الحلف الذي سيقاتل "داعش" يضمّ دولا سلّحت وموّلت التنظيم في منتصف الثمانينيات، وخلال هذه الفترة دعّمت أمريكا أسامة بن لادن في مواجهة السوفيات، ثمّ قتلته قبل خمس سنوات من الآن، وفي أواخر الثمانينيات دعّمت صدام حسين ضد إيران، وأوحت له (أبريل غلاسبي) في (لقاء) الفخّ بينهما بأن بلادها لا تمانع في احتلاله الكويت، ثمّ عادت لتطرده من الكويت واحتلّت أمريكاالعراق وأعدمت صدام حسين شرّ إعدام. تواطأت أمريكا مع دمشق على لبنان لثلاثة عقود وكانت العلاقة بينهما مثالا في الواقعية والبراغماتية، ثمّ عادت وانقلبت على دمشق لرفضها الابتعاد عن إيران وضرب حزب اللّه وتبنّي الشرق الأوسط الجديد بنسخته الأمريكية. كما أعلنت أمريكا الحرب على القاعدة وطالبان العام 2001 بعد 11 سبتمبر، وعادت قواتها إلى الديار من دون أن تتمكّن من القضاء على طالبان التي تسيطر اليوم على أفغانستان وعلى القاعدة التي أنجبت (مسخا) ووحشا اسمه (داعش). ومع بداية ما يسمّى الربيع العربي دعّمت أمريكا الانقلاب على الأنظمة واستبدال ديكتاتور أو متسلّط بآخر شرط أن يكون تابعا لها، وشجّعت الإسلام السياسي الذي كان سببا في انهيار الإسلام السياسي المدعوم من أوباما. اليوم يعلن أوباما الحرب على (داعش)، معترفا بأنه أخطر من القاعدة، وأن انسحابه من العراق كان خطأ جسيما، وأن تبنّيه للإسلاميين كان أكثر من خطأ استراتيجي. اللاّفت للنّظر أن الحلف الذي سيقاتل (داعش) يضمّ دولا تسلّح وتدرّب وتدعّم وتموّل (داعش) عملا بالمثل القائل: (لا يخضع الملحد إلاّ الشيطان). والمفارقة الأبرز أن (داعش) المموّل من بعض دول الخليج ستتمّ محاربته بأسلحة مدفوعة الثمن من الخليج. وفي بيروت رفعت الحكومة اللّبنانية الحرم عن التعاطي مع سوريا وأقرّت من دون أن تعلن بأن سياسة الأبواب المغلقة قد تؤدّي إلى أزمة مفتوحة فخطت الخطوة الأولى باتجاه فكّ الاشتباك مع دمشق بإقرار إقامة مخيّمات للنازحين السوريين على الحدود، وهي خطوة لا يمكن أن يكتب لها النّجاح ما لم تحظَ بموافقة الطرف السوري، وللحديث بقية عن مسرحية مكشوفة يقودها الممثّل الأمريكي أوباما برعاية خليجية.