"هذا ما ننتظره من الوزيرة الجديدة للثقافة" تواجه الوزيرة الجديدة لقطاع التربية تحدّيات كبيرة، بعد أن تحوّلت الساحة الثقافية في الجزائر خلال السنوات الأخيرة إلى ساحة للغناء والرّقص وسط إهمال الفنّ الحقيقي ووسط تجاهل لبعض مقوّمات الهوية الجزائرية، فهل يسمح مجيء الوزيرة الجديدة وحملها هذه الحقيبة بالارتقاء بأداء الثقافة والمثقّفين في الجزائر؟ وماذا تنتظر الطبقة المثقّفة من الوزيرة نادية شرابي؟ أجمع مثقّفون أن المسؤولة الأولى على قطاع الثقافة نادية شرابي وباعتبارها ابنة القطاع وبالتالي تعتبر من أشدّ العارفين به وبقضاياه ومشاكله، معلّقين آمالا كبيرة على إمكانية النهوض بقطاع الثقافة الذي يعاني الرّكود ومشاكل عميقة وراجين أن تولي الوزيرة الجديدة اهتماما أكبر للكتاب باعتباره الأداة الأساسية للتثقيف، بعيدا عن (ثقافة الشطيح)، وكذا العمل على الحفاظ على الهوية الجزائرية، هوية بلد مسلم.. إلى العروبة ينتسب. جوادي يطالب بتأجيل "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية" طالب سليمان جوادي الكاتب والمؤلّف والشاعر بالتريّث في الخوض في التظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، لأنه حسب ذات الكاتب (بالأمس فقط أكملنا تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية)، قائلا إنه ليس ضد التظاهرات الكبرى لكن في المقابل ضد أن تكون متلاحقة الواحدة تلو الأخرى. يعلّق جوادي آمالا كبيرة على وزيرة الثقافة الجديدة نادية شرابي في أن تعطي دفعا جديدا للقطاع الذي كان فيه الكثير من الإيجابيات وتواصل في نفس الوتيرة أو أكثر، داعيا إيّاها إلى الاهتمام بصفة كبيرة بالمؤسسات الثقافية المنشأة حديثا مثل المكتبات الرئيسية والبلدية والمسارح الجهوية. كما تفاءل سليمان جوادي خيرا بالوزيرة باعتبارها ابنة القطاع وسنيمائية معروفة وليست غريبة عن الساحة الثقافية وعن المثقّفين والمبدعين، والتي تملك حسب ذات الكاتب العديد من الأصدقاء السنميائين والكتّاب والشعراء، فهي تعرف خبايا وأسرار المهنة التي ستحاول أن تعطي دفعا أكبر لقطاع الثقافة. واعتبر ذات الكاتب الثقافة قضية الجميع وليست مرتبطة بشخص واحد، داعيا كلّ المثقّفين في الجزائر إلى تكاتف الجهود وإعطاء قيمة كبيرة لهذا القطاع الحسّاس الذي يعكس ثقافة وعقلية الشعب الجزائري بأكمله. كما تطرّق سليمان جوادي إلى الضعف والندرة الباهتة في إنتاج الأفلام التلفزيونية التي لم يعد يشاهدها المشاهد الجزائري حاليا، حيث قال الكاتب جوادي إن المشاهد الجزائري عزف عن مشاهدة مثل هذه الأفلام والمسلسلات، معتبرا أن ندرة السيناريست أيضا يشكّل عائقا في إنتاج مثل هذه الأفلام التاريخية، إضافة إلى انعدام ثقافة إنتاج الأفلام التاريخية التي تتطلّب حسب ذات الكاتب تظافر عدّة جهود وعدّة قطاعات، ضاربا المثل بأضخم عمل درامي فيلم (الرسالة) الذي ساهم في إنجاحه الكثيرون وليس مصطفى العقّاد لوحده، والذي تطلّب وسائل مادية وبشرية ضخمة. محمد