في ظل التحذيرات المتلاحقة من احتمال تعرض البلاد لهجمات "إرهابية"، أكد المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أن الأقلية المسلمة أصبح لديها "خوف مزدوج من الإرهاب"؛ فهم يخشون أن يقعوا ضحية لهذه الهجمات من جهة، أو أن يكونوا موضع اشتباه من جهة أخرى، مطالباً في الوقت نفسه بحماية المساجد التي "لا يمر أسبوع دون أن يحدث تجاوز على أحدٍ منها". وفي هذا الصدد انتقد أيمن مازيك، رئيس المجلس الأعلى للمسلمين (الذي يضم 19 منظمة إسلامية في ألمانيا)، تصريحات وزير داخلية ولاية برلين، إرهارت كورتينغ، والتي طالب فيها المواطنين بالإبلاغ عن "الأشخاص الذين لهم مظهر غريب ويتحدثون العربية؟". وقال مازيك في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) بمدينة كولونيا غربي البلاد: "نسمع منذ سنوات عن تحذيرات إرهابية غامضة تنشر الخوف والفزع"، وأضاف: "المسلمون لديهم خوف مزدوج؛ لأنهم من الممكن أن يكونوا ضحايا لهجمة إرهابية، وفي الوقت نفسه ينشأ اشتباه عام فيهم". حماية المساجد من جهة أخرى طالب مازيك بتحسين حماية المساجد في ألمانيا، وقال: "لا يمر أسبوع دون أن يحدث تجاوز على مسجد، الهستيريا الحالية حول الإرهاب تزيد من حدة توتر الأجواء وتؤدي إلى عدم التضامن مع المسلمين، وتقوي شوكة الأشخاص الذين يخططون لشن هجمات وتجاوزات عليهم". وضرب مازيك مثالاً بمسجد "سيهيتليك"، أكبر مسجد في برلين، الذي تعرض لأربع هجمات خلال ستة أشهر آخرها الجمعة الماضية. من ناحية أخرى انتقد رئيس المجلس الأعلى للمسلمين تصريحات وزير داخلية ولاية برلين، إرهارت كورتينغ، والتي طالب فيها المواطنين بالإبلاغ عن "الأشخاص الذين لهم مظهر غريب ويتحدثون العربية". وقال مازيك: "المسلمون يشعرون بالخوف في بلدهم ووزير داخلية برلين يعلم ذلك تماما، وكان من الأفضل أن يزيد اهتمامه بحماية المساجد وعدم التفوه بتلك العبارات الطائشة". وقد أعرب كورتينغ عن أسفه لتلك التصريحات، موضحا أنه قصد بها "التنبيه إلى ضرورة الإبلاغ عن أدلة قوية مثل وجود أسلحة أو حقائب مشتبه فيها". لا هجمات وشيكة في هذه الأثناء قللت هيئة مكافحة الجريمة في ألمانيا من شأن التقارير التي تحدثت عن خطط لتنظيم القاعدة لشن هجوم يستهدف مبنى البرلمان الألماني، وقالت "لا يوجد ما يشير إلى هجوم وشيك في ألمانيا". وهونت تعليقات الشرطة من شأن تقرير مجلة "دير شبيغل" الأسبوعية الذي قال إن قرار ألمانيا الأسبوع الماضي تعزيز إجراءات الأمن أثاره اكتشاف مخططات لمسلحين لاقتحام مبنى البرلمان وقتل رهائن. وكانت مجلة "دير شبيغل" الألمانية قالت في تقرير لها إن "إسلامياً" ألمانيا أبلغ هيئة مكافحة الجريمة وحذرها من أن قيادة تتبع تنظيم القاعدة تعتزم بمساعدة مجموعات متحالفة معها مهاجمة مقر البرلمان الألماني، واحتجاز رهائن، وتنفيذ مذبحة دموية باستخدام أسلحة نارية. كما أشارت المجلة في موقعها الإلكتروني إلى أن مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي (أف بي آي) أرسل خطابا قبل أسبوعين إلى هيئة مكافحة الجريمة في ألمانيا يحذر فيه من خطة محتملة لشن هجوم "إرهابي" في البلاد. وجاء في التحذير أن جماعة شيعية هندية، تطلق على نفسها اسم "سيف"، تحالفت مع تنظيم القاعدة وأرسلت رجلين، هما في طريقهما إلى ألمانيا لتنفيذ هجوم هناك. ويواجه المسلمون في أوروبا والولايات المتحدة حاليا موجة غير مسبوقة من الإسلاموفوبيا، يرجعها مراقبون إلى الأخبار التي تبث بشكل متلاحق عن إحباط هجمات لتنظيم القاعدة أو آخرين من الحركات الإسلامية المسلحة، وهو ما ينتج عنه زيادة الخوف من الإسلام والمسلمين. وإلى جانب المخاوف التي يعيشها المسلمون في ألمانيا والذين يشكلون نحو 5 % من سكان ألمانيا (4 ملايين مسلم)، فهناك إشكالية أصبحت مثار جدل في الآونة الأخيرة وهي قضية الاندماج. ويرى فريق يتزعمه الرئيس الألماني وعدد من الأحزاب أن الإسلام أصبح جزءا من ألمانيا، ومن ثم تعالت الأصوات المنادية بالاعتراف بالإسلام كدين رسمي، بينما يرى فريق آخر يتزعمه حزب المستشارة أنجيلا ميركل "الديمقراطي المسيحي" المحافظ أن المسلمين ما تزال لديهم "عقبات تعوق اندماجهم"، وأن "عليهم أن يطيعوا الدستور والقانون لا الشريعة الإسلامية إذا كانوا يريدون العيش في ألمانيا".