ما حكم الشرع في إحياء ذكرى الأربعين للمتوفي؟ قراءة القرآن على روح المتوفى وهبة ثوابه إليه أمر قرته عموم أدلة الشرع الإسلامي واتفقت عليه كلمة الفقهاء من المذاهب الفقهية الأربعة المتبوعة، وهو الهدية القيمة التي يقدمها الحي للميت كما يقول الإمام القرطبي في (التذكرة)، ولا مانع من هذه القراءة في أي وقت. كما أنه لا مانع أيضا من تحديد يوم معين لهذه القراءة، فلم يرد في الشرع الإسلامي ما يمنع ذلك، وإنما الممنوع شرعًا أن يكون هذا اليوم يوم عزاء آخر تتجدد فيه الأحزان ويصنع فيه كما يصنع في العزاء؛ فقد نهى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عن العزاء بعد ثلاث تجنبا لتجديد الحزن. كما أنه يحرم أيضًا أن تكون إقامة هذا اليوم من أموال القصر، وأما مسألة مكث روح الميت على الأرض لمدة أربعين يوما فهو أمر غيبي لا يعرف إلا قبل الشرع، والذي ورد في الأثر أن الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحًا، أما القول بأن الروح تمكث في الأرض أربعين يوما فهذا لا نعلم فيه أثرًا صحيحًا. والله سبحانه وتعالى أعلم. هل هناك بعد العشاء سنة مؤكدة؟ سنة العشاء من السنن الرواتب التي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يداوم عليها، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الغداة، كانت ساعة لا أدخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها فحدثتني حفصة أنه كان إذا طلع الفجر وأذن المؤذن صلى ركعتين).. [متفق عليه]. ويستحب أن تكون صلاة الوتر آخر الصلاة في الليل؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (اجْعَلُوا آخِرَ صَلاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا) متفق عليه، فيحصل بذلك الجمع بين راتبة العشاء ويكون الوتر آخر صلاة الليل. هل يجوز للمعتدة الخروج للعمل؟ من المقرر شرعًا أن حداد المتوفى عنها زوجها يتمثل في ترك الزينة والتطيب ومظاهر الفرح وكذلك الالتزام بالمبيت في بيت الزوجية في فترة العدة المقررة في قوله تعالى: {والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}. ويجوز للمعتدة أن تخرج من بيتها نهارا وبعض الليل لقضاء حوائجها وترتيب معاشها ولكنها تبيت في بيتها وفي ذلك يقول ابن قدامة: (وللمعتدة الخروج في حوائجها نهارًا سواء كانت مُطلقة أو متوفى عنها زوجها قال جابر: طُلِّقَتْ خَالَتِي ثَلاَثًا فَخَرَجَتْ تَجُدُّ _ أي تقطع _ نَخْلاً لَهَا فَلَقِيَهَا رَجُلٌ فَنَهَاهَا فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهَا (اخْرُجِي فَجُدِّي نَخْلَكِ لَعَلَّكِ أَنْ تَصَدَّقِي مِنْهُ أَوْ تَفْعَلِي خَيْرًا) رواه النسائي وأبو داود. وروى مُجَاهِدٍ قَال: اسْتُشْهِدَ رِجَالٌ يَوْمَ أُحُدٍ فَآمَ نِسَاؤُهُمْ وَكُنَّ مُتَجَاوِرَاتٍ فِي دَارٍ فَجِئْنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَوْحِشُ بِاللَّيْلِ فَنَبِيتُ عِنْدَ إِحْدَانَا فَإِذَا أَصْبَحْنَا تَبَدَّرْنَا إِلَى بُيُوتِنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (تَحَدَّثْنَ عِنْدَ إِحْدَاكُنَّ مَا بَدَا لَكُنَّ فَإِذَا أَرَدْتُنَّ النَّوْمَ فَلِتَؤُوبَ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ إِلَى بَيْتِهَا) سنن البيهقي. وبناءً على ما سبق فيجوز للسائلة أن تعود إلى عملها في فترة العدة شريطة أن تبيت في بيت الزوجية.