ما أن يذكر اسم فريق اتحاد البليدة حتى يتبادر إلى الذهن اسم اللاعب بلال زواني، كيف لا وهو اللاعب الذي أفنى شبابه خدمة لألوان الفريق، حيث ظل وفيا له مدة 29 سنة بالتمام والكمال· حكاية بلال زواني مع فريق مدينة الورود بدأت عام 1978، حين كان يبلغ من العمر تسع سنوات، ففي مطلع خريف عام 1978 حمل بلال زواني حقيبته واتجه صوب ملعب براكني ليجرب حظه في صفوف براعم الفريق، لم يكن حينها يحمل معه قميص رياضي، فارتدى قميص داخلي، وفور دخوله أرضية ملعب براكني راح يداعب محبوبته كرة القدم، لم يكن يدري بلال زواني ما يخبأ له القدر، فمنذ تلك السنة وبوبان الجزائر كما كان يطلق عليه في عز عطائه وهو متعلق بفريق الاتحاد إلى أن وجد نفسه مرغما بالرحيل إلى فريق الجار وداد بوفاريك، ليقرر بعد موسمين قضاهما في صفوف هذا الأخير وضع حد لمسيرته الكروية، وهو في سن الأربعين تقريبا، تاركا وراءه ذكريات وذكريات ستبقى خالدة في مسيرة فريق اتحاد البليدة، وعالقة في محبي هذا الفريق· ترى أين هو بلال زواني؟ ولماذا فضل الاختفاء من الساحة الكروية؟ وكيف ينظر لمستقبل فريقه الأبدي؟ وهل يتابع مسيرة الفريق الذي أفنى شبابه فيه؟ تلكم من بين الأسئلة التي أمطرنا بها بوبان الجزائر، في هذا الحوار الذي خصّنا به بلال سهرة أول أمس· * بداية أين هو بلال زواني؟ - يتواجد بمدينة البليدة، بالقرب من الأهل والأقارب والأحباب· * كم من سنة حملت فيها ألوان الفريق؟ - قد لا يصدق الكثيرون أنني لعبت لفريق اتحاد البليدة 29 سنة كاملة، وهذا لمختلف الأصناف، حكايتي مع الفريق بدأت عام 1978 وانتهت عام 2008، وأتحدى أي لاعب جزائري كان أن لعب لفريقه مدة 29 سنة، أنا لعبت هاته المدة لفريق اتحاد البليدة· * ماذا تمثل لك هاته السنوات كلها؟ - حياتي كلها، مرحلة الصبا والطفولة والمراهقة والشباب وما بعد الشباب· * ماذا حصلت خلال كل هاته السنوات؟ - حصلت على لقب تاريخي لا يقدر بثمن، ومن الصعب على أي لاعب ما أن يحصل عليه· * وما هو هذا اللقب؟ - اللقب الذي تحصلت عليه في فريق اتحاد البليدة رمزي لكنه لا يقدر بثمن وهو دخولي ناريه الفريق وتاريخ كرة القدم الجزائرية، حيث لا يوجد لاعب آخر لعب لفريقه مدة 29 سنة، أنا لعبت كل هاته السنوات للفريق· * لكن اللقب الملموس لم تحصل عليه؟ - هذا هو الشيء الذي يحز في نفسي كثيرا، فمنذ أن تم ترقيتي إلى صنف الأكابر وعمري 17 سنة، وأملي الوحيد في التتويج ولو بلقب وطني واحد، لكن للأسف هذا لم يتحقق رغم أنني وصلت إلى المنبع مرتين ولم أشرب· * متى كان ذلك؟ - المرة الأولى عام 1996 بوصولنا إلى نهائي كأس الجزائر، لكن للأسف لم يحالفنا الحظ أمام مولودية وهران، بانهزامنا بهدف دون رد، والمرة الثانية عام 2003 حيث أنهينا البطولة في الصف الثاني بعد اتحاد الجزائر· * ما سر وفائك الأبدي لفريق اتحاد البليدة؟ - حبي لفريق اتحاد البليدة بالنسبة لي أشبه بحب الأب لأبنائه ولزوجته، لا يمكن له التفريط فيهما حتى ولو كلفه ذلك الحياة· * لكن نهايتك الكروية كانت في وداد بوفاريك وليس في فريق اتحاد البليدة؟ - صحيح ما تقوله فقد أكملت مسيرتي الكروية في فريق وداد بوفاريك، حيث انتقلت إليه على شكل إعارة، لذا لا يمكن القول أنني تركت اتحاد البليدة بل أرغمت على ترك الفريق· * هل راودك ذات يوم الشك أن تكون نهايتك الكروية خارج اتحاد البليدة؟ -لا، لم يراودني الشك ولو لحظة واحدة على أنني سأترك فريق اتحاد البليدة في اتجاه فريق آخر، خاصة في المواسم الأخيرة من حياتي الكروية· * لماذا لم تختار الاعتزال على أن ترغم بترك اتحاد البليدة باتجاه وداد بوفاريك؟ - لو لم أكن واثقا من مستواي وعلى أنني لازلت قادرا على العطاء لما واصلت اللعب في فريق وداد بوفاريك· * إذن لم تندم لاختيارك اللعب لوداد بوفاريك؟ - من طبعي الخاص، لا أندم على أي شيء أقوم به، فقبل أن أخطو أية خطوة أتوكل على الله فهو الذي يُنير طريقي· * يفهم من كلامك أن اختيارك اللعب لوداد بوفاريك تم عن قناعة؟ - أكيد تم عن قناعة فلو لم يكن كذلك لما لعبت لهذا الفريق، لذا أقول لك لم أندم ولو لحظة عن المدة التي لعبت فيها لفريق الوداد، فبالنسبة لي كانت تجربة ناجحة جدا، عرفت من خلالها حب البوفاريكيين لي، حيث لم أسمع كلمة سوء من أي أحد· * في عز عطائك، كنت محل أطماع العديد من النوادي الجزائرية وحتى المغاربية والخليجية، بل تلقيت أكثر من عرض احترافي، لكنك بقيت وفيا لفريق اتحاد البليدة، ألم تندم على ذلك بعد مغادرتك للاتحاد؟ - صراحة لم أندم ولو لحظة واحدة، لماذا أندم على أشياء لا يمكن أن أعيدها، زد على ذلك أن حبي لفريق اتحاد البليدة كان أسمى من كل شيء· تصور أنه في الوقت الذي كان فيه اللاعبون يتركون فرقهم مقابل كمشة من الدنانير، كنت أرفض الملايين، وقد عرض علي رئيس فريق مبلغ مالي كبير جدا مقابل اللعب لفريقه، لكن أتذكر أنني قلت له بالحرف الواحد، فريق اتحاد البليدة لا أبدله ولو منحتني كنوز الدنيا وما فيها، فتعجب من كلامي وقال لي ستندم على رفضك هذا فأجبته بصريح العبارة سأندم إذا ما تركت فريق اتحاد البليدة، هذا الفريق هو كل شيء في حياتي· * إلى هذا الحد كنت مغرما بفريق اتحاد البليدة؟ - لا أكثر من هذا· * مثلا؟ - يكفي أن أقول لك أنني كنت أبكي الليل كله عقب كل خسارة نتعرض لها، وأسعد عقب كل فوز، فكنت أحس أنني أسعد إنسان في الدنيا بعد فوزنا باللقاء، سعادتي كانت تكمن في رؤيتي لجماهير الفريق وهم فرحون بالنصر، كنت أفعل كل ما لديّ من أجل رؤية البسمة والفرحة على وجوه البليديين، فكيف بي أن أبدل هؤلاء الجماهير بفرق أخرى، بل كيف سأدافع عن ألوان فريق ما والبليديون كانوا يرون في فريقهم اسم بلال زواني، فإذا أحبك الجماهير لا يمكنك أن تبدلهم ولو بكنوز الدنيا، والحمد لله حب البليديون لي لم يتغير، والجميع يكن لي كل التقدير والاحترام· * مضى على رحيلك من اتحاد البليدة حوالي أربع سنوات، هل لا زال الحنين يراودك للفريق؟ - كما سبق وأن قلت لك في بداية حوارنا هذا اتحاد البليدة بالنسبة لي كل شيء، فحتى وإن مضى على رحيلي من الفريق مدة أربع سنوات، لا يمكنني أن أزيل السنوات الطويلة التي قضيتها في الفريق، تصور أنه أحيانا أتوقف قبالة ملعب براكني لأستعيد ذكرياتي الكروية، في لحظات قليلة تعود بي عجلة الزمان إلى تلك الأيام التي بدأت فيها مداعبتي لكرة القدم في صنف البراعم وعمري تسع سنوات، أتذكر تلك الأيام الذهبية التي عشتها· * ماذا تتذكر؟ - أتذكر تلك الأهداف التي مكنت الفريق من الصعود إلى القسم الوطني الأول، أفراح البليديين بالنصر، أتذكر أتذكر··· * وحين تستعيد أنفاسك تجد نفسك وحيدا في سن الأربعين؟ - هذه هي الدنيا، لو كانت تدوم لدامت لغيرنا· * هل حبك للفريق لا يزال كما كنت لاعبا؟ - بل أكثر من ذلك، وليكن في علم الجميع أن حبي لاتحاد البليدة لا يتغير ولا يزول بزوال الأيام والسنوات، وسأبقى أحب اتحاد البليدة إلى أن تلفظ أنفاسي إلى العلي القدير· * مادام الأمر كذلك، هل تحضر مباريات الفريق؟ - لا تفوتني أي مباراة، فكلما خاض اتحاد البلدية لقاء رسميا وحتى بملعب تشاكر وحتى في ملاعب العاصمة وما جاورها، فأتنقل إلى الملعب وأعيش اللقاء على أعصابي، لا أطيق رؤية الفريق منهزما أريده دوما فائزا· * لكن حالة الفريق هذا الموسم ليست على مايرام؟ - اتحاد البليدة بحاجة إلى دعم معنوي من طرف الجماهير، فالضغط الممارس من طرف الجماهير يتضح جليا من خلال الأداء المقدم من طرف اللاعبين بملعب تشاكر، فلو كان الفريق حقا ضعيفا ما يتصور الكثيرون لما فرض التعادل على أهلي البرج وعلى اتحاد عنابة· * على ذكر الفريق الحالي والأنصار ماذا تقول لهؤلاء وكذلك للاعبين؟ - كل ما أقوله لأنصار الفريق أن يضعوا اليد في اليد من أجل مصلحة الفريق، وأن يقفوا وراء اللاعبين في هاته الأوقات، فهؤلاء بحاجة إلى دعم بسيكولوجي ومعنوي من طرف الأنصار، فعوضا أن يتهجم الأنصار على اللاعبين وعلى الطاقم الفني وعلى الإدارة المسيرة، أنصحهم بالوقوف وقفة واحدة وراء هؤلاء جميعا، والذي لا يريد الإساءة للفريق عليه بالبقاء في بيته يوم اللقاء عوضا أن يتنقل إلى الملعب ويقوم بشتم وسب اللاعبين والطاقم الفني والمسيرين، فاتحاد البليدة بحاجة ماسة لجميع البلديين، فعوضا من السب والشتم يجب أن نصفق للاعبين، فنحن في عام 2010 ، فالسب والشتم لا يخدم الفريق إطلاقا، فعلى جميع الأنصار أن يثقوا في الفريق وأتمنى أن يكون ندائي قد وصل إلى جميع البليديين عبر جريدة الشباك المحبوبة جدا من طرف أنصار الاتحاد· * لكن غضب البليديين على الفريق مرده إلى الأداء الهزيل من طرف اللاعبين، هل في نظرك أن هؤلاء قد يمنحون الفريق لقبا وطنيا هذا الموسم؟ - لا توجد كلمة مستحيل في قاموس كرة القدم، فلو يتحد الجميع من أجل مصلحة الفريق أنا على يقين أن القادم أفضل، وليكن في علم الذين يسيئون للفريق أن اتحاد البليدة ملك لهم وليس ملكا لفلان أو فلتان، فيجب على الجميع مساعدة الفريق، فيد واحدة لا تصفق، وكما يقال المعاونة تغلب السبع· * صبر أنصار اتحاد البليدة نفد، قالي متى سيظل الفريق يلعب كل موسم من أجل البقاء؟ - كل عطلة فيها خير، إن شاء الله القادم أحسن من الماضي· * هل بلال زواني متفائل بمستقبل هذا الفريق على أنه سيطرد لعنة الإخفاقات التى تطارده منذ أن تأسس؟ - أكيد أنا من بين أكبر المتفائلين بمستقبل اتحاد البليدة، لذا أقول لكل من يريد الإساءة للفريق أن يبقى يوم المباراة في بيته على أن يأتي إلى الملعب ليشتم كل من له علاقة بالفريق، فبركات من مثل هاته الأفعال التي لا تخدم مصلحة اتحاد البليدة· * هل هناك شيء ما أثّر في وجدانك خلال مسيرتك الكروية في الفريق؟ - الشيء الذي أثر في حقا هي طريقة مغادرتي لفريق اتحاد البلدية، تمنيت أن أواصل اللعب على الأقل لموسم آخر لأعلن اعتزالي نهائيا، لكن وإذا بي أجد نفسي في فريق آخر· * مضى على اعتزالك حوالي سنة كاملة، هل فكرت في دخولك عالم التدريب؟ - وإذا كتب ربي ستكون بدايتي في عالم التدريب في جمعية لاعبي متيجة التي تأسست حديثا والتي يرأسها شقيقي رضا وتضم العشرات من اللاعبين القدماء لمنطقة متيجة· * هل أنت راض بما قدمه خلال مسيرتك الكروية؟ - راض كل الرضى، فحتى وإن لم أنل أي لقب وطني إلا أنه وكما سبق وأن قلت لك، الحب الذي يكنه لي البليديون بالنسبة لي لا يقدر بثمن· * ماذا تقول في نهاية جلستنا هاته؟ - شكرا لكم على هاته الاستضافة، مع تمنياتي لجريدة أخبار اليوم بالتوفيق والنجاح·