بينما أثار لون فستان غريب ضجّة وجدلا كبيرين عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدّمتها (الفايس بوك)، تراجع الاهتمام الشعبي العربي على ما يبدو عموما، وفي الجزائر بشكل خاص، بالقضية الفلسطينية التي لم تعد تثير اهتمام الكثيرين إلاّ خلال تعرّض غزّة لعدوان صهيوني، فهل أصبح لون فستان أهمّ عندنا من فلسطين وغيرها من القضايا المصيرية لأمّتنا؟ فيما تتواصل الجرائم والانتهاكات الصهيونية بفلسطين المحتلّة انشغل العالم واهتمّ نشطاء فايسبوكيون جزائريون في الأيّام الأخيرة ب (لعبة) البحث عن اللّون الأصلي والحقيقي للفستان الشهير الذي بدأت قصّته يوم 4 فيفري الماضي، ولم تُحدث ضجّة كبرى إلاّ مع نهاية الشهر المذكور، وهي ضجّة طرقت أبواب الجزائريين الذين تفاعلت صفحاتهم الفايسبوكية مع القضية (المثيرة) بشكل جدّي حينا وساخر أحيانا أخرى. ويبدو أن الفستان قد أنسى كثيرين أن فلسطين تتعرّض في الآونة الأخيرة لانتهاكات خطيرة وصلت حدّ التعدّي على حرمة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين الأقصى المبارك، كما أنساهم متابعة ما يجري في سوريا وغيرها من بلاد المسلمين، بل وما يحدث من احتجاجات ضد استغلال الغاز الصخري في الجنوب الجزائري. ماذا لو انقطعت الأنترنت؟ بعض المتألّمين لما يحدث لأشقّائهم الفلسطينيين كتبوا مشاركات وتعليقات عبر صفحات فايسبوكية عبّروا من خلالها عن استيائهم للاهتمام الكبير بأمور هامشية وتافهة على حساب أمّهات القضايا، وعلّق أحدهم قائلا: (لو ينقطع تدفّق شبكة الأنترنت ويعرف أصحاب الفايس بوك أن إسرائيل لها يد في ذلك لتحرّرت فلسطين في ثلاثة أيّام). وتأسّف بعض المثقّفين لانشغال العرب بتوافه الأمور على الأنترنت، وقال بعضهم إن (شبكات التواصل الاجتماعي لم تطغ على عقول الشباب والشابّات فقط وإنما وصلت إلى عقول الكهول والشيوخ، وماكان طغيانها إلاّ بتفاهات تاخذ الوقت ولا تعطي علما نافعا إيجابيا بقدر سلبياته). ما سرّ الفستان؟ بالعودة إلى قضية (الفستان اللغز)، أجرت (أخبار اليوم) بحثا عن سبب اكتساب هذا الفستان اهتماما بالغا فتبيّن أن قصّة لون الفستان الذي حيّر العالم تعود إلى إحدى الفتيات التي نشرت صورة الفستان على (الفايس بوك) مطلع الشهر الماضي، وقد بدأ الجدل حول لونه بين أصدقائها لتتّسع دائرة النقاش عبر العالم. وأشارت بحوث علمية إلى أن لون الفستان يتدرّج باللّون الأسود والأزرق-اللّون الأصلي-، والذي يراه العالم بأسره بثلاثة ألوان، هو التدخّل الكبير للألون الخلفية والإضاءة عن طريق أشعّة الشمس، والذي سبّب تفاوت الآراء بين النّاس حوله. كما يؤكّد خبراء في التصوير أن صورة الفستان اِلتقطت باستخدام هاتف محمول ذي كاميرا بجودة منخفضة، وبهذا تظهر الصورة بشكل متباين حسب درجة الإضاءة، ويختلف النّاس بين اللّون الأبيض والأزرق والذهبي الغامق مع الأسود أو الرمادي. ومهما كان لون الفستان المذكور يبقى من المؤكّد أنه ليس أهمّ من فلسطينوسوريا، وليس أهمّ من دماء المسلمين التي تراق في مناطق مختلفة في العالم.