* 25 مليون لغم تفخخ أرض العباسيين* قال مسؤول إيراني رفيع المستوى، إن المسيحيين الأشوريين ناشدوا بلاده بتوفير الأمن لهم في العراق، معتبراً أن بلاده أصبحت (رائدة في مواجهة الإرهاب)، في ذريعة أخرى على ما يبدو للمشاركة مع القوات العراقية في المعركة التي ستشهدها مدينة الموصل مستقبلا، لانتزاعها من مقاتلي الدولة الإسلامية. وقال أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، إن ممثل الآشوريين في العالم، دعا إيران إلى توفير التدريب والأسلحة للمساعدة على ضمان أمن الأشوريين في العراق . وأضاف شمخاني -وفقا لما نقلته عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إرنا - أن هذا يدل على أن مساعدات الجمهورية الإسلامية ليست مقتصرة على مجموعة معينة أو معتقد معين، وأنه حينما يتعلق الأمر بمحاربة الإرهاب فإنه يعتبر أن إيران داعمة ورائدة في مواجهة هذه الآفة . وقبل نحو أسبوع احتشد حوالي 200 أشوري إيراني أمام مبنى الأممالمتحدة في العاصمة طهران، للمطالبة بحشد دولي من أجل مواجهة -ما أسموه- تجاوزات مقاتلي داعش حيال الأقليات المسيحية في سورياوالعراق. وتمتلك إيران تواجدا عسكريا لافتا في العراق، ظهرت من خلال قواتها ومعداتها العسكرية في المعارك التي تشهدها مدينة تكريت منذ ما يزيد عن أسبوعين، حيث تقاتل عناصرها ضمن الحشد الشعبي الشيعي الذي يقاتل مسلحي الدولة الإسلامية بقيادة قاسم سليماني الجنرال في الحرس الثوري الإيراني. واعترف قائد القوة البرية في الجيش الإيراني العميد أحمد رضا بوردستان، أن 5 ألوية من القوات الإيرانية توغلت داخل الأراضي العراقية بعمق 40 كيلومترا، منذ جويلية الماضي. مليشيا مسيحية مسلحة كانت العراق قد شهدت تخريج أول دفعة من مليشيا مسيحية مسلحة دربتها قوات البيشمركة الكردية، تحمل اسم (دويخ نوشا Dwekh Nawsha)، أغلب عناصرها مسيحيين وافدين من خارج العراق، هدفهم المعلن قتال مسلحي الدولة الإسلامية واستعادة بلدات كان يسكنها مسيحيون في سهل نينوي بالمحافظة التي يسيطر التنظيم على أجزاء منها. وهناك معركة أخرى أكبر من تلك التي تجري في تكريت الآن، أعلنت الحكومة العراقية عن قرب موعدها في محافظة نيوي، للسيطرة على مدينة الموصل مركز المحافظة التي خضعت لسيطرة مسلحي الدولة الإسلامية منتصف العام الماضي، وتحظي تلك المعركة باهتمام كبير من قبل أمريكا، وقد تتخذ إيران الآشوريين الذين طردهم داعش من بلداتهم في سهل نينوي ذريعة للمشاركة في تلك المعركة. ومن الملاحظ أن وجود تنظيم الدولة الإسلامية داعش في العراق أصبح ذريعة لإيران لبسط هيمنتها على مفاصل القرار الأمني والعسكري والسياسي في العراق، الذي امتلئت شوارعه هذه الأيام بصور الخميني والخامنئي، بالإضافة إلى صور قادة إيرانيين قتلوا خلال معارك تكريت. ألغامُ العراق.. الموت الكامن تحت التراب يختبئ الموت في كل زاوية من بلاد ما بين النهرين. دائماً ما كان العراقيون عرضة للموت، بسبب السيارات المفخخة والقنابل والصواريخ والعبوات الناسفة. هي أشبه برحلة طويلة من الخوف والألم والموت على امتداد العقود الماضية، بدءاً من المحافظات الحدودية مع إيران (جنوباً)، كالفاو والبصرة وميسان وواسط وديالى، وصولاً إلى إقليم كردستان شمالاً، حيث دارت رحى الحرب العراقيةالإيرانية. حروبٌ خلّفت وراءها حقولاً من الألغام، ما زالت تقتل العراقيين حتى اليوم. في السياق، يقول خبير الألغام، مختار الماجدي، (بدأت قصّة العراقيين مع الألغام في العراق منذ أربعينيات القرن الماضي، لكنها كانت محدودة جداً ولم يظهر تأثيرها بشكل واضح. إلا أن بدايتها الحقيقية كانت نهاية الستينيات مع بدء المناوشات بين العراقوإيران عام 1969 من جهة، وبدء الاقتتال بين الحكومة في بغداد والأكراد المطالبين بالاستقلال في شمال البلاد من جهة أخرى. زُرعت الحدود