الأخت الكبرى في المجتمعات العربية عامة والمجتمع الجزائري خاصة الأم الثانية أو أحيانا بديلا عندما تغيب الأم فهي التي تحرص على راحة أخواتها الصغار فتمد لهم يد المساعدة وتغمرهم بالحنان وتكون هي المسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة وتنصت لهم وتحضر لهم كل ما يطلبونه وتهتم بسعادتهم وتنسى نفسها حتى تجد أن الزمن مرّ دون شعورها وهي لم تفكر في مستقبلها. تعد الأخت الكبرى في العائلة الجزائرية (ركيزة الدار) لأنها عادة ما تكون الساعد الأيمن لوالدتها تعينها على تربية أشقائها الصغار والأعمال المنزلية، ليس هذا فحسب فكثيرا ما تصبح هذه البنت صديقة أبيها وبئر أسراره، وعندما يغيب والداها تقدم الغالي والنفيس حتى تحاول أن تحافظ على شمل إخوتها، لكن المؤسف في الأمر أنها تجد نفسها في طي النسيان في الكثير من الأحيان. ضحت بمستقبلها لأجلهم بهية من العاصمة هي الأخت الكبرى في أسرتها تبلغ من العمر45 سنة واحدة من النساء اللائي قدمنا تضحيات جسام في سبيل عائلتها، حدثتنا عن قصتها فقالت: (أنا أكبر إخوتي في البيت لذلك كانت تعتمد عليّ أمي في مساعدتها في تربية اخوتي الصغار الذين كانوا يطلبون مني أي شيء يريدونه حيث أصبحوا لا يستطيعون الاعتماد على أنفسهم، وعندما أريد الذهاب إلى أحد أقربائي لأمضي أياما لا أمكث إلا أياما ويتصلوا بي عبر الهاتف ليسألوا عن موعد رجوعي للبيت لأنهم تعودوا عليّ حتى في أبسط الأمور فيما يتعلق بملابسهم وأكلهم فأجد نفسي مضطرة للعودة إلى البيت لألبي طلباتهم وحتى أنا لا أستطيع فراقهم لأن بالي يظل مشغولا عليهم لأني لازلت أعتبرهم صغارا مهما كبروا، توفيت أمي بمرض عضال وبقيت أنا المسؤلة عنهم وعن والدي المريض وقد رفضت كل خاطب طرق بابي خوفا أن يتشتت إخوتي من بعدي). لم أنل جزاء حسنا.. زهية هي الأخرى أخت كبرى تبلغ من العمر 56 ربيعا، وهبت حياتها لتربية ورعاية أخواتها بعد وفاة أمها التي تركتها آنذاك تبلغ من العمر 30 ربيعا فقررت أن تعوض أمها ولا تترك عائلتها تنهار بعد وفاة أمها، خصوصا وأن والدها تزوج مرة أخرى وجلب لهم زوجة الأب إلى المنزل، روت لنا قصتها فقالت: (كانت وصية أمي لي قبل موتها هي أن أزوج أخي الوحيد بين 6 بنات لأنها لطالما حلمت أن تراه عريسا فعملت بوصيتها، فزوجت جميع شقيقاتي وبعدهن زوجت شقيقي، وبقيت أعيش معه ومع زوجته في البيت بعدما قرر والدي أن يأخذ زوجته ويعيش معها في تيزي وزو مسقط رأسه، وقد عملت دائما على العناية والاهتمام بشقيقي وزوجته وأبنائه ونسيت نفسي ولم أفكر حتى في الزواج وفي في كل مرة كان يأتيني خاطب يطلبني للزواج كنت أرفض لأنني لم أكن أستطيع تركهم، واليوم جزائي هو أن أخي المتزوج يصرخ علي ولا يكلمني لمدة طويلة كلما تناقشت مع زوجته على أمور تافهة ويعتبرني دائما أنا المخطئة المهم أن لا تغضب منه زوجته، بل أبعد من ذلك أصبح يطلب مني أن أذهب وأعيش عند والدي في تيزي وزو وأترك له البيت حتى تجد زوجته راحتها فيه، ولم أرد أن أخبر والدي بما يفعله معي حتى لا يطرده من المنزل العائلي الذي نعيش فيه). خدمتهم.. فحطموا مستقبلها ومن بين الشقيقات المضطهدات أيضا ربيعة صاحبة 48 ربيعا هي الأخرى روت لنا قصتها مع أشقائها قالت: (بعد أن توفيت أمي مسكت مسؤولية البيت بكاملها وكنت أرعى اخوتي وحاولت أن أكون لهم الأم التي غابت عنهم لأني البنت الوحيدة في أسرتي، وعملت جاهدة أن أرضيهم وأغمرهم بالحنان والعطف ولما كبروا بدأت في التفكير في مستقبلي لأني على يقين أن بعد أن يتزوجوا ينسون أن كان لهم أخت رعتهم واهتمت بهم فبلغني نصيب الزواج، ولكن تفاجأت بقرار اخوتي الذين رفضوا الرجل الذي جاء لخطبتي وقلت ممكن أنهم على حق وأنه ليس الرجل المناسب، ولكن كان الأمر يتكرر في كل مرة فهم كانوا يرفضون أي رجل يأتي لطلبي إلى الزواج لأنهم أنانيون ولا يفكرون إلا في أنفسهم بعد أن كنت لهم الأم والأخت في نفس الوقت).