أسر تائهة في ظل تدهور أحوال المدرسة الجزائرية يعاني التعليم من مرض تربوي خطير مما أجبر العديد من التلاميذ على السير في اتجاه آخر للتعليم ألا وهو الدروس الخصوصية.. هذه الظاهرة شهدت ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة أي عند العودة إلى الوراء حوالي عشر سنوات لم تكن منتشرة بهذا الشكل وبالتالي شكلت منحنى خطيرا يشهد له الأولياء والتلاميذ بالرغم من أنها مكلفة إلا أنها أصبحت مفروضة على الأولياء وتصنف ضمن المستلزمات المعيشية. حنان مولفي
والغريب في الأمر أن هذه الظاهرة لم تقتصر فقط على الطلبة الثانويين والطور المتوسط بل قفزت إلى الطور الابتدائي ويفسر الكل الأمر باستعصاء الاعتماد على المدارس العمومية في نهل العلم بالنسبة إلى تلاميذ مختلف الأطوار، لاسيما مع تدهور أحوال التعليم في الجزائر وحتى هناك من راح إلى طرح فرضية أن بعض المعلمين والأساتذة لا يبذلون مجهودات مضاعفة عبر المدارس العمومية ويدخرونها لإلقائها على تلاميذ المدارس الخصوصية مقابل المال طبعا. فحقيقة هذه الظاهرة أربكت ميزانية الأسر باعتبار أن نجاح أبنائهم أصبح مرتبطا بها. هذا الذي يدفعنا للتساؤل هل الإشكال متعلق بانخفاض مستوى التلاميذ... أم أن الأساتذة يبذلون أقل مجهود في شرح الدروس حتى يدفعوا الطلبة إلى دروس خصوصية بمقابل مادي؟.. آراء متضاربة للتلاميذ كهينة مقبلة على شهادة البكالوريا قالت إن الدروس الخصوصية ضرورية، خاصة أنها تدرس في شعبة العلوم الطبيعية وبالتالي لا يمكنها الاكتفاء بالدروس التي تتلقاها في القسم، لأن معظم الأساتذة غير متمكنين من التدريس وبالتالي هي وسيلة لاكتساب مكتسبات علمية أكثر، كذلك لا تعتمد على الجانب العملي التطبيقي بل النظري أكثر أما السعر الذي تدفعه شهريا هو 5000 دينار. طالبة أخرى، قالت كان من المفترض أن أخضع للدروس الخصوصية لأنني ضعيفة في اللغة الإنجليزية لكن عندما وجدت نفسي أمام خمسين طالبا وظروف دراسية متدنية وكراس وطاولات غير مريحة وقريبة من بعضها البعض قررت التراجع لأنه في الأصل أدرس في قسم يحتوي على أربعين طالبا وبالتالي قررت أن أدرس وحدي. أما أخرى قالت إن الدروس الخصوصية مجرد مضيعة للوقت وبالتالي هي دروس تكميلية للمراجعة وتدارك النقائص ولا يمكن الاعتماد عليها كما يظن الآخرون طريقة للنجاة من الرسوب. أولياء انعدمت ثقتهم بالمدرسة الأولياء في الوقت الحالي يرون أن الدروس الخصوصية هي ضرورة لا يمكن التراجع عنها وإلا كان مصير أبنائهم الفشل منهم سيدة من العاصمة قالت إنها أدرجت ابنتها مؤخرا في الدروس الخصوصية بعد هول العلامات المتدنية التي تحصلت عليها في الفروض رغم مستواها الإيجابي من قبل، تلك العلامات جعلتها تتسارع لإدراجها في أول مدرسة خصوصية تلزمها شهريا بدفع 7000 دينار لإنقاد مشوار ابنتها، وكذلك الحال بالنسبة إلى ابنها الدارس في الابتدائي الذي يعاني عجزا في اللغة الفرنسية وختمت بالقول إن اللوم يقع على بعض المعلمين إن لم نقل أغلبهم الذين ساهموا في شيوع ظاهرة الدروس الخصوصية وأجبروا الأولياء عليها لإنقاد مصير أبنائهم. في ذات السياق، صرح لنا السيد محمد ابنته طالبة بالثانوية أن مستقبل أبنائه قبل كل شيء وهو مستعد أن يدفع ضعف المبلغ مقابل نجاح ابنته.أما السيدة جميلة عاملة وابنها يدرس في الابتدائي صرحت بأنه يعاني من صعوبة الفهم والبرنامج مكثف، وأنا عاملة لذلك أنا مضطرة إلى إخضاعه لدروس خصوصية في الرياضيات واللغة العربية... إيمان متخرجة حديثا وتدرّس في المتوسطة صرحت في نفس السياق أنها تعطي دروسا في اللغة العربية لأحد الطلبة من عائلة ثرية في منزله ومقابل ذلك تحصل على ضعف الأجرة الشخصية وهذا أمر عادي جدا ولا يعاب عليه... ويبقى هذا الحل الذي يلجأ إليه الكثيرون في ازدياد رهيب ربما يكون سندا قويا لمن يحتاجها ويتدارك نقائصه لكن في الحقيقة ليست بالضرورة الملحة التي يراها الجميع.