مصطفى صادق عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي (1298 ه- 1356 ه الموافق 1 يناير 1880 - 14 مايو 1937 م) ولد في بيت جده لأمه في قرية "بهتيم" بمحافظة القليوبية في أول وعاش حياته في طنطا . ينتمي الي مدرسة المحافظين وهي مدرسة شعرية تابعة للشعر الكلاسيكي . وأصله من مدينة طرابلس في لبنان وما زالت أسرة الرافعى موجودة فيها حتى الآن, أما الفرع الذي جاء إلى مصر من اسرة الرافعى فإن الذي اسسه هو الشيخ محمد الطاهر الرافعى الذي وفد إلى مصر سنة 1827, ليتولى قضاء المذهب الحنفي أى مذهب أبي حنيفة النعمان بأمر من السلطان العثمانى حيث كانت مصر حتى ذلك الحين ولاية عثمانية. كما يقال ان نسب أسرة الرافعى يمتد إلى عمر بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وقد جاء بعد الشيخ محمد طاهر الرافعى عدد كبير من اخوته وأبناء عمه, وبلغ عدد أفراد أسرة الرافعى في مصر حين وفاة مصطفى صادق الرافعى سنة 1937 ما يزيد على ستمائة فرد. كان والد الرافعى هو الشيخ عبد الرازق الرافعى الذي تولى منصب القضاء الشرعى في كثير من أقاليم مصر وكان آخر عمل له هو رئاسة محكمة طنطا الشرعية. أما والدة الرافعى فكانت سورية الاصل كأبيه وكان أبوها الشيخ الطوخى، وهو تاجر تسير قوافله بالتجارة بين مصر والشام، واصله من حلب، وكانت اقامته في بهتيم من قرى محافظة القليوبية، وكان له فيها ضيعة. ولد مصطفى صادق الرافعي في يناير سنة 1880 وآثرت أمه أن تكون ولادته في بيت أبيها. دخل الرافعى المدرسة الابتدائية ونال شهادتها ثم أصيب بمرض يقال انه التيفود أقعده عدة شهور في سريره وخرج من هذا المرض مصابا في أذنيه وظل المرض يزيد عليه عاما بعد عام حتى وصل إلى الثلاثين من عمره وقد فقد سمعه بصورة نهائية. لم يحصل الرافعى في تعليمه النظامى على أكثر من الشهادة الابتدائية. معنى ذلك أن الرافعى كان مثل العقاد في تعليمه, فكلاهما لم يحصل على شهادة غير الشهادة الابتدائية. كذلك كان الرافعى مثل طه حسين صاحب عاهة دائمة هي فقدان البصر عند طه حسين وفقدان السمع عند الرافعى ومع ذلك فقد كان الرافعى مثل زميليه العقاد وطه حسين من اصحاب الارادة الحازمة القوية فلم يعبأ بالعقبات، وإنما اشتد عزمه وأخذ نفسه بالجد والاجتهاد, وعلم نفسه بنفسه حتى استطاع ان يكتسب ثقافة رفيعة وضعته في الصف الأول من أدباء عصره ومفكريه. تزوج الرافعى في الرابعة والعشرين من أخت صديقه الأديب الأستاذ عبد الرحمن البرقوقى صاحب مجلة البيان وصاحب أفضل شرح لديوان المتنبى, وأنجب من زواجه عشرة أبناء. اضطره المرض إلى ترك التعليم الرسمي، واستعاض عنه بمكتبة أبيه الزاخرة، إذ عكف عليها حتى استوعبها وأحاط بما فيها. عمل في عام 1899 ككاتب محكمة في محكمة طخا، ثم انتقل إلى محكمة طنطا الشرعية، ثم إلى المحكمة الأهلية، وبقي فيها حتى لقي وجه ربه الكريم. على أن الرافعى لم يستمر طويلا في ميدان الشعر فقد انصرف عن الشعر إلى الكتابة النثرية وعندما نتوقف أمام ظاهرة انصرافه عن الشعر نجد أنه كان على حق في هذا الموقف فرغم ما أنجزه في هذا الميدان الأدبي من نجاح ورغم أنه استطاع أن يلفت الأنظار إلا أنه في الواقع لم يكن يستطيع أن يتجاوز المكانة التي وصل إليها الشعراء الكبار في عصره وخاصة أحمد شوقي وحافظ إبراهيم فقد أعطى هذا الشعران التعبير عن مشاعر الناس وهمومهم في هذا الجيل. تميز شعر حافظ إبراهيم وأحمد شوقي بالسهولة والغزارة مما اتاح لهما القدرة على الانتشار بين القراء حتى لو كان هولاء القراء متوسطين في ثقافتهم فأين يذهب الرافعى في هذه المعركة الكبيرة وشعره لم