الشرقية بين البلدين بأعداد كبيرة من الألغام، وتحديداً مناطق الفاو والبصرة في أقصى جنوبالعراق، وصولا إلى الشمال، مروراً بالمدن الحدودية مع إيران في العمارة وخانفين ومندلي وزرباطية وبدرة). يضيف: (مع بداية الحرب العراقيةالإيرانية عام 1980، ازداد عدد الألغام المزروعة بين البلدين، لتليها حرب الخليج عام 1991، والتي زادت من نسبة انتشار الألغام بشكل مخيف، ثم الحرب التي قادتها الولاياتالمتحدة ضد العراق عام 2003، والتي خلفت ملايين القذائف والذخائر والقنابل العنقودية). يُتابع الماجدي مع وصول القوات الإيرانية إلى الحدود العراقية آنذاك، زرع الجيش العراقي ملايين الألغام على طول الشريط الحدودي، بدءاً من الفاو والبصرةجنوباً، وصولاً إلى نقطة الحدود العراقية التركية شمالاً. وامتلأت مساحات شاسعة بين البلدين بالألغام. كذلك، زرعت أعداد كبيرة من الألغام على الحدود بين العراق والكويت والسعودية، إبان حرب الخليج . تقارير الموت تُشير التقارير إلى وجود أكثر من 25 مليون لغمٍ مزروع في عدد من المناطق الحدودية، وهو الرقم الأعلى عالمياً. ويحتل العراق المركز الأول بين دول العالم (لناحية انتشار الألغام) بحسب التقارير الدولية. ويوضح رئيس (المركز العراقي لمكافحة الألغام)، محمود الصالحي، أن مساحات شاسعة في العراق ملوثة بالألغام، وتمتد على مساحة 1840 كيلومتراَ مربعاً، وتنتشر في 15 محافظة من أصل 18. كذلك، تصل كلفة إزالة اللغم الواحد إلى 350 دولارا، ما يعني أن العراق بحاجة إلى مبالغ خيالية وخطة طويلة الأمد لتنظيف الأراضي العراقية بشكل كامل . ويوضح أن العائق الأساسي يكمن في عدم وجود خرائط لحقول الألغام التي زرعت في عهد النظام السابق. ويوضح الصالحي أن (29 ألف عراقي لقوا مصرعهم، بسبب الألغام منذ نهاية الثمانينيات وحتى اليوم، خمسة في المائة منهم مهددون بالموت بانفجار لغم، و90 في المائة من ضحايا الألغام هم مدنيون، غالبيتهم أطفال دون سن 14 عاماً. فيما بترت أطراف أكثر من 70 ألف عراقي، بسبب انفجار الألغام الأرضية والقذائف، ما أدى إلى انتشار المنظمات والجمعيات المعنية بالأشخاص المعوقين . وذكرت تقارير سابقة للأمم المتحدة أن عدد ضحايا الألغام في العراق بلغ أكثر من 29 ألفا منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، إبان نهاية الحرب العراقيةالإيرانية. وأضافت أن 1.6 مليون عراقي معرضون لخطر الألغام والقنابل والذخائر، في نحو أربعة آلاف تجمع سكني في عموم العراق . في السياق، كشف تقرير نشرته المنظمة العراقية لإزالة الألغام عن وجود 25 مليون لغم في العراق، 10 ملايين منها في إقليم كردستان شمالاً، فضلاً عن ثلاثة ملايين طن من القنابل والصواريخ غير المنفجرة، و1682 منطقة صنفت بالخطرة لاحتوائها على قنابل عنقودية، وأكثر من 4446 منطقة خطرة تحتوي على قذائف وذخائر مختلفة، و94 منطقة خطيرة للغاية في حقول الرميلة جنوبالعراق، تحتوي على القنابل العنقودية والمخلفات الحربية الملوثة باليورانيوم المنضّب الذي استخدمه الجيش الأميركي في حرب الخليج. من جهة أُخرى، يقول عضو جمعية المعوّقين ، ممدوح عبدالصمد، ل العربي الجديد إن هناك أكثر من 70 ألف معوّق بسبب انفجار الألغام الأرضية والقنابل، 10 آلاف منهم في البصرة فقط، وتتراوح أعمار 80 في المائة منهم بين ال14 و35 عاماً، غالبيتهم تعرضوا إلى بتر أرجلهم . وفي السياق نفسه، أعلنت حكومة إقليم كردستان أن ستة آلاف مواطن قتلوا، فيما تعرض ثمانية آلاف آخرين إلى إصابات خلفت لديهم إعاقات نتيجة انفجار الألغام الأرضية منذ عام 1991. وحذّرت بعض الجهات المتخصصة في الإقليم المواطنين من الاقتراب من مناطق انتشار الألغام. ويعد إقليم كردستان من أكثر المناطق تضرراً بسبب الألغام، بعد البصرة وميسان، منذ نهاية الحرب العراقيةالإيرانية عام 1988.