- نسعى إلى إقناع المسلّحين في ليبيا ومالي بالتوبة - هذا رأيي في قضية كمال داود - علماء الأمّة وعقلاؤها ماجت بهم الفتن - هذه مقاصد رابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل - دعاة الربيع العربي قدّموا خدمات جليلة لبني صهيون - لابد من إرادة حقيقية للاستيقاظ من وهم الربيع العبري - إحقاق الأمن الفكري أقوى وأعظم من كلّ شيء - لنا تجربة كبيرة جدّا في التعامل مع الإرهاب والتكفير - لهذا السبب يغيب أئمة المغرب الشقيق عن الرابطة - ليبيا هي النقطة السوداء في منطقة الساحل حاليا - الجزائر دفعت ثمن ما يجري في ليبيا ومالي - السلفية ليست طائفة ولا حزبا ولا نحلة - هناك فرق بين الشيعة والتشيّع - هذه نصيحتي للشعب الجزائري وللمسلمين عموما قال الشيخ يوسف مشرية، الأمين العام لرابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل، في حديث خاص مع (أخبار اليوم) إن الرابطة تقوم بمساع بهدف إقناع المسلّحين في العديد من الدول بضرورة التوبة وحقن دماء إخوانها، على خطى تجربة المصالحة الجزائرية، مشيرا إلى أن أئمة وعلماء الجزائر ومنطقة الساحل اكتسبوا خبرة كبيرة في التعامل مع التطرّف والإرهاب، مزيلا اللبس بخصوص (غياب) أئمة المغرب الشقيق عن رابطة علماء وأئمة دول الساحل التي تعتبر أن إحقاق الأمن الفكري أقوى وأعظم من كلّ شيء. خاض الشيخ مشرية في العديد من المواضيع والقضايا الهامّة والمثيرة، على غرار (مجزرة شارلي إيبدو) وقضية تطاول كمال داود على الذات الإلهية وإساءته إلى القرآن الكريم وما تبعها من تداعيات، وكذا المدّ الشيعي من جهة والتنصيري من جهة ثانية، كما تحدّث بكلّ صراحة عمّا وصفه بوهم الربيع العربي أو العبري الذي (قدّم خدمات جليلة للكيان الصهيوني)، وعن الفتنة الطائفية التي تنغّص حياة أبناء غرداية وقضايا أخرى. أجرى الحوار: الشيخ بن خليفة * بعد قرابة سنتين على تأسيسها كيف تقيّمون مسيرة رابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل؟ *** باِسْم اللّه الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدي (محمد) وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: نشكر لكم التواصل معنا، نعم حقيقة لقد مرّ على تأسيس الرابطة قرابة السنتين.، وبحمد اللّه تعالى جلّ الأهداف التي سطّرناها في مؤتمر التأسيس في الجزائر هي في الإنجاز، إمّا على المستوى الإقليمي أو المحلّي أو الدولي. * ما هي أبرز (إنجازات) الرابطة وأقوى محطاتها؟ *** لا يخفى عليكم أن تأسيس الرابطة كان في ظلّ ظروف الحرب التي عاشتها المنطقة الشمالية لجمهورية مالي، رابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل جاءت لتملأ الفراغ الفكري والديني الموجود في المنطقة، والذي استغلّه أعداء وخصوم المسلمين فزرعوا الفتن واللاّ أمن في المنطقة، فكان الواجب على علماء المنطقة التدخّل لإيجاد حلّ سريع للأزمة، وللّه الحمد والمنّة وفّقنا اللّه تعالى لأن نكون جزءا من الحلّ في المنطقة وسعينا بكلّ ما أوتينا من قوة وطاقة لنعيد السلم والمصالحة بين الإخوة الفرقاء. * عند الحديث عن رابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل يتبادر إلى الذهن حربها على الإرهاب والتكفير والغلو، حتى يتصوّر البعض أن دور الرابطة (أمني) قبل أن يكون دينيا، إضافة إلى ذلك ما هي مقاصدكم؟ *** سؤالكم جيّد، الرابطة شاء اللّه لها أن تأتي في ظرف لا أمن في المنطقة في مالي، في نيجيريا وفي ليبيا، لكن لا يخفى عليكم أن إحقاق الأمن الفكري أقوى وأعظم من كلّ شيء، {فالذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} الآية الكريمة. إن ديننا الحنيف يوجب على علماء الأمّة والقادة الدينيين الذين هم ورثة الأنبياء أن يبلغوا رسالة الإسلام الحقيقية التي جاء بها (محمد) صلّى اللّه عليه وسلّم. ولقد جاء في البيان التأسيسي للرابطة الأهداف النبيلة التي من أجلها تأسّس هذا التنظيم المبارك بحول اللّه تعالى، ومنها توجيه وإرشاد الأمّة لما فيه خير الدنيا والآخرة بالتي هي أحسن للتي هي أقوم، تسعى الرابطة إلى نشر ثقافة السلم والحوار والمحبّة بين أبناء الأمّة في منطقة الساحل الإفريقي، والتي دخلها الإسلام بالكلمة الطيّبة لا بحدّ السيف والتطرّف والإرهاب. * هل تعتقدون أن رسالتكم وصلت إلى التكفيريين والدمويين؟ *** لنا تجربة كبيرة وكبيرة جدّا في التعامل مع ملف التطرّف والإرهاب والغُلو والتكفير، نحن نعتقد جازمين أن تجربة الجزائر بمشروع تدابير الرحمة والوئام والمصالحة الوطنية، والذي أساسا قام به علماء الدين في إقناع المسلّحين بالتوبة والعودة إلى جادّة الصواب، فالحمد اللّه الآلاف من الإخوة المسلّحين الذين تلوّثت أفكارهم بلوثة الغلو والتكفير عادوا إلى جادّة الصواب وألقو السلاح، وكذلك في السجون عاد منهم الكثير والكثير جدّا بعد لقاءات وورشات للمراجعات الفكرية في الجزائر وموريتانيا، ونحن الآن نعمل بهذا المشروع في كلّ من نيجيريا وليبيا ومالي. * يزعم البعض أن هناك نوعا من التغييب لدور أئمة المغرب الأقصى في الرابطة، ما ردّكم على هذا الاتّهام؟ *** إن رابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل تحوي كلّ من الجزائر وليبيا وموريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد ونيجيريا، فهذه هي دول الساحل، والمغرب الشقيق ليست له حدود جغرافية مع دول الساحل. يمكن للعلماء في المغرب الشقيق أن يكونوا معنا كأعضاء شرفيين مثل الإخوة في تونس الذين طلبوا منّا الانضمام كملاحظين وقبلنا ذلك، ونحن نتعاون مهم وقدّمنا لهم يد المساعدة والتجربة في الميدان الديني للخروج من مفكّ التطرّف والغُلو والإرهاب الديني، فليس لنا أيّ مشكل مع المغرب الجار الشقيق، بالعكس نحن نتعاون معهم ونتشاور في العديد من المحافل الإقليمية والدولية. * مقرّ الرابطة في الجزائر وأمينها العام جزائري ألا يؤثّر ذلك على بعدها الإقليمي وصيتها العالمي؟ *** نعم صحيح أخي، إن مقرّ الرابطة هو العاصمة الجزائرية وأمينها العام جزائري الذي اختير بإجماع الأعضاء في الدول، فالجزائر نظرا لدعمها القوي لقضايا الدول الإقليمية العادلة في إفريقيا صارت تحظى بهذا القَبول والاحترام من دول الأعضاء، بالإضافة إلى أن الإمكانات المحدودة للدول الأعضاء جعلت الجزائر تتحمّل أعباء مقرّ الأمانة العامّة للرابطة. * إلى أيّ مدى تلقي الأزمات والتوترات التي تشهدها العديد من بلدان منطقة الساحل بظلالها على الجزائر؟ *** ينطلق الأمن الإقليمي للجزائر من (نواديها) إلى (مقديشيو)، وعليه فالأزمة التي عاشتها مالي دفعنا فيها الثمن الغالي فراح ضحيتها من خيرة أبناء الجزائر من القنّاصة والدبلوماسيين رحمهم اللّه تعالى، وما يقع في الجارة ليبيا من فوضى ومنطق (من يحكم من..؟) دفع الجزائر ثمنه بهجوم إرهابي جبان مَسّ سريان واقتصاد الجزائر بمحطة تيفنتورين، وعليه فإن تكثيف جهود الجميع للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة هو مسؤولية الجميع. * احتضنت الجزائر في الأسابيع الأخيرة جلسات للحوار والمصالحة بين فرقاء الأزمة المالية، ما تقييمكم لهذا المسعى؟ وهل كان لكم دور فيه؟ *** الحمد للّه ربّ العالمين، الجزائر بشهادة كلّ الفرقاء الماليين تسعى للصلح والجمع بين الإخوة، فالإخوة في مالي تجمعنا بهم رابطة الدين والدم والنّسب واللّسان، ومكتب الرابطة في باماكو قام بما يملي عليه واجب الدين والوطن للمساهمة في مساعي الصلح والحوار الجادّ. * ما رأي سيادتكم في تداعيات الهجوم على صحيفة (شارلي إيبدو) الفرنسية المعادية للإسلام؟ *** لقد تابع الجميع الأحداث المؤلمة التي وقعت على صحفيي المجلّة الساخرة في باريس، مجزرة قتل ورعب وما صاحبها من أحداث متسارعة من خطف الرهائن وغيرها، هذه الحادثة هي نتيجة حتمية لأسباب متعدّدة جعلت هؤلاء الشباب يقعون ضحية فكر متطرّف لا يمتّ إلى الإسلام بأيّ صلة، تدرّبوا في دهاليز ومخابر صنعتها دوائر عالمية لتشويه صورة الإسلام والمسلمين، إذ يطرح السؤال نفسه: هل دفعت فرنسا ثمن موقفها الإيجابي الأخير من القضية الفلسطينية؟ وما سرّ التزاوج بين حدث الهجوم على شارلي والهجوم على مطعم يهودي واحتجاز الرهائن؟ لكن نقول إن هناك المئات، بل والآلاف من الفرنسيين والغربيين الذين يحملون الفكر المتطرّف التكفيري، فهم خلايا نائمة وقنابل موقوتة، فعلى الجميع المسارعة إلى تفكيك هذه الألغام. أسباب التطرّف ودواعيه موجودة بكثرة في ضواحي المدن الفرنسية المهمّشة، وعلى دعاة الإسلام في المساجد والمراكز شدّ الأحزمة لأن ما هو آت عسير وصعب جدّا، وعلى السياسة الخارجية الفرنسية أن تراجع نفسها في التدخّلات الخارجية. * في تقديركم إلى أين تتّجه الأمور في ليبيا؟ وهل هناك أمل في إنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ *** ليبيا للأسف الشديد بعد سقوط نظام القذافي، مقوّمات الدولة وكيان السلطة انهار مثل حلقات العقد المقطع، فليبيا حاليا ونتيجة لما يجري فيها هي النقطة السوداء في منطقة الساحل، لكن الجهود قائمة مع أحفاد عمر المختار للخروج بليبيا الشقيقة إلى برّ الأمان، لكن هذا يتطلّب وقتا وصبرا وحكمة واللّه المستعان. * في ظلّ تعقّد المشهد السوري واستمرار إراقة دماء السوريين ما هو الحلّ في تقديركم؟ *** سألتني عن موضوع سوريا، والذي هو بعيد عن منطقة الساحل الإفريقي في نظر البعض، لكن في الحقيقة كما يقال العالم صار اليوم قرية واحدة. إن سراب الربيع العربي الذي تلاشى وصارت خيوطه أوهن من خيوط بيت العنكبوت، الهرج والمرج والقتل والتفجير وهتك الأعراض والدمار الذي لحق بعاصمة الأمويين التاريخية أمر دبّر على موائد دوائر لا تريد الخير للإسلام والمسلمين، تلكم الجماعات المقاتلة التي تحمل الرايات السوداء المظلمة على اختلاف أسمائها وألقابها لم ولن ترمي رصاصة واحدة على العدو الحقيقي الصهيوني الذي هتك مقدّسات المسلمين. لقد حاورت العديد من الشباب ممّن تلوثّت أفكارهم بالفكر التكفيري وقلت لهم بأيّ عقل ودين تقتلون أهل الإسلام في العراقوسوريا وتتركون عبدة الصهيون الغاصب للأقصى؟ لابد من إرادة حقيقية ومخلصة من الجميع للاستيقاظ من وهم الربيع العبري. * ما تقييمك لتجربة حكم الإخوان في تونس ومصر؟ *** حركة الإخوان في مصر تملك من القدرات والحنكة السياسية ما يجعلها تفوّت الفرصة على أعداء مصر أن تدخلها في دوّامة لا مخرج منها كما فعلت النهضة في تونس، فليس المهمّ أن تحكم النّاس ولكن المهمّ أن تشارك وأن تكون لبنة خير وبناء لا معول هدم وخراب. * ترى بعض المرجعيات الفكرية والدينية في المشرق وخصوصا في الخليج العربي أن الشيعة أخطر من بني صهيون، هل أنتم مع هذا الطرح؟ وكيف يمكن إحداث التقارب المأمول بين السُنّة والشيعة؟ ولماذا تتردّد بعض المرجعيات الشيعية في إنكار التطاول على الصحابة وأُمّهات المؤمنين برأيك؟ *** هناك فرق بين الشيعة والتشيّع، إن خلق وزرع بؤر تشيّع في العالم العربي هو الذي يستفيد منه أعداء الأمّة لمّا كتب علينا أن نعيش دوّامة من التوتّر والصراع، أسأل جميع العقلاء من المستفيد من الصراع الطائفي في العراق أو في سوريا أو في اليمن أو في البحرين أو في لبنان؟ إن فكر الغثائية هو الذي خدم الأعداء وأرجع الأمّة إلى عصر التخلّف. * تعيش الأمّة الإسلامية واحدا من عصورها العصيبة جدّا وتواجه سيلا من الفتن التي جعلتها تتفرّق طوائف وشيعا، يقاتل بعضها بعضا، ما مدى مسؤولية العلماء والدعاة في تشتيت الصفّ الإسلامي؟ وما هي أفق هذا الوضع الصعب في تقديركم؟ *** الأمّة الإسلامية اليوم يصدق فيها حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها)، قالوا: (أو من قلّة نحن يومئذ يا رسول اللّه؟)، فقال: (بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعنّ اللّه المهابة من صدور عدوكم وليقذفنّ في قلوبكم الوهن)، قالوا وما الوهن يا رسول اللّه؟ قال: (حبّ الدنيا وكراهية الموت). للأسف الشديد علماء الأمّة وعقلاؤها ماجت بهم الفتن إلاّ من رحم ربّي. * ألا ترى أن ما يسمّى بالربيع العربي قد شغلنا عن بعض القضايا الأساسية وفي مقدّمتها فلسطين، وكذا مأساة مسلمي بورما؟ *** ذكرت لك سابقا وهم الربيع العربي، ماذا استفادت الشعوب العربية والمسلمة؟ ما الفائدة من هذه الثورات؟ هل تغيّر حال الأمّة أم هي فتن وخرج ومرج ودمار وخراب؟ لقد خدم دعاة الربيع العربي بني صهيون خدمات جليلة ما كانوا يحلمون بها أبدا، فَلَو كانت الأمّة الإسلامية على قلب رجل واحد لما تجرّأ أحد على أعراض المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. * تواجه العديد من البلدان العربية هجمة تنصيرية شرسة وتستغلّ بعض الجهات الكنسية، المرخّصة وغير المرخّصة، جهل وفقر بعض المسلمين لحملهم على الردّة، ما المطلوب من الحكومات لحماية أبنائها من الضلال المبين؟ *** نعم، صحيح.. الكثير من الدوائر المشبوهة في الخارج والداخل تستغلّ الأوضاع الاجتماعية من فقر وبطالة وجهل للقيام بحملات للتنصير والتشويش على النّاس في عقائدهم ودينهم، فكان الواجب هو تعليم النّاس الخير وتكثيف العمل الجواري التطوّعي الخيري. لقد سافرت إلى أمريكا في الكثير من الولايات الداخلية، النّاس عندهم كلّهم متطوّعون للعمل الخيري الإنساني، أين نحن من هؤلاء؟ ربما يرتدّ شابّ عن دينه لأجل تأشيرة إلى الغرب، فأين العقيدة وأين الصبر وأين المؤسسات الرسمية والأهلية؟ * يثار بين الحين والآخر نقاش حادّ حول التيّار السلفي في الجزائر، هل هناك (سلفية جزائرية)؟ وما قولكم في الاتّهامات الموجّهة للتيّار بالتشدّد حينا والتطرّف حينا آخر؟ *** مصطلح (السلفية) مصطلح يتاجر به العديد، في حين أن السلفية هي مرحلة زمنية مباركة وهي إرث مشترك بين الجميع، فكلّنا يحبّ اللّه والرسول ويحبّ الصحابة والتابعين والأخيار من الصالحين فهذه هي السلفية. لقد نشرت مقالة في مجلّة إذاعة القرآن الكريم الدولية بعنوان (عن أيّ سلفية تتحدّثون؟)، فالسلفية ليست طائفة ولا حزبا ولا نحلة، بل هي منهج ربّاني مبارك، لا ينبغي تقمّص السلفية لأجل تفريق الأمّة وبثّ الفتن فيها، إن اللّه تعالى رضي لنا تسمية المسلمين فرضينا باللّه ربّا وبالإسلام دينا وب (محمد) صلّى اللّه عليه وسلّم نبيا ورسولا، فمن يطلقون على أنفسهم هذه المصطلحات الحزبية الإيديولوجية الدينية إنما هم يفرّقون ولا يجمعون، فالتشدّد والتطرّف والغُلو واقع في كلّ الجماعات الدينية التي تدّعي ملك الحقيقة المطلقة، وأنها هي التي تملك الفهم الصحيح للإسلام، لكن الإسلام أكبر من يحصر في فهم شخص واحد أو فهم جماعة أو طائفة. * مازال جرح منطقة ميزاب ينزف ومازالت الفتنة الطائفية تنغّص حياة أبناء غرداية، ما هو السبب الحقيقي للفتنة؟ وما هو علاجها المناسب في رأيكم؟ *** الجزائر غالية وعزيزة وقوّتها وتطوّرها يعود بالإيجاب على دول المنطقة برمّتها، فمحاولة إثارة النعرات الطائفية هو لبثّ الفرقة والفتن والمحن والإحن وضرب الاستقرار والأمن، وكلّ هذا من مخلّفات الاستعمار للأسف. فالنّاس في وادي ميزاب وغيرها من إباضية ومالكية يعيشون في تسامح وتزاور وتعاون وتزاوج، فعلى الجميع أن يغلّبوا لغة الحوار والتسامح والتعايش، النّاس اليوم يفكّرون في أنسنة التعامل، لكن للأسف الشديد محدودي الفهم والفكر لا زالوا يعيشون على صراعات وأزمات تجاوزها الزمن. * أثيرت مؤخّرا ضجّة كبيرة بشأن إساءة الكاتب الصحفي كمال داود للقرآن الكريم وتطاوله على الذات الإلهية، ثمّ دعوة الشيخ عبد الفتّاح حمداش السلطات إلى تنفيذ حكم الردّة في حقّه وإعدامه، ما هو موقفكم من الموضوع؟ *** ما أثير مؤخّرا في الإعلام إنما يعطيك الصورة الحقيقية لحال المسلمين اليوم، فصار النّاس بين روايات جاهل أحمق وخرافات متعالم مغرور، فالقضية خاض فيها الجهلة وأنصاف المتعلّمين وكان الواجب على الجميع السكوت وعدم إثارة مثل هذه الخزعبلات والترهّات الفكرية العفنة من طرف إعلام مرئي أصفر مراهق يعيش نزوة آنية واللّه المستعان. * ما هي أسباب الانحدار الأخلاقي الرهيب في المجتمع حسب رأيكم؟ وما هو السبيل لوقف هذا الانحدار؟ *** يا أخي الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، ولا يخلو مكان ولا زمان من المعاصي والآفات الاجتماعية، حتى في زمن الرسول الأكرم ارتكبت المعاصي والكبائر، فالنّاس والشباب والمجتمع يحتاج إلى التوجيه الحسن والتربية الفاضلة في البيت والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام وغيرها. * ما هي رسالتكم للجزائريين وللمسلمين عموما؟ *** نصيحة للشعب الجزائري وللمسلمين عموما أن يتمسّكوا بمنهج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في العقيدة والتربية والأخلاق، فربّ العزّة قال: {واعتصموا بحبل اللّه جميعا ولا تفرّقوا}، فاللّه أسأل أن يصلح أحوال المسلمين في كلّ مكان وأن يفتح علينا بفواتح الخيرات وأن يختم لنا بالصالحات. آمين يا ربّ العالمين.