أصبح المواطن الجزائري في خضم السياق المحموم وراء انشغالات الحياة، لا يأكل كل ما يشتهيه، نظرا لغلاء الأسعار من جهة وقلة الوقت من جهة ثانية، ومن هذا المنطلق ولدت فكرة الأطعمة المختلطة التي تبناها المواطن الجزائري وتفنن في الأخذ بها، حيث أصبح المواطن الجزائري يقبل بشكل ملفت للانتباه على محلات الأكل الخفيف حتى يلبي شهيته في الأكل، إلا أن المثير أنه يطلب أكلات مختلطة بتعبير أبسط أكلات عديدة في وجبة واحدة.. ونحن نتجول في أحياء وشوارع العاصمة شعرنا بالجوع ولم نجد سوى محلات الفاست فود ملجأ لنا كباقي المواطنين، وطلبنا ما نأكله لكن ونحن بصدد تناول وجبتنا شد انتباهنا أشخاص من أعمار مختلفة وهم يطلبون وجبات احتوت على جميع الأطباق والمأكولات الأخرى.. رياض، عينة من هؤلاء طلب من أصحاب المحل أن يقدموا له ساندويتش شاورما ممزوجا بقليل من البطاطا المقلية معها سلطة والكل في خبز واحد ليس هذا فقط بل هناك آخرون مثل حال رياض كفريد الذي هو الآخر طلب من صاحب المحل أن يقدم له قطعة بيتزا شريطة أن يضع فوقها القليل من البطاطا وآخرون أبدعوا في ذلك ووضعوا لمساتهم بشكل آخر، حيث يجد الكثير منهم ضالته باختيار مثل هذه الأطعمة الممزوجة وربما لها ذوق آخر مخالفا للذي اعتادوه في البيت لذلك يحرص البعض أن تكون وجباتهم الخفيفة بهذا الشكل.. وفي المقابل أكدت الأبحاث العلمية والطبية أن الكثير من هذه الوجبات تعمل على تنشيط الجين الخاص بالسمنة بصورة مرضية، وقد تنبهت إلى هذا الخطر أكثر من 20 ولاية أمريكية ومنعت طلاب المدارس من تناول هذه الوجبات، لوجود علاقة بينها وبين الإصابة بالأنيميا وفقر الدم وارتفاع نسبة الكولسترول ووجود علاقة بين مشروبات الصودا التي عادة ما تكون مصاحبة لهذه المأكولات والإصابة بهشاشة العظام، فضلا عن أنها تتسبب في عسر الهضم عند تناولها مع الطعام.. وعند إضافة الأطعمة المقلية كالبطاطس والأغذية التي تحتوي على المواد الحافظة والملح للحصول على وجبة كاملة، تكون المحصلة هي الحصول على خطر كامل، كون الوجبات السريعة على اختلافها تدخل في دائرة المواد المسببة للسرطان.. إلا أنه في سبيل ملء المعدة فإن كل الطرق تؤدي إلى إشباع البطن. كما شاع مؤخرا بين الجزائريين والجزائريات مصطلح خاص(سبيسيال) وهذا تحديدا عند محلات بيع الحلويات التقليدية كالبقلاوة والخفاف، وهذا ليس للدلالة على مهنة معينة أو ملف معين وإنما هي وجبة (حلواتية) مميزة، تحتوي على قطعتين من الخفاف وهو نوع تحضره العائلات على شكل عجين تضاف إلى هاتين القطعتين قطعة من حلوى (قلب اللوز) في الوسط ويتناولها الشخص مع الحليب أو الشاي.. وعن الظاهرة وما تحمله من أسرار، قابلنا التونسي رزقي صاحب محل لبيع الخفاف والبقلاوة والزلابية على اختلاف أشكالها وسألناه عن كلمة سبيسيال، فرد وبسرعة: (كاين كل شيء) حينها فضلنا شراء واحدة من هذا النوع حتى يتسنى لنا معرفة أسرارها من هذا الشخص الذي اعتبر هذا المزج نوعا من مذاق المواطن ورغبته في الأكل ونحن رهن إشارته مادام يلقى راحته في ذلك، والحقيقة أن هذا النوع من الوجبة لذيذ ويزيد الطلب عليه بتناوله مع الشاي أو الحليب، أما بخصوص ثمن هذه الوجبة فأجابنا أن ذلك مرهون بعدد الأطباق المطلوبة، فإذا أراد المشتري شريحة واحدة من الخفاف وفوقها قطعة من حلوى قلب اللوز فإن ذلك يكلفه من 35 دينارا حتى 40 دينارا، أما إذا اختار شريحتين من الخفاف تتوسطهما قطعة من حلوى قلب اللوز فإن ثمن ذلك يصل إلى 50 دينارا، إلا أن ثمنها يبقى معقولا للغاية ما دامت تجمع بين الأصالة والتراث والذوق الرفيع وتبقى هذه الأكلات تلقى رواجا بين المواطنين في حين يظل الزبون يحمل شعار الاستسلام لكل ما من شأنه سد جوعه..