صاري: "الثقافة ستبقى راكدة دون مساعدة وزارة الثقافة" طالب الدكتور محمد صاري الناقد والرّوائي والمترجم الجزائري المسؤولة الأولى على القطاع بأن تستمع إلى مشاكل التي تعاني منها الحركة الثقافية من مطالب الكتّاب والفنّانين التشكليين والسنيمائيين وتعمل على حلّ مشاكل القطاع بصفة عامّة ومشاكل الكتّاب ومشاكل المسرح ومشاكل السنيما، موضّحا أن الوقت لم يحن لإطلاق أحكام مسبقة على الوزيرة الجديدة التي تنصّبت على القطاع منذ أيّام والحكم عليها سيكون بعد ستّة أشهر أو سنة. في المقابل، تفاءل الناقد صاري خيرا بالوزيرة نادية شرابي باعتبارها أستاذة، حيث ستعمل على الاحتفاظ بالموضوعية والمنطقية، إضافة إلى كونها فنّانة ومخرجة سنمائية، وبالتالي ستكون أقرب إلى القطاع. كما تحدّث ذات الدكتور عن قضية ندرة إنتاج الأفلام السنيمائة في الجزائر، قائلا إن السنيما قطاع صناعي تجاري فإذا لم يكن في مدينة جزائرية قاعة سينما فلن تنشط وستموت السنيما، مؤكّدا أنه دون مساعدة وزارة الثقافة والمساعدات المالية والمؤسسات العمومية لا يمكن لأيّ فيلم أن ينتج في الجزائر، وبالتي حسبه لا يمكن التحدّث عن السنيما في ظلّ غياب العرض مثله مثل المكتبات التي تحوّلت في معظمها إلى مطاعم. فالقضية يقول الدكتور تحوّلت إلى تجارة والسرعة في الرّبح، هذا ما لا تفعله المكتبات. وفي ذات السياق، أشار ذات المتحدّث إلى ثقافة المجتمع الجزائري الذي لم يعد مهتمّا بالسينما، فغياب المتتبّع الجزائري أثّر بصورة سلبية على السينما مقارنة بالسينما العربية، ضاربا المثل بالسينما المصرية، فعشرات الأفلام تنتج يوميا، وبالتالي المواطن المصري تعوّد على الأمر وتوجّه العديد منهم إلى قاعات السينما لمشاهدة الأفلام أو المسرحيات ويدفع من جيبه. بوكبّة يدعو إلى تطهير قطاع الثقافة دعا عبد الرزاق بوكبّة كاتب وروائي الوزيرة نادية شرابي إلى شنّ حملة تنظيف واسعة المشهد الثقافي من الأذرع المكسورة، واصفا إيّاهم ب (الرّاعين باسم الثقافة)"، وانتقد المنظومة الثقافية المكرّسة منذ الاستقلال، لكن في المقابل طالب الوزيرة الجديدة بأن تكون في مستوى اسمها باعتبارها سينمائية غنية عن التعريف، وأن تغيّر الواقع وتبرمجه على المستقبل عوض الماضي وعلى المبادرة عوض الإقصاء والتهميش. كما انتقد بوكبّة بعبارات شديدة اللّهجة التظاهرات السابقة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية أو المهرجان الإفريقي التي لم نجن منها حسب ذات الكاتب شيئا، واصفا إيّاها بأنها فقاعات التي طارت في الهواء، وبالتالي ستكون قسنطينة إذا انتهج فيها نفس المنهج فلن نجني شيئا منها حالها حال سابقاتها. كما طالب الرّوائي بوكبّة الوزيرة بإعطاء نفَس جديد للسينما في الجزائر التي تستغيث وتعيش حالة من الرّكود بعد إهمال قاعات السينما وتحوّل بعضها إلى بيوت تلتقي فيها العشّاق، حيث تحتوي الجزائر على أربع قاعات صالحة للعمل وفيها المعايير الدولية أمّا الباقي فتعتبر في طيّ النّسيان.