الفشل يدفع الصهاينة إلى القصف العشوائي لم يجد الكيان الإرهابي الصهيوني المسمّى إسرائيل أمامه سوى تدمير البيوت على رؤوس ساكنيها وقتل النّساء والأطفال لتعويض ما خطّطت له من (بنك أهداف) في عمليتها العسكرية المتواصلة لليوم السابع على قطاع غزّة بعد نجاح المقاومة في القضاء على شبكة واسعة من العملاء والمتخابرين وتنظيم صفوفها بشكل أمني وسرّي فائق، حسب ما يرى مراقبون فلسطينيون. لم تتمكّن إسرائيل حتى اللّحظة من اقتناص أيّ (صيد ثمين) يتمثّل في اغتيال كبار قادة المقاومة السياسيين أو العسكريين، لأن المقاومة في قطاع غزّة استطاعت أن تبني منظومة أمنية سرّية قوية كما يرى عبد الستّار قاسم، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني. وقال قاسم، أستاذ العلوم السياسية السابق في جامعة النّجاح بمدينة نابلس شمال الضفّة، إن المقاومة في قطاع غزّة، وتحديدا (كتائب عزّ الدين القسّام)، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، نجحت في بناء منظومة أمنية قوية متطوّرة، وتابع: (في المواجهات السابقة بين المقاومة وإسرائيل كانت الأخيرة تستهدف كبار القادة على الصعيد العسكري والسياسي بسهولة تامّة، ولكن في هذه الحرب المقاومة تقدّم دروسا عظيمة، وواضح أنها استفادت من كلّ التجارب السابقة، في تنظيم صفوفها وحمايتها من أيّ اختراق). ويؤكّد قاسم أن (كتائب القسّام) برفقة فصائل المقاومة استطاعت خلال الأشهر والسنوات الماضية القضاء على شبكة واسعة من العملاء والمتخابرين مع إسرائيل، وهو ما دفعها إلى تدمير البيوت والقتل بعشوائية. ويؤكّد قاسم أن إسرائيل لم تتمكّن حتى اللّحظة من استهداف مستودعات أسلحتها وذخيرتها وأماكن تواجدها، إضافة إلى تمكّنها من حماية قادتها، واستدرك بالقول: (وهذا إنجاز كبير يدلّ على أن معركة المقاومة مع إسرائيل تفوّقت في البعد الأمني والاستخباراتي). معركة استخبارية حامية كشف موقع فلسطيني مختصّ في الشؤون الأمنية عن إلقاء الأجهزة الأمنية التابعة لفصائل المقاومة بغزّة القبض على عدد من المتخابرين مع إسرائيل في الأيّام القليلة الماضية. ويقول موقع (المجد) الأمني، المعروف بقربه من الأجهزة الأمنية التابعة لحركة (حماس)، إن الأجهزة الأمنية التابعة لفصائل المقاومة بغزّة تتصدّى بقوة لجهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك) وتقوم بردع المخابرين أوّلا بأوّل وإيلام المخابرات الإسرائيلية عبر تسريع الاقتصاص من عملائها في القطاع. ويتّفق وليد المدلّل، رئيس مركز الدراسات السياسية والتنموية في غزّة (مركز بحثي غير حكومي)، مع الدكتور قاسم في أن الجيش الإسرائيلي لم ينجح حتى الآن في الظفر بصيد ثمين، سواء كان على المستوى العسكري أو السياسي في حركة (حماس)، وهو ما يعدّ انتصارا لأمن المقاومة. وقال المدلّل إن إسرائيل تقوم بإعادة قصف وتدمير ذات الأهداف وتستهدف الأطفال والنّساء والأراضي الزراعية والشقق السكينة، وتابع: (هذا الفشل الإسرائيلي في تقدير أماكن تواجد المقاومة، سواء بشكل سياسي أو عسكري دليل كبير على تطوّر عمل المقاومة الأمني والسرّي)، وتابع: (إسرائيل تقف عاجزة عن امتلاك أيّ معلومة حول قدرات المقاومة وعتادها العسكري ونوعيته، وهو ما يكشف تخبّط القرارات السياسية الإسرائيلية فعلى الأرض، لا ثمّة أهداف واضحة لهم سوى مواصلة ضرب المدنيين، وما هو واضح). ويؤكّد مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزّة، أن السلوك الإسرائيلي على الأرض خلال هذه المعركة يكشف عن تراجع كبير لقدرة أجهزة إسرائيل الاستخبارية مقابل تطوّر نوعي للمقاومة. وأضاف أبو سعدة: (في كلّ مواجهة كانت إسرائيل على الفور تقتنص عددا من قادة المقاومة، الآن يبدو الأمر صعبا، فهي غير قادرة على الوصول إلى أيّ هدف سواء سياسي أو عسكري)، وأكّد أن حالة الإرباك في ضرب إسرائيل للمدنيين من الأطفال والنّساء دليل على نجاح المقاومة في متابعة ملف العملاء. ويرى أبو سعدة أن المقاومة تسجّل انتصارا قويا في هذا المجال، إذ تبني منظومة سرّية لحماية قادتها وأماكن تواجد منظومتها الصاروخية، واستدرك: (يبدو الأمر وكأنه معركة استخباراتية، تحاول المقاومة أن تمضي فيها بعيدا دون أن تُمكّن إسرائيل من استهداف أيّ قائد أو أيّ صيد ثمين).