تعيد عمليّة الطعن التي نفّذها الشابّ الفلسطيني حمزة محمد متروك في قلب مدينة تل أبيب الأسبوع الماضي وأسفرت عن إصابة 18 مستوطنا إلى الواجهة تحدّي العمليات الفردية التي ينفّذها الفلسطينيون ضد أهداف إسرائيلية، سواء في الضفّة الغربية أو داخل الخطّ الأخضر. لا خلاف داخل المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية على أن فرص إحباط العمليات الفردية تقترب من الصفر بخلاف العمليات التي تنفّذها تنظيمات وتشكيلات ذات إطار جماعي. يقرّ جهاز المخابرات الداخلية (الشاباك) الذي يتولّى بشكل أساسي مواجهة المقاومة الفلسطينية بأنه يكاد من المستحيل الحصول على معلومات استخبارية مسبقة يمكن على أساسها إحباط العمليات الفردية قبل حدوثها كما يحدث في العمليات التي تنفّذها التنظيمات. ويعتبر الرئيس الأسبق ل (الشاباك) آفي ديختر أن (عناصر التنظيمات الفلسطينية يحافظون على شبكات اتّصال في ما بينهم، وبالتالي بالإمكان رصدهم، علاوة على أن طابع العمل الجماعي يزيد من وتيرة الحركة، ما يسهّل تعقّبها وتكثيف المراقبة وصولا إلى التعرّف على نوايا المخطّطين لتنفيذ عمليات). ويشرح ديختر في مقابلة مع الإذاعة العبريّة قبل أيام كيفية تنفيذ العمليات الفردية بالقول: (أحدهم يمكن أن يستيقظ فجأة ويقرّر تنفيذ عمل، من دون أن يطلع حتى أقرب النّاس إليه). * محلّل إسرائيلي: آلاف الشباب الفلسطينيين ينتظرون في الطابور لتنفيذ عمليات على شاكلة العملية التي نفّذها متروك في موازاة ذلك، يحذّر المعلّق العسكري لموقع (وللا)، أمير بوحبوط، من أن آلافا من الشباب الفلسطينيين ينتظرون في الطابور لتنفيذ عمليات على شاكلة العملية التي نفّذها متروك، ويشير في مقاله إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية التي تقرّ بعجزها عن مواجهة هذا التحدّي ترى أن الحلّ الوحيد الذي يقلّص من قدرة الفلسطينيين على تنفيذ عمليات ذات طابع فردي يتمثّل في استكمال بناء جدار الفصل العنصري الذي يفصل الضفّة الغربية عن إسرائيل. وعلى الرغم من إشارة حمزة متروك في اعترافاته إلى أنه أقدم على هذه العملية انتقاما للفلسطينيين الذين قتلوا على أيدي جيش الاحتلال أثناء الحرب الأخيرة على القطاع واحتجاجا على الاقتحامات التي يتعرّض لها المسجد الأقصى، لكن بوحبوط يتبنّى الخطاب الدعائي لنخب اليمين الحاكمة ويدّعي أن هذه العملية جاءت نتاج تحريض المؤسسات الدينية ووسائل الإعلام الفلسطينية على العنف ضد اليهود. ويزعم بوحبوط أن تفجّر ثورة المعلومات وتعاظم تأثير مواقع التواصل الاجتماعي ساعد فقط في توفير بيئة مناسبة لعمليات مماثلة. ويشير معلّق الشؤون العسكرية في قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية روني دانئيل إلى أن ردود الفعل الإسرائيلية على هذه العمليات يمكن أن تمثّل مسوغا لتنفيذ عمليات أخرى. ويصف معلّق الشؤون الاستخبارية في صحيفة (معاريف) يوسي ميلمان العمليات الفردية بأنها تمثّل تحدّيا للسلطة الفلسطينية على اعتبار أن السلطة معنية بحصر المواجهة مع إسرائيل في المحافل الدولية وليس عبر تنفيذ عمليات (عنفيّة). ويوضّح ميلمان في مقال نشره أخيرا أن تدهور الأوضاع الاقتصادية وانسداد الأفق السياسي يُفاقم من حالة الإحباط التي تزيد الدفاعية نحو تنفيذ مثل هذه العمليات. وينقل ميلمان عن مصادر استخبارية إسرائيلية قولها إن الواقع السائد في الضفّة الغربية يدفع حتما نحو تنفيذ عمليات فردية بشكل قد يقلّص إلى حدّ كبير هامش المناورة المتاح أمام السلطة الفلسطينيّة وإسرائيل. من ناحية ثانية، تبيّن نتائج دراسة أمريكية نُشرت في العدد الأخير من المجلّة الأمريكية للعلوم السياسية أن (أحزاب اليمين تجني مكاسب انتخابية في أعقاب عمليات المقاومة الفلسطينية). وتظهر الدراسة التي أعدّها كلّ من آنا جوتمنسكي من (مركز هرتسليا) وتوماس زيتوف من الجامعة الأمريكية في واشنطن أن هناك زيادة في تأييد اليمين في المناطق التي تقع في مدى الصواريخ التي تطلقها المقاومة من قطاع غزّة. ويستند الصحافي عكيفا إلدار إلى نتائج هذه الدراسة ليؤكّد أن إدراك قوى اليمين لكونها الرابح الوحيد من تدهور الأوضاع الأمنية يدفعها إلى استفزاز الفلسطينيين وانتهاك حقوقهم.