باتت العلاقات الجزائرية مع مصر (السيسي) خلال الفترة الأخيرة (سمنا على عسل)، وبالضبط منذ أن حسمت الجزائر موقفها بالتأكيد على أن تعاملاتها تكون مع الدول وليس مع الحكومات ولا تتدخّل تحت أيّ ظرف في الشؤون الداخلية للدول، ولعلّ ما زاد من حجم التقارب السياسي والاقتصادي بين البلدين هي الأزمة الليبية بكلّ ما تقتضيه من تنسيق مشترك وعمل جماعي دؤوب ينشد حفظ الأمن في المنطقة. أكّد وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة أن الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي ورئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يحرصان بشدّة على تقوية العلاقات بين مصر والجزائر، وأن تطوير العلاقات بين البلدين سيشمل جميع المجالات، وحكومتا البلدين حريصتان على تنفيذ كافّة التوجّهات الاستراتيجية التي صدرت إليهما من جانب الرئيسين المصري والجزائري. وقال لعمامرة في تصريحات لصحيفة (المصري اليوم) أثناء زيارته للعاصمة الكندية أمس إن زيارة الرئيس السيسي الأولى له خارج مصر كانت إلى الجزائر في جوان الماضي، وهي رمزية مهمّة، حيث وضعت أسسا قوية للعلاقات بين البلدين وأكّدت رغبة القائدين في تطوير ودعم التشاور في جميع المسائل، ليس فقط بين مصر والجزائر ولكن المتعلّقة بمحيطهما العربي والإفريقي. وأضاف الوزير أن الرئيسين أصدرا تعليماتهما لحكومتي البلدين لعمل شراكة في مختلف المجالات، ما يشير إلى البعد الاستراتيجي للعلاقة بينهما، وجارٍ العمل للتحضير لعقد اللّجنة العليا المشتركة بين مصر والجزائر على مستوى رئاسة الوزراء في البلدين قبل نهاية هذا العام. وأشار الوزير إلى أنه اِلتقى بنظيره المصري سامح شكري 3 مرّات خلال أسبوع واحد على هامش اجتماعات الجمعية العامّة للأمم المتّحدة مؤخّرا، وهو ما يؤكّد قوة العلاقات بين مصر والجزائر من ناحية والتشاور المستمرّ والتنسيق بين البلدين اتجاه العديد من القضايا العربية والإقليمية من ناحية أخرى وفي مقدّمتها الأزمة الليبية، مشيرا في هذا الصدد إلى الاجتماع التنسيقي الذي جرى في 28 ماي الماضي والاجتماع الآخر الذي جرى في القاهرة في 25 أوت الماضي. وأشار الوزير إلى أنه خلال الاجتماع بالأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون تمّ أيضا التباحث بشأن حلّ الأزمة الليبية، وهو الأمر نفسه الذي حرص عليه المسؤولون المصريون مع جميع الأطراف التي لها نفوذ قوي على الساحة الدولية. من جانبه، أكّد عمر أبو عيش، سفير مصر الجديد لدى الجزائر، في تصريحات قبل مغادرته القاهرة لتولّي مهام منصبه الجديد إن الفترة القادمة ستشهد خطوات لوضع أسس لشراكة حقيقية مكتملة الأركان بين البلدين من خلال الإعداد الجيّد للدورة السابعة للّجنة العليا المشتركة وتذليل أيّ عقبات قد تكون قائمة أمام زيادة الاستثمارات المصرية في الجزائر، والتي تبلغ حاليا 6 ملايير دولار وتعريف رجال الأعمال في البلدين بفرص الاستثمار المشترك، وقد عكست الاجتماعات التحضيرية التي عقدت في القاهرة يومي 21 و22 سبتمبر الجاري هذا التوجّه، وأضاف أن هناك دورا كبيرا ملقى على عاتق مجلس الأعمال المصري-الجزائري لفتح الأسواق وتنفيذ مشروعات مشتركة في كافّة المجالات، وأشار إلى أن التعاون بين البلدين في مجال الطاقة يعدّ ضمن الأولويات الرئيسية في الفترة القليلة القادمة، حيث أن هناك اتّصالات مكثّفة بين البلدين في هذا المجال، وهناك دعوة وجّهت لوزير الطاقة الجزائري يوسف يوسفي لزيارة القاهرة، وأن مصر تعمل على زيادة عدد الشحنات المستوردة من الغاز المسال من الجزائر. وكانت الجزائر قد تعهّدت برفع صادراتها إلى مصر من البوتاغاز بنسبة 50 بالمائة ليبلغ 5ر1 مليون طنّ سنويا، وأشار السفير المصري الجديد إلى أن العلاقات السياسية المتميّزة بين البلدين تعطي إطارا متميّزا لتطوير العلاقات في مختلف المجالات الأخرى، لا سيّما في ظلّ الظروف الحالية التي تمرّ بها الأمّة العربية وما تشهده الساحة الإفريقية أيضا من تطوّرات. كما أن للبلدين الدور الكبير في إطار عدد من المسائل الدولية ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها أجندة التنمية لما بعد عام 2015، حيث شهدت تنسيقا متميّزا في ظلّ الإعداد لموقف عربي وإفريقي موحّد في هذا الشأن.