هي امرأة طيبة وحنونة لكن للأسف من حولها رأوا في تلك الصفات سذاجة فاستغلوها أبشع استغلال وكانت نهايتها بالشوارع والفرار إلى بيوت الله للمبيت بحثا عن الأمان وهروبا من الذئاب البشرية التي تتربص بالخلق عبر الشوارع، التقينا بعلجية البالغة من العمر 45 سنة فروت لنا فاجعتها في إخوتها، والمأساة التي تجرعتها أظهرتها وكأنها تكبر عن ذلك العمر بسنين طويلة، كانت تبتسم على الرغم من المعاناة التي مرت بها في بيت العائلة وبالشارع وراحت تسرد قصتها التي تشده لها العقول وتقشعر لها الأبدان، فطيبتها لم تشفع لها عند الآخرين لنيل المعاملة الحسنة وحصل العكس. تقول علجية: (كنا في الريف وبالتحديد ببلاد القبائل وكنا نعيش عيشة بسيطة في كنف الوالدين مع الإخوة، وعندما بلغت سن العشرين استعجل أهلي تزويجي وكنت لأول طارق طرق باب البيت، وامتناع البنت عن الزواج هو من الأمور المحظورة بالبادية، فما كان عليّ إلا القبول والرضوخ فلا كلمة لي أمام قرار الأب والإخوة، تزوجت وتمنيت الهناء لكن لم أجد إلا الشقاء مع زوج معتوه احتملته لعشر سنوات لكن بعدها قررت الفراق خاصة وأن الحالة الهيجانية التي باتت تنتاب زوجي كانت خطرا علي فكان لي الطلاق وعدت إلى بيت العائلة، لكن لم أجد نفسي مثلما كنت في السابق بل صار مكاني بالعائلة مسودا يغشاه الظلام بعد طلاقي وعانيت كثيرا لاسيما بعد وفاة الوالد، بحيث أن إخوتي كانوا يضربونني كثيرا بسبب وبدونه وواجهت المعاملة القاسية أيضا من زوجاتهم لكنني صبرت وكان أملي كبيرا بحضور الوالدة وغاب ذلك الأمل يوم وفاة الوالدة، وفي اليوم الموالي لدفنها واجهت ضربا مبرحا من طرف شقيقي ابن أبي وأمي وقال لي (اذهبي أمك ماتت ولا بقاء لك في المنزل فهو ملك لي ولزوجتي وأطفالي)، وبعد أن نفد صبري من المعاملة القاسية رحلت عن البيت واتجهت إلى العاصمة أين ذقت العذاب في التنقل من شارع إلى آخر ومن بيت لآخر، وفي الغالب أفر إلى المسجد للمبيت ووجدت فيه الموضع الآمن لي، إلى أن لحقت ساعة الفرج وشاء القدر أن أرزق ببيت مستقل ويكتب على اسمي وهو اليوم الموعود الذي لم أكن أنتظره أبدا لكن دعوات الخير التي تلقيتها من الوالدين جعلت أبواب السعد والفرج تفتح لي واليوم أنا أنعم منذ ثمانية أشهر ببيت مستقل، وأقفل الباب على نفسي وأحس بإحساس الاطمئنان، واليوم عاد إخوتي كلهم إليّ، لكن واجهتهم بالصد خاصة وأن نواياهم سيئة جدا وحاولوا استغلال طيبتي للانقضاض على البيت إلا إنني تشجعت وشكوتهم للأمن وللأشخاص الذين قدموا لي الحماية في سنوات قهري من طرف أقرب الناس، واليوم أنا أحمد الله على هذه النعمة، وكانت مصيبتي في اخوتي بانفتاح أبواب الفرج بقدرة الله تعالى، وأمنيتي اليوم الحصول على عمل وجلب طفلة من دور الحضانة لتؤنس وحدتي وأكمل معها مشوار حياتي وأغدقها بالحنان لتغدقني هي بالحنان بعد كبرها، ذلك الحنان الذي افتقدته بعد موت والدي وختمت قصتها بالقول حسبي الله هو نعم الوكيل.