حذر خبراء في مجال الهندسة المعمارية ومراقبة البنايات من الفوضى التي تميز ورشات البناء التي لا تملك مخابر تقنية لمراقبة نوعية مواد البناء المستعملة، ولا نوعية الخرسانة، وهو ما يهدد سلامة الآلاف من السكان في حالة حدوث زلزال، خاصة وأن غالبية المشاريع الكبرى المسجلة تنطلق بها أشغال البناء قبل حتى الحصول على شهادات المطابقة ورخص البناء، وهو ما يحتم على وزارة السكن إعادة النظر في مختلف المشاريع وتشديد الرقابة عليها . ووجه كل من السيد عبد الحميد بوداود رئيس المجمع الوطني للخبراء والمهندسين والسيدة حسينة حماش مهندسة وخبيرة في مجال البناء معتمدة لدى المحاكم، دعوة خاصة لوزير السكن والعمران السيد عبد المجيد تبون للتدخل وفك الحصار عن المهندسين المعماريين الذين تم تهميشهم من طرف المقاولين مع إعادة النظر في طريقة إنجاز العديد من المشاريع، خاصة وأن التقارير الأخيرة والمعاينة الميدانية تثبت تقاعس غالبية المقاولين في احترام المقاييس التقنية في مجال البناء. وبعد أن أكد المتدخلون في ندوة مفتوحة حول البناء وأخطار الزلازل بفوروم جريدة “دي كا نيوز” أن غالبية ورشات البناء تنشط خارج النظام وبعيدا عن الاستشارة التقنية للمهندس أو مكتب الدراسات، أشارت السيدة حسينة حماش أن المشرفين على المشاريع لا يرجعون خلال مجريات البناء إلى الاستشارة التقنية للمهندسين، كما أن قانون الصفقات العمومية لا يأخذ في الحسبان ضرورة التأكد من جاهزية المقاول التقنية لإتمام المشروع، وهو ما يتسبب في تأخر مواعيد الاستلام وتسجيل العديد من النقائص وهو ما لمسته المتحدثة خلال طلب خبرتها في العديد من الحالات، مشيرة إلى آخر معاينة لها لأشغال انجاز مدرسة ابتدائية بإحدى بلديات العاصمة، حيث تأكد تحايل المقاول في الاسمنت المسلح. من جهته، أكد المهندس بوداود ضرورة الحرص على وجود مخبر بورشات الانجاز، وهو الأمر غير المطبق بالجزائر مما يجعل المختصين يتوقعون انهيار مبان جديدة في حالة عدم احترام المقاييس التقنية في الانجاز ونوعية المواد الأولية. مؤكدا أن كل البنايات التي أنجزت خلال الحقبة الاستعمارية هي اليوم أكثر متانة من تلك المنجزة حديثا، كما أن تقارير المجمع حسب المحاضر تؤكد أن كل المشاريع التي أنجزت إلى غاية 2008 يجب مراقبتها من طرف الجهات المختصة للتدخل العاجل لاستدارك النقائص. ومن بين النقائص المسجلة في مجال البناء، حسب المهندسين، هو عدم انتظار صدور تقارير المطابقة وتراخيص البناء حيث غالبا ما تنطلق أشغال الانجاز قبل وصول التقارير التي تؤكد نوعية الأرضية وسلامة الموقع من الناحية الجيولوجية، كما أن البلديات لا تلمك خرائط جيولوجية تساعد مكاتب الدراسات في عملها، وهو العمل الذي غالبا ما لا يتم احترامه من طرف المقاولين. كما استغل المحاضران الفرصة لتنبيه السلطات الوصية إلى الاهتمام بمكاتب الدراسات الوطنية، حيث انه لا يعقل إمهال المهندسين الجزائريين ثلاثة أشهر لإتمام الدراسات في الوقت الذي تستغرق مكاتب الدراسات الأجنبية بين سنة وسنتين من الدراسة. علما أن الدراسات التقنية يجب أن تستغرق الكثير من الوقت، وعليه فإن التسرع في إنجاز المشاريع السكنية أو العمومية سينجر عنه نقائص بالجملة. وخلصت المحاضرة إلى التأكيد على أن عدم احترام شروط التعمير وراء ارتفاع ضحايا الانهيارات الناتجة عن الزلازل أو انجرافات التربة.