اعتبر دكتور الاقتصاد، محجوب بدة، أن المخاوف التي تنتاب البلدان المصدرة للغاز على رأسها روسيا من التطور السريع للغاز الصخري، يدفع موسكو إلى إحداث تقارب استراتيجي مع الجزائر، وهي رؤية يتبناها الرئيس بوتين الذي جعل من “غازبروم” و«لوكهويل” القوة الضاربة في الاقتصاد الروسي. وأوضح خبير الاقتصاد أن هناك مؤشرات تشير إلى إمكانية تحول الولاياتالمتحدة إلى دولة مصدرة للغاز الصخري، ويرتقب أن تصل حصة الغاز الصخري في آفاق 2015 في الولاياتالمتحدة، إلى حوالي 45 بالمائة، وبالتالي سيصبح منافسا على المدى المتوسط، مما يثير قلق الروس، لأن زيادة عرض الغاز الطبيعي يتسبب في ضغوط تخفض من أسعار النفط وإن لم تغير من حصته الكثير، كما أنها تؤثر سلبا على أسعار الغاز الطبيعي. ومن بين المؤشرات على ذلك، الدعوى القضائية التي كسبتها مجموعة “إيديسون” فرع غاز فرنسا في ايطاليا ضد غازبروم وسوناطراك وقطر وليبيا، ودفعت هذه البلدان كلها إلى مراجعة أسعار الغاز المعتمدة في العقود طويلة الأجل. وتوقّع بدة أن تكون العشرية المقبلة صعبة بالنسبة للدول المصدرة، فإذا ما أصبحت الولاياتالمتحدة قادرة على استغلال احتياطها من النفط الصخري بعد الغاز الصخري، فإنها ستتمكن من أن تصبح الرائدة في تصدير النفط في عام 2017 ومن بين أهم مصدري الغاز، بعد أن كانت من أهم الدول المستوردة، لتصبح مستقلة على مستوى الطاقة في عام 2030، ويمكن أن ينطبق الأمر كذلك على الصين التي تمتلك أحد أكبر الاحتياطات من الغاز الصخري. في نفس السياق، أكد الخبير الدولي جورج ميشال أن تقلبات أسواق الطاقة عموما والغاز بالخصوص، يدفع البلدان المصدرة إلى التنسيق أكثر بالنظر إلى تبعات التطورات المنتظرة في سوق يعرف نموا إيجابيا، كما ترتفع مستويات الاستهلاك خاصة في أوروبا، فمن غير مصلحة البلدان المصدرة أن تدخل في صراعات وحرب مواقع. كما أن الجزائر تبقى، حسب ما يشير إليه الخبير الدولي فرانسيس بيران، من بين أمن البلدان تصديرا للغاز إلى أوروبا ولم تعان من أي اضطراب في تزويد السوق الأوروبي الباحث عن الاستقرار والتنويع في هذا المجال، مما يجعلها لاعبا أساسيا، وإن سجلت تراجعا في مستوى احتياطاتها الغازية وصادراتها إلى حدود 55 مليار متر مكعب عوضا عن 62 مليار سابقا. كما يرى الخبير الاقتصادي أرسلان شيخاوي، إن دول الاتحاد الأوروبي مرت بتجارب مريرة في عز الشتاء بعدما قطعت روسيا إمدادات الغاز عنها بسبب خلافات مع حكومات المعبر روسيا البيضاء وأوكرانيا، فالغاز الروسي يهيمن على حصة تقارب 60 في المائة من السوق الأوروبي، فيما تقدر حصة الجزائر بأقل من 15 في المائة. هذه المعطيات، يضاف إليها الحرب غير المعلنة في سوق الغاز الطبيعي المميع مع قدرات إنتاج قطرية تفوق 75 مليار طن، ولجوء العديد من البلدان إلى السوق الحرة “سبوت”، مما يؤثر على الأسعار المعتمدة التي تتراوح ما بين 3 و4 دولار لكل مليون وحدة حرارية، مقابل 7 إلى 11 دولار لكل مليون وحدة حرارية بالنسبة للعقود طويلة الأجل. كل ذلك يدفع موسكووالجزائر إلى التنسيق والتقارب بدل التنافس، خاصة وأن روسيا تستثمر كثيرا في سياسات “الأنانبيب” مع “ساوث ستريم” و”نورثستريم” لضمان أكثر من 100 مليار متر مكعب لأوروبا دون المرور على المعابر التقليدية، في وقت ترغب أوروبا من التخلص من التبعية الكبيرة لروسيا لتفادي تكرار الابتزاز الروسي، كما حدث في 2006 و2008 و2009.