تشهد أضاحي العيد هذه السنة ارتفاعا قياسيا في أسعارها جعلت العديد من العائلات ذات الدّخل المحدود تتخلّى عن ممارسة سُنّة النّحر اقتداء بسيّدنا إبراهيم الخليل بعدما تجاوز ثمن الرّأس الواحد من الغنم المتوسّط الحجم ال 30 ألف دج، أمّا إذا أراد المواطن أن يتقيّد بتطبيق سُنّة السلف الصالح في النّحر عن طريق اِتّباع شرط السنّ والسُّمنة للأضحية فعليه أن يدفع ما فوق ال 45 ألف دج أو أكثر بكثير بسبب المضاربة التي يشهدها عالم السوق في هذا المجال إلى جانب عمليات التهريب المكتشفة عبر الحدود، دون أن ننسى التغيّرات المناخية والأمطار الغزيرة المتساقطة مؤخّرا، والتي زادت من لهيب أسعارها· يبدو أن عيد الأضحى لهذا الموسم سيكون ساخنا أكثر من المعتاد، ففي الوقت الذي تحضّر فيه بعض العائلات كلّ الترتيبات لاستقباله من مستلزمات وشراء الأضاحي، لاتزال عائلات أخرى تفكّر في الطريقة التي تمكّنها من اقتناء كبش العيد كالاستدانة مثلا، غير أنها تبقى طريقة بعيدة المنال بتزامن ذلك مع استمرار مشكل انعدام السّيولة في مراكز البريد إلى جانب اللهيب الكبير الذي تعرفه أسعار الأغنام والماشية في وطننا هذه الأيّام بعدما سجّلت أعلى معدّل لها هذه السنة مقارنة بالسنوات الأخيرة لأسباب كان قد أرجعها اتحاد التجّار الجزائريين إلى عدم تكثيف الرّقابة في الأسواق التي تعرض فيها الماشية، إلى جانب الانتشار الرّهيب للأسواق الفوضوية لها، حيث تشهد انتشارا واسعا عبر ربوع الوطن وتعرض الماشية بصفة غير قانونية رغم صدور قرار بمنع البلديات لأصحاب الماشية تسويقها الفوضوي· حيث تشير الأرقام والإحصائيات في هذا المجال إلى أن التجارة الموازية في سوق الماشية يمثّل 70 بالمائة من مجموع الأسواق المتواجدة على المستوى الوطني، وهو الأمر الذي فتح المجال أمام الموّالين لرفع الأسعار والمضاربة فيها كما يحلو لهم· وتشير في هذا الصدد الأرقام المسجّلة عشية عيد الأضحى الذي يفصلنا عنه أقلّ من عشرة أيّام، إلى ما يقارب ال 5 ملايين رأس تتداول في أسواق الماشية من بينها 3 ملايين ونصف رأس يتمّ استهلاكها خلال العيد، أي أن 3 ملايين عائلة فقط ستتمكّن من اقتناء الأضحية· وبحساب عملية بسيطة بمعدّل خمسة أفراد في العائلة الواحدة نجد أن 15 مليون جزائري سيحرم من الأضحية هذه السنة بسبب غلاء الماشية والمضاربة التي يمارسها بعض الموّالين الذين يبرّرون إلتهاب الأسعار بارتفاع سعر الأعلاف، إلى جانب السرقات التي طالت بعضهم ووقعوا ضحايا شبكات متخصّصة في سرقة المواشي، حيث أحصي تهريب 500 رأس حسب آخر التقديرات من الحدود الشرقية والغربية للوطن نحو تونس والمغرب· ويشير المتتبّعون للمجال إلى أن التغيّرات المناخية وكثرة التقلّبات الجوّية مع تساقط كمّيات كبيرة للأمطار مثلما حلّ بمختلف مناطق الوطن في الأيّام الأخيرة، ساهمت هي الأخرى في اِلتهاب أسعار أضاحي العيد هذه السنة· فحسب المربّين والموّالين فإنه كلّما كثر التساقط كلّما كان توفير المأكل والأعلاف للماشية صعب المنال، غير أن الملاحظ لما يحدث يرى أن العلّة لا تكمن في ذلك، فقد تزامن عيد الأضحى خلال السنوات الفارطة مع أزمة جفاف متتالية غير أن السعر كان يعرض ملتهبا كذلك، ليبقى في الأخير الحديث عن جشع المتاجرين في القطاع والمضاربة إلى جانب نقص الموّالين وعدد رؤوس الماشية عبر القطر الوطني يصنع أجواء عيد الأضحى كلّ سنة·