سجلت سيطرة الحوثيين على صنعاء أهدافًا جديدة في مرمى شباك "إيران". فانطلاقًا من هدفها "تصدير الثورة للعالم الإسلامي" و"دعم الحركات التي تسير في إطار الثورة الإيرانية"، تصبح "صنعاء" العاصمة العربية الرابعة التي تسيطر عليها إيران بعد بيروتودمشقوبغداد، وعلى مبدأ "شهد شاهدٌ من أهلها" أعلن المندوب في البرلمان الإيراني والمقرب من المرشد الإيراني علي رضا زاكاني أن: "صنعاء تضاف اليوم إلى ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية". يعود تاريخ علاقة الحوثيين (حركة شيعية متمردة) الذين احتفلوا مساء الاثنين الماضي بسيطرتهم على عاصمة اليمن "صنعاء" بإطلاق الألعاب النارية، يعود إلى عام 1994، فبعد انتهاء الحرب بين أنصار الرئيس اليمني السابق علي صالح ونائبه البيض الذي دعا لانفصال الجنوب اليمني، سافر مؤسس حركة الحوثيين بدر الدين الحوثي وابنه حسين إلى إيران، وعاد الابن بعد سنوات إلى اليمن مشحونا بالأفكار الصفوية، ومكث والده هناك إلى عام 2002م. واستطاع حسين تنظيم رحلات طلابية جماعية بالعشرات لأنصاره إلى إيران حيث يقيم والده بحجة الدراسة، وهو ما كانت تتمناه إيران لتصدير ثورتها الإسلامية وتحقيق طموحاتها التوسعية منذ 1979م، وصار الحوثيون يقتفون خطوات حزب الله وزعيمه حسن نصر الله في التبعية لإيران مقابل دعمها التعبوي. ويضاف إلى "صنعاء" ثلاث عواصم عربية تسيطر عليها إيران وهي لبنان – بيروت في عام 2008، أحكمت المعارضة اللبنانية بقيادة حزب الله قبضتها على بيروت الغربية بعد معارك طاحنة في العاصمة التي كانت تسيطر عليها القوى الموالية للحكومة التي يساندها الغرب. فالنظام السوري صحاب النفوذ القوي آنذاك في لبنان لم يمانع من وصول الحرس الثوري إلى البقاع اللبناني بعد الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية عام 1982، ومنذ ذلك الحين بدأت قواعد الحرس الثوري تنتشر في البقاع اللبناني التي أصبحت نواة لقواعد حزب الله فيما بعد. بعد بضع سنوات، بدأت الصدامات بين حركة أمل (المدعومة من النظام السوري) وحزب الله (المدعوم من إيران) وامتدت لحوالي 5 سنوات من عام 1985 حتى عام 1989 في صراعٍ على النفوذ داخل لبنان بين حافظ الأسد وقادة طهران .وانتهت الجولة بمكسب إيران وحزب الله الذي فرض وجوده العسكري في الجنوب، وتجاوز الأسد هذه المرحلة. في هذه الأوقات، كتبت صحيفة "الجارديان" البريطانية: "إن المعركة التي وقعت بين عناصر المعارضة والقوى الموالية للحكومة اللبنانية انتهت إلى صالح إيران الداعمة لحزب الله". ونقلت الصحيفة عن وليد جنبلاط الزعيم الدرزي قوله: "انتصر حزب الله وإيران في معركة بيروت، لقد اختار حزب الله اللحظة التي شعر فيها بضعف أمريكا في الشرق الأوسط وتغير ميزان القوى تمامًا في لبنان، ونحن ننتظر الآن القواعد التي سيضعها حزب الله وإيرانوسوريا". في إشارة إلى النفوذ الإيراني وهيمنته على حزب الله في لبنان. العراق – بغداد مع اقتراب موعد انسحاب القوات الأمريكية الكامل من العراق، بدأت المخاوف من تحرك إيران لملء الفراغ وتوسيع نفوذها السياسي بهذا البلد تتحقق. فقد وظفت إيران كل طاقاتها من عملاء وأحزاب موالية لها بغية التدخل في الشأن العراقي ومحاولة فرض الإرادة الإيرانية على القرار العراقي. فمؤخرًا اعترف مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني والمقرب من المرشد الإيراني علي رضا زاكاني بتدخل فيلق "قدس" الإيراني في العراق وقال أن هذا التدخل طبق على سوريا أيضًا، كما صرح قائد فيلق القدسالإيراني قاسم سليماني بنفسه أمام ندوة تحت عنوان "الشباب والوعي الإسلامي" بأن: "بلاده متواجدة في الجنوب اللبنانيوالعراق، وهذان البلدان يخضعان بشكل أو بآخر لإرادة طهران وأفكارها". استفز هذا التصريح بعض النواب العراقيين فنفوا صحته إلا أن النائب في البرلمان العراقي أحمد المساري علق على تصريحات سليماني بالقول: هذا الكلام صحيح وليس تجنيًا. اليوم إيران لها يد طولى في العراق تلعب بها كما تشاء"، وعقب بالقول: "هنالك تدخل واضح من الإيرانيين في الشؤون السياسية العراقية، وهذا عن طريق علاقة بعض الأحزاب السياسية بالجارة إيران". سوريا – دمشق عندما قال أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي أن "إيران لن تسمح أن يحدث أي مكروه لسوريا وحزب الله". لم يكن الأمر مفاجئًا للكثير، فعلاقات إيران بالنظام السوري وحزب الله علاقة قوية تعرف ب "التحالف المقدس". النظام السوري الذي ساعد الحرس الثوري في الانتشار في البقاع اللبناني بعد الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية عام 1982 الذي انتهى بفرض وجود إيران وحزب الله في الجنوب اللبناني، طور علاقته مع إيران بعد ذلك لدرجة بلغت حد التحالف الاستراتيجي. وبمرور الوقت، أصبحت العلاقة أكثر وضوحًا وبات التحالف السوري الإيراني (وحزب الله جزءٌ منه) أحد المحاور في الشرق الأوسط كشكل جديد من التحالفات الدينية الطائفية. و انخرطت سوريا تمامًا ضمن المشروع الإيراني بعد وصول بشار الأسد للسلطة خلفًا لوالده عام 2000، وأصبح النفوذ الإيراني أكثر قوة ووضوحًا في القرار السياسي السوري. ومنذ بداية الثورة السورية أعلنت إيران دعمها للأسد سياسيًا، عسكريًا وماليًا. وتعتبر إيران سقوط الأسد خطرًا على أمنها القومي. وأكدت مصادر عدة أن وحدات إيرانية خاصة انتقلت إلى سوريا لقمع الثورة وبسط سيطرتها على الهلال الشيعي.