من المنتظر أن يحط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رحاله اليوم الأربعاء، بالجزائر، على رأس وفد تركي بالغ الأهمية يضم عددا من الوزراء، ورجال الأعمال، بدعوة من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وتبدو زيارة أردوغان إلى الجزائر حافلة ب الأسرار والملفات الثقيلة. زيارة أردوغان هذه التي تعد الأولى له إلى الجزائر بصفته رئيسا لتركيا، علما أنه زارها من قبل بصفته رئيسا لوزراء بلاده، يعتبرها متتبعون حافلة بالرهانات السياسية والاقتصادية، وحتى الأمنية، خصوصا بالنظر إلى التحديات التي يواجهها البلدان، أمنيا واقتصاديا وسياسيا. أردوغان سيلتقي، وفق برنامج زيارته، بالرئيس بوتفليقة، ورئيس الوزراء عبد المالك سلال، ومن المرتقب أن يتناول رئيسا البلدين بالبحث والدراسة ملفات ثقيلة وحساسة، قد يتقدمها الملف الأمني، في ظل الوضع الخطير الذي تشهده المنطقة الشرق أوسطية والشمال إفريقية، وهو وضع يستدعي أقصى درجات التنسيق بين البلدان المعنية، ومنها تركيا غير البعيدة عن مستنقع داعش ، والجزائر التي تتربص بها تحديات أمنية بالجملة. وإضافة إلى الملف الأمني، يفرض الملف الاقتصادي نفسه بقوة، سواء نتيجة انهيار أسعار النفط بشكل يؤثر على اقتصاديات بلدان المنطقة، وخصوصا على الاقتصاد الجزائري، أو نتيجة تداعيات الأزمة المالية على الاقتصاد التركي الباحث عن متنفس له خارج القارة الأسيوية، ولن يجد أفضل من السوق الجزائرية من أجل إطلاق استثمارات جديدة. ويُنتظر أن يضع البلدان حساسياتهما السياسية جانبا من أجل مصلحتهما المشتركة، فتركيا ساندت بقوة ما سمي بالربيع العربي، الذي تحول إلى خراب حقيقي، بينما وقفت الجزائر مع حق الشعوب في العيش بكرامة بعيدا عن الفوضى. أردوغان يترأس في زيارته إلى الجزائر وفدا مؤلفا من نائب رئيس الوزراء نعمان قورطولموش، ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ووزير الدفاع عصمت يلماز، ووزير الطاقة والمصادر الطبيعية طانر يلدز، ووزير الاقتصاد نهاد زيبكجي، ووزير الزراعة والثروة الحيوانية مهدي أكر، بالإضافة إلى عدد من النواب، ورجال أعمال. ويُنتظر أن يتم عقد منتدى الأعمال التركي الجزائري على هامش الزيارة، الذي سيتناول فرص الاستثمار في الجزائر، والتعاون الاقتصادي بين البلدين، كما يهدف المنتدى إلى رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين، والذي يبلغ حاليا 5 مليار دولار، كما يبلغ حجم الاستثمارات التركية في الجزائر 7 مليار دولار. ويرغب الوفد التركي في، تمديد اتفاقيات التعاون الموقعة بين البلدينفي قضايا الطاقة، والدفاع، والاقتصاد، على أن يغادر أردوغان الجزائر متوجهًا إلى مالابو، عاصمة غينيا الاستوائية، للمشاركة في الدورة الثانية لقمة الشراكة التركية الأفريقية، المقرر انعقادها في الفترة 19-21 نوفمبر الجاري. ويحظى الإستثمار التركي في الجزائر بالتشجيع في جميع قطاعات النشاطات حسبما صرح به أمس الثلاثاء بوهران نائب الملحق التجاري لدى سفارة تركيا في الجزائر السيد ايرهان كاراكوش. وأبرز السيد كاراكوش خلال لقاء جمع زهاء 20 متعاملا تركيا بنظرائهم الجزائريين أن الجزائر تزخر بالعديد من الفرص المواتية لتطوير الشراكة الإقتصادية . وذكر بأن أكثر من 200 شركة تركية تنشط في الجزائر لا سيما في قطاعات التجارة والبناء والصناعة مستشهدا بمثال مصنع الحديد توسيالي ببطيوة (وهران) الذي يعتبر أهم إستثمار تركي في الخارج. وتعقد اللقاءات المهنية الجزائرية التركية بوهران على مدار يومين بهدف التعرف بشكل أفضل على مؤهلات الجهة الغربية للجزائر وفق السيد كاراكوش. ويكمن الهدف في نهاية المطاف في تنويع أكثر لمجالات الشراكة كما أوضح نفس المتحدث مؤكدا بأن الوفد التركي الذي يقوده بوهران يتكون في غالبيته من منتجين. وتتخصص المؤسسات التركية المشاركة في عدة مجالات منها الملابس والصناعة الغذائية والحديد والسيارات والكهرباء والعتاد الفلاحي والبناء والرخام وتكسية الأرضيات والري والصناعة المنجمية. ووفقا للمعطيات المقدمة من قبل الملحق التجاري فإن صادرات تركيا إلى الجزائر بلغت 2 مليار دولار في عام 2013 وتخص أساسا قطاعات السيارات والبناء والنسيج والصناعة الغذائية. وتقدر الصادرات الجزائرية إلى تركيا ب3 ملايير دولار وتتشكل على وجه الخصوص من المحروقات والمواد الكيميائية والمواد الأولية لقطاع النسيج. من جانبه، أعرب وزير الصناعة والمناجم السيد عبد السلام بوشوارب عن أمله في مشاركة فعالة للمؤسسات التركية في مسار إعادة بعث الصناعة في الجزائر حسبما أكده بيان للوزارة. وأوضح ذات البيان أن السيد بوشوارب قد عبر خلال لقائه بالسيد عدنان كيسيتشي سفير جمهورية تركيابالجزائر عن أمله في مشاركة فعالة للمؤسسات التركية في الديناميكية الجديدة للقطاع .