أصبحت الجزائر العاصمة في الفترة الأخيرة، تعرف إقبالا ملحوظا من النازحين الأفارقة حيث لا تنفكّ من الخروج إلى الشارع حتى تجد منهم العشرات، وما يشدّ الانتباه هو تفشّي ظاهرة التسوّل بصورة عجيبة لهؤلاء النازحين. صحيح أنّ الجزائر في السنوات الماضية كانت تعرف هذه الظاهرة، ولكن الغريب الآن أنّنا نلاحظ متسوّلين أفارقة أكثر من جزائريين منتشرين في الشوارع، وعلى وجه الخصوص بكثرة في محطات نقل المسافرين، محطات الترامواي وحتى السكك الحديدية أين يحاولون بشتى الطرق استعطاف المارة وهذا ما لاحظناه خلال جولتنا بالعاصمة. ظاهرة التسوّل ليست بالجديدة في بلادنا ولكن تفشّت بكثرة في السنوات الأخيرة تقول إحدى الفتيات التي ترتاد يوميا الترمواي إنها كثيرا ما تقابلهم والغريب في الأمر أنهم أطفال أفارقة، حين يصعدون الترامواي للتسوّل في المقابل تكون أمهاتهنّ في مكان آخر لنفس الغرض، تقول إنّ هؤلاء الأطفال أصبحوا يزعجون المارة كثيرا بتصرفاتهم المبالغ فيها فمنهم من يمّد يده إلى الحقيبة مباشرة طلبا للمال ومنهم من يشّدك من يدك حتى يمنعك من الرحيل عنه، لتردف قائلة: (حقيقة أصبحنا لا نستطيع التخلص منهم إلاّ بصعوبة بالغة). وهو نفس ما عبر لنا عنه أحد الشباب الذي قال إنه كان يسافر كثيرا في القطار بحكم عمله، حيث أصبح يخشى الركوب فيه بسبب هؤلاء المتسوّلين، يقول إنه ما إن يصعد حتى يجد أمّهات نازحات مع أولادهنّ يجلسنّ في الرواق حتى أنّ الركاّب يجدنّ صعوبة في الصعود لإيجاد مكان للجلوس، أمّا شاب آخر يقول إنّه أصبح يتحاشى التنقل من محطات النقل بسبب إزعاجات هؤلاء المتسوّلين ويستقلّ سيارة أجرة تفاديا للفوضى والإزعاجات المتكررة، معبّرا أنه في زمن ليس بالبعيد كانوا يتسوّلون بطريقة لبقة أمّا الآن تجدهم يفرضون أنفسهم على المارة فرضا، يقول إنّ منهم من احترف هذه المهنة خاصة منهم الأطفال، حيث تجدهم يجوبون كل المحطات ويقطعون مسافات طوال يوميا. كذلك نفس الشيء تقول إحدى الفتيات التي ترتاد يوميا الحافلة بمحطة بوفاريك، إنها أصبحت تشهد هذه الظاهرة يوميا وبكثرة انتشارالأطفال الأفارقة في محطات نقل المسافرين، وكثيرا ما تقول إنها تتعرض لمضايقات هؤلاء الأطفال الذين أضحوا يلامسون الشخص بطريقة تستفزّه ولا تستعطفه، حيث أضحى المواطن البسيط الملزم بالتنقل في وسائل النقل العمومية أو حتى الحضرية يعاني من هذه المشكلة أكثر من أن نقول عنها ظاهرة. الغريب في الأمر أن هذه الظاهرة في تنامٍ كبير وواضح ولا أحد من السلطات استطاع أن يردعها أو أن يتدخّل لحلّ هذا المشكل الذي أصبح يؤرق المواطنين والذين أبدوا امتعاضهم من هذه الظاهرة، ليس هذا فحسب بل أنّها باتت تشوّه منظر وجمالية العاصمة وشوارعها.