يبقى خطر الزلازل حاضرا في أذهان الجزائريين، لا سيّما بعد زلزال 21 ماي 2003، وهو ما يستوجب ضرورة أخذ إجراءات وقائية وتطبيق مقاييس مقاومة الزلازل، خاصّة وأن الهزّة الأرضية التي ضربت في الفاتح من أوت الجاري كشفت عن العديد من النقائص، حسب ما أكّده مختصّون في البناء والأشغال العمومية، الذين أفادوا بأن (سكنات الدولة) أكثر صلابة من (سكنات الخواص) وأكثر (قوة) في مواجهة الزلازل. حسب هؤلاء المختصّين فإن البنايات الجديدة التي بنيت من قِبل مؤسسات عمومية كانت أكثر مقاومة من بعض البنايات التي أنجزها مقاولون خواص ممّن لم يحترموا تقنيات مقاومة الزلازل ومواد البناء التي تستجيب للمقاييس. وحسب تقرير أوردته وكالة الأنباء الجزائرية فإن البنايات الجديدة التي أنجزها مقاولون عموميون لم تتعرّض لخسائر جرّاء الزلزال الذي ضرب مؤخّرا العاصمة بقوة 6ر5 درجات، والذي خلّف وفاة 6 أشخاص، في حين تمّت ملاحظة تصدّعات على مستوى البنايات التي أنجزها متعاملون خواص في بعض الأحياء. وفي هذا الصدد، قال عبد الكريم سلمان مستشار في البناء والأشغال العمومية: (لاحظنا بعض التصدّعات على مستوى جدران الفصل في البنايات المنجزة من قِبل بعض الخواص ببلدية برج البحري شرق العاصمة). وأرجع نفس المتحدّث هذه التصدّعات التي لم تمسّ صلب البنايات إلى عدم احترام مقادير الإسمنت خلال وضع الآجر. من جهته، أكّد سعيد يونسي الذي يشرف على مكتب للهندسة المعمارية أن (المشاريع العمومية أقلّ عرضة لهذا المشكل)، مشيرا إلى أن مكاتب الدراسات تشرف على المتابعة الميدانية والهيئة الوطنية للمراقبة التقنية للبناء تجري المراقبة اللاّزمة، خاصّة فيما يتعلّق بالوسائل، وأضاف أن (بعض البنايات المنجزة من قِبل المقاولين الخواص والواقعة ببئر توتة والشرافة وبابا علي تعرّضت لبعض الأضرار المتفاوتة)، وقال في نفس السياق إن (حالات مماثلة سجّلت ببرج البحري وعين البنيان)، محمّلا المسؤولية للمقاولين الذين لا يكترثون لمقاييس مقاومة الزلازل. واستطرد نفس المتحدّث أنه (لم يسجّل أيّ انهيار كلّي، إلاّ أنه تمّ تسجيل تصدّعات في البنايات خاصّة على مستوى المصاعد). وعلى الرغم من كون الخسائر ليست جسيمة، إلاّ أن هذا المختصّ حذّر من الانهيار في حال عدم القيام بأشغال الترميم واحترام مقاييس البناء، وقال في هذا الصدد إنه (في حال حدود زلزال آخر قبل أن تتمّ عملية الترميم سيكون الخطر أكبر). وفيما يتعلّق بمطابقة مواد البناء أعرب السيّد يونسي عن تأسّفه لكون بعض المقاولين لازالوا يستعملون الخرسانة دون احترام المقاييس المتعلّقة بإنتاج هذه المادة الاستراتيجية في ظلّ غياب المراقبة، وذكر أنه في الجزائر (المقاول هو من يصنع الخرسانة وفي هذه الحالة لا يتمّ احترام المقاييس مع غياب المراقبة، وهنا يجب فصل المهنتين لكونهما مختلفتين)، ودعا في هذا الصدد إلى أن تكفّ مؤسسات البناء عن صناعة الخرسانة بمفردها، وأن توكل ذلك إلى هيئات مختصّة في المشاريع الكبرى كما هو الحال في البلدان الأخرى، منتقدا نقص الاحترافية والصرامة لدى بعض مخابر مراقبة مواد البناء، كما حذّر من ببعض الممارسات في تحضير الخرسانة، حيث يلجأ المقاولون إلى استعمال الكثير من الماء، ممّا يجعل هذه المادة أقلّ مقاومة. ومن جهة أخرى، دعا هذا المهندس المعماري إلى ضرورة حمل المقاولين الخواص على احترام المقاييس من أجل ضمان مراقبة البنايات والسهر على احترام مطابقة البنايات للمعايير. كما دعا خبراء آخرون إلى ضرورة استعمال مواد بناء عصرية وخفيفة تعزّز قوة البناء وتقلّل من الخسائر، معربين عن تأسّفهم لغياب ثقافة الصيانة في مجال البناء والصرف والترميم.