قد يقول قائل: هى محض لعبة، فلماذا تقيمون الدنيا ولا تقعدونها على توافه الأمور؟ وربما يتحذلق متحذلق، ويتشدق متشدق فيقول: هذا شأنكم أيها المسلمون، تركزون في لعبة أطفال وتتركون عظائم الأمور. لكن.. بغض النظر عما يقوله هذا ويدعيه ذاك، فإن الأمر حقًا خطير، فاللعبة التي قد يراها البعض تافهة، تشكل وجدان أبنائنا، وترسخ في أعماقهم لا شعوريًا أفكارا قد تعصف بهويتهم الدينية والثقافية والحضارية، ومن ثم فهي حرب يشنها كارهو الإسلام عليه، وهدفها عقول أطفالنا.. أو بالأحرى هدفها المستقبل. في حلقة من مسلسل الهجوم على الإسلام، والعبث بعقول النشء، وغرس مشاعر كراهية التدين في نفوسهم، صمم دنماركيون لعبة فيديو باسم (رزيدنت إيفل) أي الشيطان المقيم، وأنتجوها في شركة ألعاب يابانية، تقضي مراحلها بالاستهزاء برموز الدين الإسلامى، وعلى رأسها المصحف الشريف والكعبة والمسجد النبوي. اللعبة التي أثارت غضب واستياء الأسر المصرية مؤخرًا، تعتمد على الفنون القتالية، كالكثير من الألعاب التي يحذر خبراء علم النفس من مخاطرها من ناحية خلق الشخصية العدوانية، تسيء إلى الإسلام عبر اشتراطها (إلقاء المصحف الشريف على الأرض) وتوجيه الطلقات النارية إليه والمرور من فوقه، وذلك للانتقال من مرحلة إلى أخرى. اللعبة من إنتاج الشركة اليابانية (كابكوم) وينتمى القائمون على تنفيذها إلى الدنمارك، وقد وزعت أكثر من 30 مليون نسخة، نصفها تقريبا داخل المنطقة العربية سواء (بلاي ستيشن، وإكس بوكس، وويندوز)، ولها عدة إصدارات الرابع منها يشترط أن تكون نقطة الانطلاق بتفجير أحد المساجد، ليدفع الطفل بشكل لا إرادي لأن يقوم بهذه المهمة ليواصل التحدي والإثارة. كما تضمنت الرسوم الجرافيكية باللعبة مبنى مماثلا للكعبة وعلى (كريس ريدفيلد) الشخصية الرئيسية بها أن يقتحمه ويقتل من بداخله من شياطين في تصوير للكعبة على أنها ملجأ ومسكن للشر، الذي تحث اللعبة الطفل على التخلص منه. ولم يكتفِ مصممو اللعبة بهذا الحد، وإنما تم تحديثها في إصدار (5) عام 2009 ليكون شرط المرور من مرحلة لأخرى هو إلقاء المصحف الشريف على الأرض والمرور عليه، بعد اقتحام مسجد يحاكي شكله تمامًا المسجد النبوي، ولكنهم حذفوا اسم الرسول الكريم من على باب المسجد ووضعوا مكانه علامة للشيطان، في أبشع صور لإهانة الإسلام والتشويش على عقول الأطفال والعبث في هويتهم. وأثارت اللعبة جدلاً واسعًا أيضًا على شبكة الإنترنت، فعجت المنتديات وصفحات مواقع التواصل الاجتماعى بتساؤلات وشكاوى من أولياء الأمور من مثل هذه النوعيات من الألعاب التى لم يعد باستطاعتهم حجبها عن أبنائهم. تقول (دعاء محمد) والدة الطفلين (رنا، ومحمد): (فوجئت بأولادي فى الإجازة الماضية مشغولين فى لعبة (ريزدينت إيفل) يجلسون قدامها ساعات طويلة، بما يشبه الإدمان، وفي مرة بالصدفة ركزت في أحداث اللعبة، وصدمت لما وجدتهم يدوسون على المصحف ويرمونه في الأرض حتى ينتقلوا للمستوى التالي، وطبعا منعتهم من اللعبة بعدما شرحت لهم الأسباب، غير أن هذا الأمر لا يكفي، والمحزن حقًا أني اكتشفت هذه اللعبة بالصدفة المحضة فماذا عن أولياء الأمور الذين لم ينتبهوا للأمر؟ وكيف تبلغ الاستهانة بديننا إلى هذا الحد؟). كما يقول (أحمد جاد) والد الطفلتين (رغدة، ورحمة): (تعتبر نوعيات الألعاب من ضمن أساليب الحرب الرخيصة ضد الإسلام، لأنها موجهة بشكل مباشر للأطفال وغير البالغين الذين يعتبرون عماد مستقبل وطننا العربي والإسلامي، في محاولة لتسريب بعض المعلومات الخاطئة عن الإسلام زي الكعبة اللي صوروها كمكان يجمع الشياطين مما يدفع الطفل بشكل غير إرادي لتفجيرها والتخلص من الشر الذي يسكنها). ويتابع الأب: (للأسف هناك مستهترون بمثل هذه الأساليب للحرب على العقيدة، وهناك أولياء أمور يعتبرون الأمر مجرد لعبة، لكنها في الحقيقة خطر كبير لازم نعمل حسابه ونسيطر عليه من الأول نراقب كل الألعاب والطرق التي يمكن أن تزرع في نفوس أبنائنا سلوكيات الاستهزاء بالمقدسات). ويعلق الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، على هذه اللعبة وإهانة الرموز الإسلامية قائلا: (أعداء الإسلام ليسوا بجدد وكل عصر وله شكل معين، ففي عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) اعتدى (الوليد بن المغيرة) على المصحف الشريف وألقاه بالأرض بعد أن قطعه إلى أجزاء صغيرة وقد أهلكه الله وعاقبه بموت أولاده الأحد عشر الذين كان دائم التفاخر بهم، ويجب أن نعتبر بهذه القصة ونتعظ ونترك الانتقام من هؤلاء لله وحده لأنه الوحيد القادر على رد أي معتد على الدين الإسلامي وكتابه الحنيف، لذلك كل ما علينا فعله هو توعية أبنائنا بهذه الخدع الغربية ولفت انتباههم إلى هذه السموم المدسوسة في هذه الألعاب وننهاهم عنها تماما، أما من يمارس هذه الألعاب على اعتبارها مجرد وسائل ترفيهية، فعقابه عقاب من ابتدعها لأنه بذلك يشارك في إهانة المصحف الذي كرمه الله. بينما تقول المبرمجة ساندي يسرى: إن (ريزيدنت إيفل) ليست اللعبة الوحيدة التى يتم من خلالها تقديم مفاهيم خاطئة من أجل تشويه الإسلام، حيث أصدرت مجموعة من الشركات المختلفة مجموعة من الألعاب التى تهين الإسلام بشكل أو بآخر، وللأسف لا يوجد أي طريق لإيقافها أو حتى حجبها، والحل الوحيد يكمن فى إصدار ألعاب مقابلة تنهض بالدين الإسلامى وتوعي الأطفال وتوصل المفاهيم الصحيحة لهم، وهذا ما نقوم به الآن من خلال إقامة بعض الورش لإنتاج ألعاب عربية المنشأ تواجه هذا الإرهاب الإلكتروني). وتعليقًا على اللعبة تقول الدكتورة نبيلة السعدي، الخبيرة التربوية وأخصائية اضطرابات التواصل بالمركز المصري للاستشارات الأسرية: (يفضل التعامل مع مثل هذه الحالات من قبل أولياء الأمور بحكمة وتدبر والابتعاد تماما عن فكرة المنع والإجبار لأنه غالبا ما يأتي مع الأطفال بنتائج عكسية، وربما يؤكد على الأفكار العنيفة التي يحاولون إلصاقها بديننا الحنيف). وتنصح الخبيرة التربوية الوالدين باتباع أسلوب منطقي ومتعقل والتعامل مع الطفل باعتباره فردا عاقلا رشيدا مع محاولة جذبه إلى النقاش والمقارنة بين المعلومات الخاطئة المقدمة له من خلال اللعبة وبين الواقع، ولن يأتي النقاش بنتائج مثمرة إلا من خلال خوض الأطفال لتجارب تقربهم من دينهم وتعرفهم على جمالياته.