بقلم: دحمور منصور بن الونشريس الحسني تخبرنا أطوار التاريخ العربي والتاريخ القديم أن المنطقة الأكثر نزاعا وصراعا في العالم العربي اليوم أو ربما منطقة الشرق ككل هي بابل الكبرى بلاد ما بين النهرين، وهذا مانجده في الصراعات القديمة أيام الاجتياح البابلي للمقدس وما خلفه من صراعات إقليمية كبرى وظهور لاعتقادات متطرفة نجد بعضها بكل وضوح في التلمود الذي كتبه كبار اليهود في سجون العراق القديم وغيرها من الكتب المقدسة لديهم والتي تطالب وتبشر بالغزو والنصر والحرائق والحروب التي ستدور في هذه المنطقة وبأيدي أبنائها، كما لا ننسى أن منطقة العراق خلال مرحلة ماقبل الفتح الإسلامي كانت أخطر المناطق الشرقية على الإطلاق لما عانته من صراعات حتى في زمن الدولة الفارسية، إضافة إلى ما يعرفه الكل من مجريات الأحداث في العهد الإسلامي إلى اليوم، ولا يجب أن ننسى أن الإمام علي بن أبي طالب غيّر العاصمة الإسلامية إلى الكوفة بعد كانت في المدينة بسبب استراتيجية الموقع والمنطقة زيادة على القلاقل والصراعات التي كانت دائرة بها، نفس الأمر الذي رأيناه خلال الفترة الأموية مع أن العاصمة كانت دمشق، لنرى أن العاصمة الإسلامية رجعت إلى العراق في زمن المنصور العباسي حيث بنى مدينة بغداد وظلت كذلك إلى حين الخلافة العباسية. كل ذلك يوضح لنا أن منطقة العراق من أخطر المناطق التي لن تشهد الهدوء لا سيما مع ما نراه اليوم من تركيز غربي على المنطقة باعتبارها من أكثر الدول المنتجة للبترول في العالم ككل، زيادة على أنها كانت ولم تزل بعض الشيء منطقة ريادة في الأدمغة البشرية الإسلامية، ومصدر شعاع علمي دفّاق في المنطقة العربية والدولية وهذا ما نجده في الكثر من الأحاديث النبوية، زيادة على هذا فإن العالم الغربي المسيحي واليهود يتعاملون اليوم باستراتيجية دينية محضة تظهرها لنا وسائل الإعلام على أنها استراتيجية سياسية من أجل المصلحة الدولية وفي سبيل الحرية وما إلى ذلك من التعابير الرنّانة في آذان الآليين من الجنس البشري. أكدت الأحداث التاريخية أن محاولات غزو العراق الحديثة بداية من التسعينيات إلى اعتقال الشهيد صدام حسين رحمه الله تعالى أن المسألة مسألة دينية لا أكثر ولا أقل، أراد منها الغرب أن يؤكد على نبوءات الكتب المقدسة المحرفة (العهد القديم) التي تحدثت عن غزو العراق أو بابل العظمى، سواء في عهد جورج بوش الأب أو الإبن أو حتى الاستراتيجية الأمريكية في زمن أوباما، ويجب أن ننتبه إلى أمور متقابلة هي غزو العراق غزو أفغانستان والصراع على فلسطين ومحاولة غزو سوريا في الأيام أو الأعوام القادة، وتعتبر هذه المناطق في المفهوم الغربي مناطق إستراتيجية حرب في تاريخ المستقبل الذي تحمله النبوءات التوراتية والإنجيل وحتى النبوءات الصادقة في الإسلام، باعتبار المناطق المذكورة لها علاقة وثيقة بالملحمة الكبرى التي يسميها هؤلاء بمعركة هرمجدون والتي تمثل الحرب الكونية التي ينتصر في الحق على الباطل والتي يؤذن بنهاية أحد العالمين: الإسلامي في مفهومهم والغربي غير المسلم في نظرنا. في الواقع أن الأحداث الجارية والتخطيطات الغربية المهتمة بالعراق تسير نحو النبوءات الإسلامية ولا تخدم العالم الغربي، فالغرب الذي لم يستطع السيطرة على المنطقة نتيجة لما تكبده من خسائر بشرية ومادية يحاول خلق صراع طائفي حاد يساهم في حرب اللاموت بالنسبة له مع أن كل الإمكانات والأسلحة التي تدخل العراق منه هو، كونه المستفيد في نظره مما يجري على أرض بابل وكأن العالم الغربي يريد قتل العراقيين بأيديهم ولهذا نجد التدخل والتحكم العسكري في أفغانستان وسنراه كذلك في سوريا ولكن العراق حسابات أخرى. الغرب لا يلعب، والواقع يؤكد لنا أن هناك مخابر بحث متخصصة في دراسة العقلية والنبوءات الإسلامية والمنطقة العربية، وهذا ما يؤكد إيمان الغرب بالنبوة المحمدية فطريا، فأفغانستان تمثل جيش الإمام المهدي ومخبأ الرايات السود في المنظور الإسلامي مع أننا لا نجزم أن القاعدة هي جيش المهدي، كما أن سورياوالعراق تمثل المنطقة الاستراتيجية التي ستقع عليها الملحمة الكبرى (هرمجدون) وبالتالي فمن الضروري السيطرة على المنطقة الرابطة بين العراقسوريافلسطينالأردن، وعليه يجدر بالغرب في نظره أن يسيطر بكل الطرق على مراكز القرار في هاته المناطق الحيوية كونها المنطقة التي اتفقت عليها النبوءات التوراتية والإنجيلية والإسلامية في وصف أحداث تعتبر أكبر حدث كوني في التاريخ الديني والسياسي والعسكري. وبالنسبة للعراق، فإن الصراع الطائفي الدائر فيها والمدروس في مخابر المخابرات الغربية زيادة على كيمياء العقل التي غيرت مفهوم الإسلام في العالم ونبزته بالإرهاب عن طريق جماعات إسلامية محسوبة على المسلمين، وأكثرها إما مُصنّع في المخابر الغربية أو مخترق اختراقا شاملا، -العراق- يسير بكل سرعة إلى طائفية أكثر تطرفا حتى بين السنة، وحتى بين الشيعة، والحتمية التاريخية توضح لنا أن الطائفتين هاتين بالإضافة إلى الأكراد سيشهدون انقسامات أكبر مما نتخيله كلنا وحتمية الصراع الجاري بين كل تلك الطوائف تؤكد أن العراق لن تقوم له قائمة بعد هذه الانقسامات ولن نجد في العراق دولة ولا دويلية إلا مسميات لا تنمّ عن نظام عام نستطيع تسميته بالدولة أو الدويلة، والظاهر أن هذا الصراعات سيمتد إلى خارج العراق وكما نجد هذا في العراق سنجد أن المنطقة العربية ستعود إلى عهد ملوك الطوائف في الأندلس لنرى الكثير من المؤامرات التي تحاك بين الإخوة الأشقاء من أجل السلطة والمال.