تجلّت التدخّلات الإيرانية في المنطقة بوضوح للعيان بعدما عملت طهران على إخفائها مدّة ليست باليسيرة تقدّر بأعوام، وبينما تسعى إيران للسيطرة على منطقة الخليج باعتبارها المنطقة الرخوة من الدول المحيطة بها جغرافيا انهارت الأنظمة في عدّة دول كبرى محيطة بها أو أوشكت على الانهيار، ممّا سهّل عليها مهمّتها في مدّ نفوذها استعدادا لتنفيذ مشروعها التوسّعي، وكان ذلك التوسّع على حساب ثلاثة دول كبرى عريقة غير لبنان التي استحوذ عليها حزب اللّه وهي: اليمن، العراقوسوريا. أمّا عن اليمن فقد أكّدت تقارير أوروبية أن الحرس الثوري الإيراني يقوم منذ فترة بتدريب مقاتلين من الحوثيين الذين نفّذوا انقلابا في اليمن، وتتمركز معسكرات تدريب المقاتلين الحوثيين الشيعة في قرى تقع في جنوبسوريا. ونقلت وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء عن مصادر دبلوماسية لم تسمِها، لكنها وصفتها ب (الرفيعة) تأكيدها وجود معسكرات تدريب إيرانية في جنوبسوريا تضمّ مقاتلين حوثيين يتدرّبون على القتال في جبهات النّزاع في سوريا قبل ترحيلهم إلى اليمن. وأكّدت هذه المصادر للوكالة على أن (الحرس الثوري الإيراني يُحضّر دفعات من المقاتلين الحوثيين من اليمن، تصل كلّ دفعة إلى نحو مائة مقاتل، يتدرّبون في معسكرات في جنوبسوريا، وتحديدا في بصرى وإزرع، ويشاركون في المعارك الدائرة هناك ليكتسبوا خبرة ومهارات قتالية، ثمّ يعودون إلى اليمن لتأتي دفعة أخرى بديلة)، وفق توصيفها. وكشفت المصادر عن معرفة الدول الأوروبية والولايات المتّحدة الأمريكية باتت على علم بتلك المعسكرات التي أخرجت حتى الآن ما يقارب ثلاثة آلاف مقاتل، بينما يتبقى دائما في سوريا حوالي أربع دفعات تحت التدريب، كما بيّنت المصادر أنهم يتجمّعون في الأراضي ببيروت أو إيران ثم ينقلون إلى سوريا للتدريب. وعن العراق ذكر حسين سلامي، مساعد القائد العام لقوّات الحرس الثوري الإيراني، في كلمة له خلال ما أسموه ب (مناورة الجيش الكبري) بتاريخ 30 ديسمبر 2014: (اليوم نرى أن قابلية الثورة الإسلامية قد مدّت إلى العراق، بينما نرى في العراق جيشا شعبيا أكبر من حزب اللّه اللّبناني بعشرات الأضعاف من الناحية العددية)، وتابع عن الشأن السوري مبيّنا أن إيران هي المحرّك الأوّل للأزمة، قائلا: (كما نمتلك جيشا شعبيا في سوريا بمثابة الحلقة المحورية للمقاومة على الأرض وهو يرتبط بالثورة الإسلامة أسوة بالفكر الباسيجي، وعلى الصعيد السوري اليوم يمكنكم أن تشاهدوا من الذي يقود التطوّرات السياسية الميدانية في هذا البلد)، وبيّن مدى علاقتهم بما يجري في اليمن، قائلا: (أمّا بالنّسبة لليمن التي تعتبر حجر الزّاوية في سياسات تتّخذها أمريكا فلدينا أنصار اللّه قائم على فكر الثورة الإسلامية ويعمل على مصلحتنا الاستراتيجية). وبعد اتّضاح الصورة عن سيطرة إيران على تلك العواصم الثلاثة كما ذكر نتنياهو في خطابه أمام الكونغرس الأمريكي، مضيفا إليها لبنان: هل تسمح أمريكالإيران بمزيد من التمدّد وامتلاك النووي مقابل القضاء على كلّ الحركات السنّية المقاومة في المنطقة؟