في حصيلة غير نهائية، يبدو أن المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل لركاب أسطول الحرية قد عادت على مرتكبها، كيدا مرتدا في عدة مجالات، حتى إن السؤال الذي أصبح يتردد هو هل ستفلت إسرائيل من العقاب مجددا؟ ويتفق معظم المعلقين في إسرائيل على أنها مهما مضت في رواية "الدفاع عن النفس" ستبقى في نظر العالم معتدية ومفرطة في استخدام القوة، كما ستبقى معرضة لملاحقة قضائية وربما غولدستون 2. وإذا كانت نيكاراغوا هي الدولة الوحيدة التي قطعت علاقاتها مع إسرائيل، فإن الأضرار الدبلوماسية تعدت ذلك، وفي صلبها تدهور العلاقات مع تركيا التي كانت تعتبر علاقات إستراتيجية طيلة عقود، إضافة إلى تعميق صورة إسرائيل باعتبارها دولة مارقة في وعي البشرية. ولا يستبعد مراقبون إسرائيليون أن تنتهي الأزمة الدبلوماسية بقطع أنقرة علاقاتها مع تل أبيب في نهاية المطاف، في ظل تدهور العلاقات المتواصل على غرار إيران. تركيا وتشير القناة الإسرائيلية العاشرة إلى أن خروج رئيس الحكومة التركي رجب أردوغان على رأس أسطول جديد إلى قطاع غزة يعني "إعلان حرب" على إسرائيل، مؤكدة أن خسارة الصداقة التاريخية والإستراتيجية مع تركيا ضرر فادح جدا. وأفادت مصادر إعلامية اليوم أن إسرائيل مرشحة لخسارة هامة جراء قيام أنقرة بإعادة النظر في قاعدة استخبارية تديرها إسرائيل في شرق تركيا لمتابعة ورصد المشروع النووي في إيران. وللمخاوف الإسرائيلية ما يبررها، فقد أعلن أردوغان في مؤتمر البلدان الآسيوية في إسطنبول أن تركيا لن تبدي أي تسامح تجاه استمرار حصار غزة والاعتداءات الإسرائيلية، وأنها بصدد إعادة النظر في علاقاتها مع إسرائيل. كما أكد أنه من المحظور أن تفلت إسرائيل من العقاب بعد ارتكابها جريمة بشعة. ويؤكد المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية الأسبق ألون ليئيل أن تدهور العلاقات مع تركيا يتصدر قائمة الأضرار اللاحقة بإسرائيل عالميا جراء "حماقتها البلطجية"، وشكك في جدوى دعاية إسرائيل الرامية إلى تحسين صورتها. مصارع نازف ويوضح ليئيل للجزيرة نت أن تركيا بدأت تمس جوهر علاقاتها الإستراتيجية مع إسرائيل، ولا يستبعد قطع تلك العلاقات إذا لم تبادر إسرائيل إلى القيام بحدث كبير كرفع حصار غزة أو إطلاق أسرى أو استئناف مفاوضات حقيقية مع سوريا والسلطة الفلسطينية. وينبه ليئيل إلى وجود ضعف سياسي دبلوماسي جراء تعميق صورة سلبية لإسرائيل في وعي العالم باعتبارها "دولة بلطجية" تفرط في استخدام القوة بفظاظة، حسب تعبيره. وشبه ليئيل حالة إسرائيل السياسية الراهنة بمصارع نازف يتذبذب على الحلبة، وقال إن ذلك يستدعي المزيد من الضربات. ونتيجة المجزرة، وفي ظل جمود المسيرة السياسية، يتوقع ليئيل أن تمرر في الأممالمتحدة قرارات لصالح الفلسطينيين في قضايا القدس أو الدولة المستقلة. ومع ذلك يشير ليئيل إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يبدي مواقف حازمة تجاه إسرائيل لاعتبارات اقتصادية وسياسية، منبها إلى تصاعد قوة وتأثير المجتمع المدني والشارع بخلاف السياسات الأوروبية الرسمية. كابوس ونكتة وفي ظل الإدانات الدولية المتتالية للمجزرة اضطر رئيس إسرائيل شمعون بيريز إلى إلغاء زيارة لفيتنام بناء على طلب منها، كما غيرت كمبوديا طابع زيارته الرسمية المرتقبة إلى زيارة عمل عادية. كذلك يرى مراقبون أن المجزرة في عرض البحر والإدانات الدولية المتتابعة تحرج الولاياتالمتحدة وربما تضع العصي في دولاب العقوبات الدولية على إيران. وقال مراسل صحيفة هآرتس في واشنطن إن البيت الأبيض يتطلع إلى منع سيناريو محتمل بأن تضر العملية الإسرائيلية بالجهود الحثيثة في الأممالمتحدة لمعالجة "السلاح النووي" الإيراني والسلوك المتحدي لكوريا الشمالية. وقالت رئيسة كاديما تسيبي ليفني خلال تقديم اقتراح لنزع الثقة عن الحكومة في الكنيست إن إسرائيل باتت تعاني من عزلة دولية تمس بأمنها وتقلص هامش مناورتها، داعية إلى لجنة تحقيق داخلية لفحص صناعة القرار في إسرائيل. ويقول الكاتب بيني تسافري في مدونته إن إسرائيل تبدو من برلين -حيث يوجد اليوم- "كابوسا أو نكتة سيئة"، مشيرا إلى حالة الاشمئزاز والاستخفاف بإسرائيل هناك. وفي إطار الضرر اللاحق بصورة إسرائيل التي شبهها مراقبون محليون بمصاب بالبرص، ألغى عدد من الفرق الفنية العالمية حفلات أقرت من قبل، آخرها فرقة "فيكسيز" الأميركية التي كان من المفترض أن تؤدي عرضا بإسرائيل يوم الأربعاء.