يعتبر (القديد) أو (الخليع) أو (طعام الملوك) أو اللحم المجفف من أفضل الأكلات لدى الجزائريين فقد كان في السنوات الماضية ضرورة لا بدا منها في كل بيت جزائري، فهو من عادات المطبخ الجزائري فهو كل مناطق الوطن تعد هذا النوع من اللحوم المجففة منزليا، ويقترن (القديد) ويحضر القديد (كما يسمى عند الكثيرين في عيد الأضحى ليتم الاحتفاظ به فيما بعد لإعداد أطباق الشتاء الدافئة). عتيقة مغوفل وللتعرف على طريقة تحضيره قصدنا بيت الحاجة زهور بالقصبة أقدم حي بالعاصمة والشاهد على الكثير من الحقب التاريخية التي عرفتها بلادنا عبر الزمن، وقد أكدت لنا الحاجة زهور بدورها أن طريقة إعداد القديد سهلة ولا تتطلب الكثير، فقد قالت لابد من اختيار شريحة لحم أو إحضار ضلوع الغنمي أو البقري أو حتى لحم الجمال، بالنسبة لمن يسكنون الصحراء، أما عن التوابل فيلزم زعفران، ملح والكمون، القسبر والقليل من الخل، لأنه يقتل الجراثيم ويبعد عنه الذباب وقت نشره في الشمس، بعد أن يرش القديد بهذه التوابل يعلق لمدة ثلاثةأيام في الهواء إذا كانت الشمس حارة بعد تقطعه إلى شرائح رفيعة السمك وتتبل بالملح بكثرة، كما أردفت الحاجة قائلة إنها هذه الأكلة ضرورية عند الجزائريين في فصل الشتاء لأنهم يحبوها كثيرا وهي من بين الوصفات التي تصنعها المرأة الجزائرية خصوصا في الكسكس، الطواجين، البركوكس، وأكلات أخرى مختلفة حسب كل منطقة والجدير بالذكر أن القديد يستعمل خصوصا في فصل الشتاء لإعداد أطعمة تدفئ البطون والأبدان. للخليع طريقة خاصة في الطبخ
وعن طريقة طبخه بعد التجفيف تضيف الحاجة زهور أنه إذا اشتهت ربات البيوت أكل (الخليع) فلا بد من إحضار إناء كبير ونضع بداخله قطع الخليع حتى يغسل جيدا ونتخلص من الملح الزائد، ثم يتم طبخه دون وضع الملح إلا بعد تذوق الملح الموجود في المرق، وتضيف إذا كان يحتاج إلى زيادة فقط على اعتبار أن القديد مالح. والجدير بالذكر أنه ينشر في مكان كثير التهوية على اعتبار أنها أمكنة أو في إحدى زوايا البيت البعيدة أو حتى في السطح لإبعاد الروائح عن المنزل كما شرحت الحاجة زهور، ويفضل أيضا تغطيته بشاش عن الذباب والحشرات بعد أن يجف.
ضيق الوقت يمنعنا من تحضيره
وإن كانت لا تزال بعض ربات البيوت بالمناطق الصحراوية والداخلية للوطن إلى اليوم تحافظن على هذه العادة، إلا أن الكثير من العصاميات اليوم امتنعن عن تحضريه لوجود الثلاجات وحسب السيدة (نورة) التي التقيناها بإحدى أزقة القصبة، والتي أخبرتنا أنها تشتهي كثيرا الأكلات التي تطبخ باللحم القديد لكن ضيق الوقت وضيق المكان في البيت، إضافة إلى كونها تعمل يمنعها من تحضيره، تضيف أن والدتها في منطقة القبائل لحد اليوم تحرص كثيرا على تحضيره وتقدمه للضيوف في الأعياد والمناسبات الدينية خاصة عاشوراء. وتؤكد جميلة من العاصمة أنها تفضل أكل الخليع وتحضره مع والدتها بعد عيد الأضحى مباشرة وتتركه يجف عندها في (لبلاد) بالضبط بفريحة بتيزي وزو، هذه المنطقة تقول السيدة لا يخلو زادها منه خاصة في وقت البرد لتحضير أشهى الأطباق التقليدية التي تحضر بالخليع أو القديد هناك، خاصة طبق البركوكس والكسكسي والرقاق تحضر هذه الأطباق التقليدية التي غالبا ما تكون حارة في أوقات البرد الشديد خاصة وأن المنطقة معروفة بشدة برودتها. إن اللحم من أفضل وأحب أطباق لدى الجزائريين خاصة أيام فصل الشتاء أين يكثر أكله، يبقى (الخليع) أو (القديد) يملك مكانة كبيرة لدى الكثير من العائلات المحافظة حيث لا تزال ربّات البيوت متمسكة بتحضيره، ويفضلون أكله عوض اللحم المجمد في الثلاجات.