يستعد الجزائريون في هذه الأيام لاستقبال عيد الأضحى المبارك، ليكون الشغل الشاغل للأسر الجزائرية أسعار الأضاحي والتي تشير مؤشرات السوق إلى أنها ارتفعت في الأيام الأخيرة بشكل رهيب، وبالرغم من التطمينات الروتينية للحكومة لمحاربة المضاربة إلا أن الأسعار هذه السنة تتراوح مابين 3 إلى 6 ملايين سنتيم على أقل تقدير للكبش الواحد. لكن وككل سنة وإحياء للسنة الحميدة يتسارع المواطنون إلى الأسواق لشراء الكبش بالرغم من ارتفاع الأسعار التي تفوق رواتب العديد من ذوي الدخل البسيط خاصة من موظفي القطاع العام وحتى القطاع الخاص، غير أن الكل يرى استعصاء تضييع الاحتفاء بهذه المناسبة السعيدة للمسلمين مما يؤدي إلى انتهاج حيل ألفها خاصة المواطن الجزائري وهي اقتناء الكبش مبكرا قبل شهر أو حتى شهرين من حلول عيد الأضحى المبارك لكي يسلم من غلاء الكباش قبل فترة قصيرة من العيد المبارك وهو حال أحد المواطنين الذي اقتنى الكبش منذ حوالي شهرين وما ساعده هو إقامته بالطابق السفلي من العمارة مما مكنه من وضع الكبش بالحديقة المحاذية، كل ذلك لكي يسلم من نار الأسعار بحيث اشتراه بسعر 35 ألف دينار جزائري وكبش يماثله في الوقت الحالي عرض بسعر 48 ألف دينار. لكن تتعدد سلبيات الاقتناء المبكر للكباش عبر المدن الحضرية بالخصوص مع ما نشاهده من أكوام الأعلاف ومخلفات الكباش وإيواء المواشي في أماكن غير مناسبة والتي أصبحت تشوه مناظر الأحياء والسكنات الجديدة، كذلك غالبية شوارع المدينة نجد النظافة شبه معدومة خلال فترة العيد خصوصا وسط المدينة والشوارع الفرعية ويجد عمال النظافة صعوبة كبيرة في تخفيف هذه المشكلة وهو ما أخبرنا به أحد العمال بحي سكني جديد في إحدى بلديات العاصمة بأنه مع كل موسم عيد الأضحى تصبح هذه الأحياء كارثية وهذا طبعا كله جراء مخلفات الكباش التي يتسارع المواطنون على اقتناءها فرارا من ارتفاع أسعارها، في حين يوجه بعض المواطنين المنزعجين من تلك الظواهر التهم إلى مصالح النظافة والسلطات المحلية بالتقصير نتيجة عدم وجود خطة لمواجهة هذه المشكلة خصوصا مع موسم العيد. كذلك هي ظاهرة أخرى ترجع إلى ثقافة وشخصية الفرد الجزائري التي انتابتها العديد من الشبهات وطبيعة التقليد التي باتت متفشية في الجميع، فحاليا كل شخص يريد أن يظهر لجاره أنه أقوى من الآخرين وأنه يعيش في رفاهية ونعيم من باب المنافسة لاغير، فالمجتمع الجزائري يعتبر من المجتمعات التي أضحى فيها عنصر تحقيق الوجود الاجتماعي والبروز من الأولويات وأكثر من أي شيء آخر، حيث عبّر أحد المواطنين عن أسفه من هذه العقلية الجزائرية التي أشابت حتى بمناسبة عيد الأضحى المبارك كمناسبة عزيزة وعظيمة وشراء كبش العيد تحوّل إلى عادة وتقليد ملزم بالرغم من أن الإسلام أعطى رخصة للفقراء ولم يجبرهم على النحر من باب أن (الأضحية لمن استطاع لكن ربط البعض النحر بالقيمة الاجتماعية لتحقيق وجوده وهي طبيعة تتزامن مع الأعياد الدينية كعيد الفطر وعيد الأضحى وكذا المناسبات الدينية مثل شهر رمضان، وبالتالي إذا امتنع البعض على الشراء والاستهلاك بسبب ظروفهم المادية فسيحسون بالنقص وسيشعرون أن قيمتهم الاجتماعية متدنّية وهو ما لم يفنّده الكثير من المواطنين على اعتبار أنها حقيقة مطلقة سادت في مجتمعنا حاليا.