التطورات السريعة والمتلاحقة الحاصلة في ميدان تكنولوجيات الاتصال والإعلام والثورة المعلوماتية التي يعيشها العالم الآن،أدت إلى زوال وسقوط الحدود بين الدول،وتقلص المسافات بينها،واختفاء عاملي الزمن والمساحة،فالكرة الأرضية التي نعيش عليها الآن تحولت إلى قرية الكترونية صغيرة على حد تعبير العالم الكندي مارشال ماكلوهان،فهذه التطورات أثرت على كل المجتمع بأفراده ومؤسساته ومن شأنها أن تحدث تغييرات جذرية على أنماط وطرق الاتصال فيه،وبالتالي وجب إعادة النظر في كثير من المفاهيم والإشكاليات والقضايا التي تشغل الدول،خاصة تلك الدول النامية والعربية،بل وفرضت تحديات كبيرة عليها،شكلت في كثير من الأحيان عوائق وصعوبات تواجه هذه الدول النامية في تحقيق تنمية على مستوى مجتمعاتها. إن أبرز ما كثر الحديث عنه في السنوات الأخيرة من قبل الباحثين وخبراء الاتصال والمعلوماتية هومفهوم الأمية في القرن الواحد والعشرين وبروزمفهوم آخر للأمية وهي الأمية التكنولوجية!، في ظل التطور التكنولوجي الحاصل في كافة المجالات وظهور وسائل ووسائط جديدة لم تكن معروفة من قبل لدى كثير من هذه المجتمعات،فالدول المتقدمة الآن تجاوزت ماأصبح يعرف بالأمية الكلاسيكية بمفهوم القراءة الكتابة،وأدركت منذ البداية ضرورة مواكبة هذه التطورات،والانخراط،والدخول بقوة في عالم التكنولوجيا والثورة المعلوماتية. فاستعدت لها جيدا،ووفرت كافة الشروط لإنجاح العملية،فهذه الدول التي تحترم نفسها وشعوبها ومواطنيها؟،لم تعد تتحدث في القرن الواحد و العشرين عن أفراد لايعرفون القراءة والكتابة،بل الأمي عند هذه الدول هومن لايملك جهاز كمبيوتر مربوط بشبكة الأنترنت أوذلك الشخص الذي لايجيد التعامل مع تكنولوجيات الاتصال المتطورة وبأنواعها المختلفة. في مرة من المرات سئل الرئيس الإسرائيلي "شمعون بيرز"عن مفهوم الأمية في دولته؟فأجاب الرئيس: "بأن الأمي عندهم هومن يحمل شهادة الدكتوراة،ولا يملك جهازكمبيوتروأنترنت ولا يعرف التعامل معها". لقد تجاوزت المجتمعات هذه الإشكاليات منذ مدة طويلة،بينما الدول العربية وللأسف الشديد مازالت تناقش حتى الآن ما يسمى بالأهداف أوالحقوق التي زمان قامت من أجلها ثوراتها ضد الاحتلال،فكما قامت ثوراتها من أجل القضاء على الأمية ونشر التعليم،طرد الإستعمار نشر الدين الإسلامي وغير ذلك من المطالب،هاهي الدول العربية في القرن الواحد والعشرين تحاول بكل مااستطاعت من جهود القضاء على الأمية بمفهوم القراءة والكتابة،وتقول إنها قطعت أشواطا جد هامة في هذا المجال!. العاركل العار أن يدخل العرب القرن الواحد والعشرين بأكثر من45%من السكان أميون. والعار كل العار أن تصل نسبة الأمية في أوساط النساء العربيات إلى نسبة متقدمة جدا،أرقام مخيفة تبعث على القلق وعدم الارتياح يعكسها واقع مرير يعيشه المواطن العربي في عصر التكنلوجيا والانترنت،والصورة والصوت حلول مقترحة لتجاوز المفهوم الكلاسيكي للأمية في الوقت الذي باتت الحضارة الغربية تحقق إنجازات عظيمة في كافة المجالات،وفي كافة العلوم،فكل المخترعات أضحت تأتيتينا من وراء البحار والمحيطات،وصرنا متلقين مستهلكين سلبين لا منتجين،وجب إعادةالنظر في مفهوم الأمية عندناإذا أردنا أن نتطور ونكيف شعوبنا وفق متطلبات وتطورات العصر الذي لا مكان فيه للضعيف الذي لايقرأ أوينتج أويخترع!. كل هذه التحديات وجب مواجهتها بالعلم والتعليم،وعن طريق إتاحة المزيدمن السهولة والمرونة للوصول للمعلومة بكافة أشكالها وأنواعها لدى جميع أفراد المجتمع وبالتساوي بينهم، فالمعلومة موجودة فعلا لكنها ليست متاحة للجميع فهي متاحة فقط للمتعلم وذو المستويات الاقتصادية المرتفعة نسبيا،كما يجب توفير تكنولوجيات الاتصال والإعلام وكافةالوسائط المتعددة لدى أفراد المجتمع بطرق عادلةومتكافئة لدى الجميع وبدون استثناء،فالحل الوحيد الذي أماننا أن نرسم إستراتيجية واضحة لمواجهة الأمية التقليدية. إن الدول العربية بسياساتها الحالية ستوسع الفجوة المعرفية بينها وبين الدول المتقدمة، وأصبحنا أمام دول غنية معلوماتيا تتحكم في العالم عن طريق الانتاج الواسع للمعلومةوتوزيعها على دول الجنوب،وفي الجانب الآخر دول أصابها مرض فقر المعلومات،تعاني من التبعية بكافة أشكالها.