يكن شعرا سهلا بل كان شعرا صعبا يحتاج إلى ثقافة أدبية ولغوية عالية لكى يفهمه من يقرأه ولكى يتذوقه بعد ذلك ويستمتع به. لعل الرافعى هو من اطلق أول صرخة اعتراض على الشعر العربى التقليدى في أدبنا فقد كان يقول: "ان في الشعر العربى قيودا لا تتيح له أن ينظم بالشعر كل ما يريد أن يعبر به عن نفسه" وهذه القيود بالفعل هي الوزن والقافية. كانت وقفة الرافعى ضد قيود الشعر التقليدية أخطر وأول وقفة عرفها الأدب العربي في تاريخه الطويل وأهمية هذه الوقفة أنها كانت حوالي سنة 1910 أي في أوائل هذا القرن وقبل ظهور معظم الدعوات الادبية الأخرى التي دعت إلى تحرير الشعر العربى جزئيا أو كليا من الوزن والقافية. الميدان الأول الذي انتقل إليه الرافعى الذي كان مقيدا بالوزن والقافية هو ميدان النثر الشعرى الحر في التعبير عن عواطفه العتيقة التي كانت تملأ قلبه ولا يتعداها إلى تصرفات تخرج به عن حدود الالتزام الاخلاقي والديني كما كان يتصوره. أما الميدان الثاني الذي خرج إليه الرافعى فهو ميدان الدراسات الادبية وأهمها كان كتابه عن "تاريخ اداب اللغة العربية" وهو كتاب بالغ القيمة ولعله كان أول كتاب في موضوعه يظهر في العصر الحديث لأنه ظهر في أوائل القرن العشرين وبالتحديد سنة 1911. ثم كتب الرافعى بعد ذلك كتابه المشهور "تحت راية القرآن" وفيه يتحدث عن اعجاز القرآن. ويرد على آراء الدكتور طه حسين في كتابه المعروف باسم "الشعر الجاهلى". يأتى الميدان الأخير الذي تجلت فيه عبقرية الرافعي ووصل فيه إلى مكانته العالية في الأدب العربي المعاصر والقديم وهو مجال المقال والذي أخلص له الرافعى في الجزء الأخير من حياته وأبدع فيه ابداعا عجيبا وهذه المقالات التي جمعها الرافعى في كتابه "وحي القلم". مؤلفاته 1. تاريخ آداب العرب (ثلاثة أجزاء)، صدرت طبعته الأولى في جزأين عام 1329 ه، 1911م. وصدر الجزء الثالث بعد وفاته بتحقيق محمد سعيد العريان وذلك عام 1359 ه الموافق لعام 1940م. 2. إعجاز القرآن والبلاغة النبوية (وهو الجزء الثاني من كتابه تاريخ آداب العرب)، وقد صدرت طبعته الأولى باسم إعجاز القرآن والبلاغة النبوية عام 1928م. 3. كتاب المساكين، صدرت طبعته الأولى عام 1917م. 4. السحاب الأحمر. 5. حديث القمر. 6. رسائل الرافعي، وهي مجموعة رسائل خاصة كان يبعث بها إلى محمود أبي رية، وقد اشتملت على كثير من آرائه في الأدب والسياسة ورجالهما. 7. تحت راية القرآن، مقالات الأدب العربي في الجامعة، والرد على كتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين. 8. على السفود، وهو رد على عباس محمود العقاد. 9. وحي القلم، (ثلاثة أجزاء) وهو مجموعة فصول ومقالات وقصص كتب المؤلف أكثره لمجلة الرسالة القاهرية بين عامي 1934- 1937م. وفيها: 1. اليمامتان 2. الطفولتان 3. في الربيع الأزرق 4. الحب الأول 10. أوراق الورد. 11. رسائل الأحزان. 12. ديوان الرافعي (ثلاثة أجزاء) صدرت طبعته الأولى عام 1900م. 13. ديوان النظرات (شعر) صدرت طبعته الأولى عام 1908م. في يوم الاثنين العاشر من مايو لعام 1937 استيقظ فيلسوف القرآن لصلاة الفجر، ثم جلس يتلو القرآن، فشعر بحرقة في معدته، تناول لها دواء، ثم عاد إلى مصلاه، ومضت ساعة، ثم نهض وسار، فلما كان بالبهو سقط على الأرض، ولما هب له أهل الدار، وجدوه قد فاضت روحه الطيبة إلى بارئها، وحمل جثمانه ودفن بعد صلاة الظهر إلى جوار أبويه في مقبرة العائلة في طنطا. مات مصطفى صادق الرافعي عن عمر يناهز 57 عاماً. يذكر أنه ألف النشيد الرسمي التونسي الذي لا يزال معمولا به إلى يومنا هذا وهو النشيد المعروف بحماة الحمى.