يحمل الكثير من حجاجنا الميامين إلى البقاع المقدسة، دعوات وأماني وتضرعات أقاربهم وأحبابهم، الذين يجعلونها أمانة في أعناقهم، عليهم الوفاء بها عند حلولهم في الأراضي المقدسة، حيث يصبح الحاج بالنسبة لهؤلاء حمامة السلام البيضاء، التي يتوسمون فيها خيرا، ويأملون أن تحمل إليهم بركات وعطر مكة وطيبة وغيرهما من الأماكن الشريفة، وان كان بعض الأشخاص لا يتجرؤون على طلب شيء من المتوجه إلى الأراضي المقدسة، فان آخرين لا يترددون في إعداد قائمة طويلة عريضة، بأشياء يطلبون من الحاج إحضارها لهم عند عودته، سواء كان ذلك كهدايا أو بأموالهم الخاصة، على الرغم من أن السوق الجزائرية اليوم منفتحة على كل الأسواق العالمية، وبصفة خاصة على السوق العربية، ولم يعد من المستحيل إيجاد أي شيء مهما كان، بالأسواق أو المحلات الجزائرية، شريطة دفع السعر الخاص به، وكل حسب قدرته وجيبه. ويحمل الكثير من الأشخاص ضيوف الرحمان، مهام التسوق والشراء أثناء تأديتهم لمناسك الحج، أو العمرة، فيطلبون منهم أنواعا من الألبسة النسوية أو الرجالية، فالرجال يطلبون القمصان الطويلة البيضاء، لأنها في اعتقاد البعض منهم أكثر جودة وضمانا، وتمكنهم من التباهي بها أمام أصدقائهم وأقرانهم، كما يحتفظ الكثيرون بها للأيام والمناسبات السعيدة كيوم الجمعة أو أيام العيدين، وغيرهما من المناسبات الدينية خاصة، هذا بالإضافة إلى أنواع من المحفظات الجلدية، وبعض أنواع العطور والعنبر والبخور، أما نظراؤهن من الجنس اللطيف، فان بعضهن لا يترددن في الطب من أقاربهن المتجهين إلى البقاع المقدسة، جلب عبايات متميزة وجميلة، سعودية الصنع، ورغم أن هذه الأخيرة تحديدا، صارت لها محلاتها المتخصصة فيها في الجزائر، ومقابل مبالغ مالية معتبرة نوعا ما لا تزيد عن ال5000 دج، أو أكثر قليلا حسب نوعية القماش وجودة الصنع، إلا أنهن يعتبرن أن ما يأتي مباشرة من المملكة، اضمن وأجود، بالإضافة إلى الخمارات، وبعض الإكسسوارات، وكذا الزرابي الخاصة بالصلاة، وأنواع الفساتين الأخرى، والجبات التي صارت تلاقي رواجا وإقبالا كبيرا من طرف الجزائريات حاليا، بفعل الرواج الكبير إلى تعرفه الدراما الخليجية في الجزائر، وانفتاح الجزائريين على مختلف الثقافات الأخرى بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة. من جهة أخرى فإن هنالك الكثير ممن يكتفون بأشياء بسيطة، حملت إليهم من مكةالمكرمة، حتى وان كانت بضعة قطرات من ماء زمزم، أم عودا من الطيب أو العنبر، أو حتى سبحة، تكون بالنسبة إليهم أغلى من كل الهدايا والمقتنيات، لأنها قدمت من اطهر واشرف بقعة على الأرض، كما أن كل الأشياء الأخرى موجودة هنا في الجزائر، وخاصة على مستوى المراكز التجارية الكبرى التي فتحت أبوابها أمام الجزائريين بصورة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، وجلبت إليهم كل أنواع السلع والأدوات والملابس التي كانوا يرونها سابقا على شاشات التلفاز أو يسمعون عنها، أو كانت في الماضي مقتصرة على الطبقة الغنية والميسورة فقط.