموالهم وأبلهم وأغنامهم، وعندما عادت فلول الجيش إلى ابن رشيد وعلم بأن جيش الكويت قد اجتمع ثانية، وهجم ابن رشيد على سعدون باشا وقواته فغلبهم وقتل الكثير منهم ثأرا من معركة تل اللحم. وكان مبارك الصباح قد علم بأنه إذا عادت إمارة نجد إلى حلفاءه آل سعود فستحتمي الكويت وأطرافها وتنقطع عنها الغارات، حيث تأثرت الكويت اقتصاديا وانقطعت التجارة البرية وتوقف دورها كمحطة لحجاج فارس والعراق لعدم وجود من يحفظ السبيل لهم عبر نجد إلى مكة في الوقت الذي بدأت الكويت فيه تعاني من ضائقة التدهور الاقتصادي الذي طرأ عليها نتيجة غارات شمر المستمرة. [عدل] موقف الدول الكبرى من تحرك مبارك الصباح عندما تحرك مبارك الصباح لحشد قوات كبيرة لمهاجمة ابن رشيد في عقر داره في حائل بدأت بريطانيا بالتحرك لمنع وقوع إضطرابات في الجزيرة العربية يمكن أن تدفع بريطانيا للمواجهة مع الأتراك، حيث قام الكولونيل كمبول بإرسال تقرير في 3 ديسمبر 1900 حول الوضع في الكويت تنبأ فيه بأن كلا من ابن رشيد ومبارك الصباح لن يظلا ساكنين وأنهما سيستأنفان القتال في وقت قريب، وكان من المشكوك فيه كما بين التقرير ما إذا كان ابن رشيد سيتقبل ما لحق به من إهانة وتجريح، وفي 10 ديسمبر من نفس العام أرسل كمبول رسالة إلى الشيخ مبارك قال فيها: يبدو لي أنك تنتهج سياسية خطرة بمواصلة استفزاز أمير نجد، ومرة أخرى أنصحك بإلتزام الهدوء، وقد تم إعلام الشيخ مبارك بأن الحكومة البريطانية لن تعطيه مساعدة على شكل بنادق لتمكينه من تنفيذ خططه شبه الحربية ضد ابن رشيد، ولكن تلك التحذيرات لم تجد أذانا صاغية من قبل مبارك الصباح حيث كان يعرف بأن بريطانيا لا يمكن بأن تمنعه فيما يقدم عليه لمواجهة ابن رشيد في عقر داره، وحتى وإن كان بينه وبينهم معاهدة، وبعث بعد ذلك وزير خارجية بريطانيا رسالة إلى نائب الملك في الهند يقول فيها بأنه من المرغوب تجنب تجدد القتال بين مبارك الصباح وأمير نجد، وينبغي على كمبول أن يزور الكويت لينصح الشيخ بتجنب الحرب، ويرد نائب الملك بأن الرسالة أبلغت ولكن مبارك الصباح لم يلتزم بها، حيث كان رد الشيخ مبارك الصباح حازما وواضحا حين قال: طالما استمر يوسف بن ابراهيم من ابن الرشيد في نجد فهو (أي يوسف) لن يلتزم بالهدوء بل سيحرض ابن الرشيد لمهاجمة الكويت ولذلك ليس من الحكمة بأن يقبع في الكويت بل عليه أن يتقدم لحماية قبائله. [عدل] حشد القبائل والأسلحة مارس مبارك الصباح التصعيد العسكري ضد ابن رشيد، حيث استخدم وسائل الحرب بصورة تضخم وقعها على العدو، حتى بلوغه الهدف، والغاية تكون استراتيجية يتم إلى جانب السلاح استخدام وسائل سياسية واقتصادية ومعنوية، ومن ذلك أنه كان يصرح بالتهديد ويعلن الحرب كما فعل عندما أبلغ جميع القبائل التي تتبعه أنه يساعد عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ضد ابن رشيد، وأنه أرسل سرية بقيادة حمود الصباح وأغارت على شمر في الرخيمة، وقد رأى مبارك الصباح بأن الوقت مناسب لمعالجة ابن رشيد بمعركة قوية خاصة أن ابن رشيد قد خرج لتوه من المناوشات التي حدثت بينه وبين سعدون باشا في الخميسية وتل اللحم وغيرها من المعارك وبعد أن هزمه سعدون باشا في الخميسية وتليل الجبارة. وقد كان مبارك الصباح يعلم بأنه إذا ترك ابن رشيد ولم يحاربه فإنه سيقوم وبتحريض من يوسف الإبراهيم بمهاجمة الكويت عاجلا أم آجلا، وأن خروج مبارك الصباح لملاقاته سيسقط هيبته أمام أهل نجد وغيرهم، وكان مبارك الصباح منهمك في إعداد العدة للحرب، فكتب يستدعي حليفه سعدون المنصور من العراق، فلما علم ابن رشيد، أرسل رسولا هو سالم بن حمود الرشيد يطلب من سعدون البقاء على الحياد، فلم يرض سعدون باشا بذلك بل رفض الحياد وصمم على الحرب بجانب آل صباح، لأنه كان قد عقد اتفاقا بالصداقة والوداد مع آل صباح وآل سعود، فما أمكنه نقض الاتفاق. ولما سمع الشيخ خزعل الكعبي صديق مبارك الصباح بما عزم عليه من دخول الحرب مع ابن رشيد، أرسل إليه مدفعين رشاشين وكتب إليه كتابا يحذره فيه من خصمه وينصحه بأخذ الإحتياطات اللازمة، وأن يتوثق من إخلاص عشائره ويحمل معه الأسلحة الكافية والمدافع الخفيفة، وقام مبارك الصباح بشراء كميات كبيرة من بنادق مارتيني الإنجليزية من البحرين، وأما الكويت، فقد كانت الاستعدادت تجري على قدم وساق عندما أمر مبارك الصباح خادمه عبد الله الهاجري بجمع المقاتلين للمعركة القادمة، وتم تجميع المقاتلين من أهل الكويت الذين استجابوا للنداء، وليبقى في الكويت أصحاب الأعذار أو من يعول عليه أهله ومن يدافع عن المدينة. حشد مبارك الصباح حوالي عشرة آلاف مقاتل تقريبا، منهم 1200 من أهل الكويت، وانضمت عدد من القبائل إلى صفوف الجيش الكويتي، وكان لوجود الكثير من القبائل بأمرائها وفرسانها المشهورين في ذلك دافعا للقبائل الأخرى للإنضمام للقبائل الأخرى عسى أن تظفر بغنيمة كبيرة هي شبه مضمونة في نظرهم، نظرا لكبر حجم هذا الجيش.