بدأ في أبوظبي منتدى (تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة) الذي تنظمه الإمارات لتشكيل جبهة إسلامية من العلماء والمفكرين المعتدلين لمواجهة ما أسمته التطرف والتماشي مع التقدم، في إشارة إلى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي. وشارك في المؤتمر الذي استمر يومين أكثر من 250 عالم ومفكر إسلامي معتدل على وصف إعلام الإمارات، لاسيما شيخ الأزهر أحمد الطيب والعلامة عبدالله بن بيه الذي يرأس اللجنة العلمية للمنتدى. وأكد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد الذي افتتح المؤتمر أن هذا التجمع الكبير من علماء المسلمين (يمثل محاولة أولى على المستوى العالمي لرسم خارطة طريق نحو الأمام للمجتمعات الإسلامية من أجل العيش بسلام وتناغم وحسب المبادئ الإسلامية الجوهرية التي تتناغم مع المفاهيم العالمية). ودعا الشيخ عبدالله في كلمته الافتتاحية بقوة إلى تأييد مبدأ الاختلاف بين الناس، واعتبر أن (من أهم أسباب الشقاق والحروب الطائفية التي تمزق أمتنا اليوم غياب صوت العقل وانحسار مبدأ الاختلاف الذي جبلت عليه الخليقة وتصدر أشباه العلماء مواقع الريادة ومنابر الفتيا واحتلالهم لوسائل الإعلام المتنوعة). واعتبر الوزير الإماراتي أنه لا بد (من عودة علماء الدين المشهود لهم بالعلم والفضل والوعي بمقتضيات العصر وتغيرات الزمان ليكونوا في الواجهة). وتسعى الإمارات التي يعيش فيها مزيج من الأديان والثقافات إلى تقديم نفسها كنموذج إسلامي متسامح ومتماش مع العولمة والتقدم. كما تدعم الأمارات بقوة الإدارة المصرية التي انقلبت على الرئيس المنتخب والشرعي ذي التوجه الإسلامي محمد مرسي، وهي تعتبر الإخوان المسلمين منظمة محظورة. وغابت عن المؤتمر الذي عقد غداة اعتبار السعودية الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، الشخصيات الدينية المقربة من هذا التيار. وفي دعوة واضحة إلى تجديد الخطاب في العالم الإسلامي، أكد الشيخ عبدالله بن زايد أنه (لا تأثير لعالم ... جاهل بالمتغيرات الحضارية التي تقتضي إعادة النظر وتجديد الخطاب الديني ليكون عقلانيا متزنا ونابعا من حاجات الإنسان). وبثت خلال المنتدى صور للعنف في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، لاسيما في سوريا والعراق، وقد أرفقت هذه الصور بتساؤل حول (مستقبل هذا حاضره). وقال الداعية عبدالله بن بيه إنه يجب (إحياء فقه السلم) في العالم الإسلامي وثقافة الازدهار، في مواجهة الأفكار المتطرفة وانتشار العنف في مختلف أنحاء العالم الإسلامي. واعتبر أن نشر ثقافة السلم (أمر في غاية الأهمية في ظل ما تعيشه بعض المجتمعات العربية من أحداث جسيمة وانقسامات وأفكار متطرفة وعنف وحروب أهلية). أما شيخ الأزهر فشدد على تجذر ثقافة السلم في الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أن كلمة السلام مذكورة أكثر بأضعاف من كلمة حرب أو سيف في القرآن الكريم. إلا أن شيخ الأزهر حمل بشدة على النظام العالمي ومجلس الأمن الدولي ولاسيما حق النقض، معتبرا أن الفيتو الأميركي الذي لطالما صب في مصلحة إسرائيل هو (من أهم أسباب الإرهاب العالمي). وبحسب المنظمين، فإن المنتدى يهدف إلى جمع العلماء (في جبهة موحدة لمواجهة الإيديولوجيات المتطرفة التي تخالف القيم الإنسانية ومبادئ الإسلام السمحة). كما سيعمل المنتدى على (تصحيح المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالجهاد والممارسات المرتبطة بتلك المفاهيم)، وسيناقش (دور الفتاوى وشروط وقيود إصدارها والمؤهلات الشرعية والضرورية لإصدار الفتاوى). وشارك في المؤتمر بعض رجال الدين الشيعة لاسيما عضو المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان السيد هاني فحص. ومن أبرز المشاركين أيضا الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء المغربي أحمد عبادي ومفتي الديار المصرية الشيخ شوقي عبدالكريم علام ورئيس جامعة القرويين في مدينة فاس المغربية محمد الروكي والأمين العام للجنة الحوار الاسلامي المسيحي في لبنان محمد السماك والمفكر اللبناني الإسلامي رضوان السيد.